الديوان الملكي: وفاة والدة صاحبة السمو الملكي الأميرة فهده بنت فهد بن خالد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود    فالفيردي : سنلعب بعقلية الفوز .. و"بيدري": الكلاسيكو يمنحنا الحماس لتحقيق اللقب    نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الإمارات يصل إلى الرياض    فحص الزواج غير مطابق ولكن قيس يريد ليلى    أوكرانيا تكشف تعاون كوريا الشمالية مع روسيا بأسر الجنود    المكسيك ترسل أفراد إطفاء إلى أمريكا للمساعدة في إخماد حرائق كاليفورنيا    ضبط يمنيين في جازان لترويجهما (56) كجم "حشيش"    المملكة توزّع 2.952 من السلال الغذائية والحقائب الصحية في بلدة جنديرس بحلب السورية    إحباط هجوم داعش يؤكد جدية القيادة السورية في مكافحة الإرهاب    الفهود تسقط النمور    رابطة العالم الإسلامي تطلق من إسلام آباد «مبادرة تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة»    للمملكة أهداف أنبل وغايات أكبر    المملكة تدين الهجوم الذي استهدف القصر الرئاسي في عاصمة تشاد    القبض على 7 وافدين ظهروا بمشاجرة في عسير    10 فائزين بجائزة صيتة للتميز الاجتماعي    التعاون يتغلّب على القادسية بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    لقاح الإنفلونزا والغذاء الصحي.. نصائح مهمة للوقاية من نزلات البرد    الإمارات ولبنان يتفقان على إعادة فتح سفارة أبوظبي في بيروت    الشاب "موسى النجم" يدخل "القفص الذهبي"    رقم قياسي جديد لموسم الرياض بأكثر من 16 مليون زائر    تشييع الحربي صاحب ال 50 حجة في مقبرة الوجه    «ضاع قلبي في جدة».. نوال الكويتية ورابح صقر يشعلان ليل العروس بحضور جماهيري كبير    المنافذ الجمركية تسجل أكثر من 1900 حالة ضبط خلال أسبوع    تحديث سرعات طريق السعودية - عمان عبر الربع الخالي    فريق جامعة المؤسس يحقق بطولة السلة للجامعات    10 مليارات لتفعيل الحوافز المعيارية للصناعيين    انطلاق ملتقى " إضاءة عسير " الاثنين القادم    6 فرق تشارك في بطولة بولو الصحراء في العلا    تعددية الأعراق والألوان تتوحد معك    ولي العهد يهنئ الرئيس اللبناني ويدعوه لزيارة السعودية    الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم" لرفع الوعي لسائقي دراجات تطبيقات التوصيل    وكيل "الشؤون الإسلامية" للمشروعات والصيانة: تدشين الأدلة الفنية للمساجد إنجاز نوعي برؤية شاملة ومعايير عالمية    نادي جازان الأدبي يكرم الزميلة خلود النبهان    وصول الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة لمساعدة الشعب السوري إلى مطار دمشق الدولي    طلبة منطقة "تعليم الرياض" يعودون غداً لمدارسهم لاستكمال الفصل الدراسي الثاني    أكثر من 300 جلسة رئيسية في النسخة الثالثة من قمة المليار متابع    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    «الضباب» يحوّل رحلة ليفربول إلى كابوس    خالد عبدالرحمن ل«عكاظ»: جمعنا أكثر من 10 قصائد وننوي طرح ألبومين سامريات    البرلمان الألماني يبحث الأربعاء تفشي الحمى القلاعية في البلاد    القائد الذي ألهمنا وأعاد لنا الثقة بأنفسنا    "النقد الدولي" يتوقع استقرار النمو العالمي في 2025    ابعد عن الشر وغني له    أمين الطائف هدفنا بالأمانة الانتقال بالمشاركة المجتمعية للاحترافية    هاو لم يفقد الأمل في بقاء دوبرافكا مع نيوكاسل    ما بين الجمال والأذية.. العدار تزهر بألوانها الوردية    "لوريل ريفر"، "سييرا ليون"، و"رومانتيك واريور" مرشحون لشرف الفوز بلقب السباق الأغلى في العالم    «الغذاء والدواء» تحذّر من منتج لحم بقري لتلوثه ببكتيريا اللستيريا    بالشرقية .. جمعية الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم"    خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الحمار في السياسة والرياضة؟!    أفضل الوجبات الصحية في 2025    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحصيل ما الحكمةُ تركُهُ
نشر في الرياض يوم 21 - 12 - 2022

عدم التورط في العداوات المفتعلة من العافية التي يُفترضُ أن يحرص عليها كل إنسان، واعتياد المواجهات والصراع لأدنى سببٍ بلاءٌ لا يجدر بالمعافى أن يُقدم عليه، بل الحكمة أن يتخلص منه من ابتلي به بكل ما أمكنه من جهود..
للإنسان داران لا مهرب له عنهما، دارُ عبورٍ وتزوُّدٍ وهي الدنيا، ودارُ مصيرٍ وقرارٍ وهي الأخرى، ولا بد له من معرفة أسباب توقي الشرور المتعلقة بهما، وتعاطي ما يؤمّنه فيهما، لا سيما الأخرى التي إذا أفضى إليها لم يجد فرصةً لتصحيح خطأ ولا للاستفادة من تجربة، ومن أهم ما يؤمِّن فيهما تقدير نعمة العافية في الدين والأخلاق والمعاش، وعدم السعي إلى استجرار البلاء والتوثُّب إليه، وما من حسنةٍ دينيةٍ أو دنيويةٍ إلا وهي نعمةٌ وعافيةٌ ولها أضدادٌ من البلايا والمحن، وشأن العاقل أن يطلب العافية ويبذل أسباب الوصول إليها إذا قُدِّر عليه أن يُبتلى بضدِّها، وشأن الجاهل ألا يُدرك مقدار العافية فتتوق نفسه إلى بليَّةٍ لا يدري إلى أي مدى تُرْديه في هوَّة المتاعب، ولا يستشعر خطورة ما تجرُّ إليه من الرزايا والمحن، فتجده مُصرّاً على التلبس بأشياء فيها تبعاتٌ وصعوباتٌ الحزمُ الهربُ منها لا التهافتُ عليها، وتحصيلُ ما الحكمةُ تركُهُ خطيرٌ ومن أخطره أمور:
أحدها: ما يتعلق بالتدين، وكل ما سوى الحنيفية السمحة مما يمكن أن يُتعبَّدَ به فهو مطلوبُ الفقدِ واجبُ التركِ، لن يجني صاحبه في الآخرة إلا الندم والخسران، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، فالذي ابتلي بتحصيله واقعٌ في محنةٍ لو وُفِّق لحاول التخلص منها، ومما يتعلق بتحصيل ما يجب تركه في الديانات البدع والمحدثات الدينية من أفكارٍ وتصرفاتٍ لم تكن جاريةً على الهدي النبوي، ولها مراتبُ وأصنافٌ فتغلظُ بحسب غلظ البدعة وارتباطها بالاعتقادات، كما أنها تتفاوت بحسب آثارها وما يترتب عليها من المضارِّ المتعلقة بالضروريات الخمس، فمثلاً لا تُساوي البدعة الواقعة في أذكار المبتدع المخترع لها البدعةَ الواقعة في الأفكار والمناهج والتوجهات والتنظيمات؛ لأن الأثر الناشئ عن البدعة الأولى مُقتصرٌ على ديانة صاحبه ومن اغترَّ به، والخطر الناشئ عن الثانية متعدٍّ بدأ بصاحب البدعة الذي انحرف عن الصراط المستقيم، وشذَّ عن جماعة المسلمين، وشمل معه المجتمع الذي عرَّضه للأضرار المهددة للدين والأنفس والعقول والأموال والأعراض، وأخطر ما في الأمر أن الضرر الناتج عن الفكر الهدام المبتدع ليست له حدود مكانية ولا زمانية، فالفكر يبتدعه إنسانٌ في بلدٍ معينٍ فتكتوي سائر البلاد بجحيمه، ويُبتدعُ في عصرٍ فيُتنَاقَل عبر العصور حاملاً معه الدمار والوبال على الناس؛ ولهذا كان من الأهمية بمكان الانتباه لخطورة الإحداث في الدين.
الثاني: ما يتعلق بالعداوات والحزازات، فعدم التورط في العداوات المفتعلة من العافية التي يُفترضُ أن يحرص عليها كل إنسان، واعتياد المواجهات والصراع لأدنى سببٍ بلاءٌ لا يجدر بالمعافى أن يُقدم عليه، بل الحكمة أن يتخلص منه من ابتلي به بكل ما أمكنه من جهود، وأسوأ نماذج التسرع إلى العداوة ما يقع بين اثنين لهما فرصة التوادّ وأسباب الوئام، قال الحافظ ابن حبان -رحمه الله تعالى-: «والعاقل لا يُعادي مَا وجد إلى المحبة سبيلاً ولا يُعادي من ليس له منه بُدٌّ»، وإنما كان كذلك؛ لوضوح أن المواجهة هنا مجتلبة مطلوبة، وكأن المتلهف عليها الحريص على تحصيلها لا يعي المصلحة الشرعية والدنيوية الكامنة في ائتلاف القلوب، وما لسلامة الصدر وطمأنينة البال من منافع لا تُحصى، ولا يُدركُ ما في العداوات من الأضرار وضياع الأوقات والجهود، وأن ما يظنه نصراً وما يصبو إليه من النكاية بصاحبه لا طائل تحته، وهب أن فيه دفعَ متاعبٍ نشأت عن هذه المواجهة، فذلك كتحصيل ما كان موجوداً تلقائياً أيام الألفة؛ إذ لولا الحزازة لم يتهدده منه سوء.
الثالث: ما يتعلق بالأضرار المعتادة المتحقق نشوؤها عن أسبابها، كالتصرفات المهددة للصحة والسلامة العامة، فالعاقل يتحاشى هذه الأمور، ويعلم أن العافية أهم من أن يتعاطى سبباً يسلبها، والجاهل مُولعٌ بها إيثاراً لداعية النفس وهواها على السلامة والصيانة، وذلك كما يحصل من متعاطي المخدرات ونحوها والمتهورين المهملين لقواعد السلامة العامة بشتى أصنافها، فهؤلاء يتحدون حقائق ثابتة تؤكد أن ما يُقدمون عليه يخرج متعاطيه من السلامة بمجرد انخراطه فيه، ولا يلتفتون إلى إطباق الأنظمة والأعراف على تجريم ما يفعلون، فيرمون وراءهم تعليماتها، ويقعون في البلاء من جهتين: جهة الإقدام على أسباب الهلاك، وجهة تجاهل الأنظمة والقوانين التي وُضعت لحماية الناس وكفهم عن المفاسد، هذا مع كون المفاسد الناتجة عن جماحهم متعدية إلى غيرهم؛ إذ لا يسلم من حولهم من التأذي بما يحصل منهم، وأول من يتأذى بذلك أسرهم التي تذوق طعم الخسارة المريرة، ولا حدود للتأذي بهم؛ فمجرد المرور بالقرب من أحدهم قد يجلب الهلاك أو التأذي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.