أمير المدينة يستقبل مدير الأحوال المدينة    بلدية القطيف تنفذ 973 جولة رقابية خلال مارس الماضي لضمان سلامة المستهلك    أمير جازان يتسلم التقرير السنوي لهيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية    رودر فين أتيلين تطلق هويتها التجارية الجديدة للارتقاء بعروضها الإقليمية والعالمية    وزارة التعليم تبدأ بالأحساء لعرض 48 تجربة متميزة في مدارس المملكة    أمانة الشرقية تبدأ أعمال الصيانة لطريق الظهران – بقيق السبت المقبل    مكافحة المخدرات تقبض على شخصين بمنطقة جازان لترويجهما (11.7) كلجم من مادة الحشيش المخدر    "ڤايبز العُلا" يعلن بدء التسجيل في معسكر رواد العُلا للحِرفيين    التجارة: تنامي السجلات التجارية المُصدرة بنسبة 48%    الذهب يرتفع 2% وسط تراجع الدولار ودخول رسوم جمركية أمريكية حيز التنفيذ    وفد سعودي يستعرض تجربة المملكة في سلامة المنتجات مع المصنعين والمصدرين في سنغافورة    مهرجان كلنا الخفجي يستقطب أكثر من 52 ألف زائر خلال أيامه الاولى    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025    "الرياض آرت" يثري المشهد الفني ضمن أسبوع فنّ الرياض    تصعيد الحوثيين لهجماتهم يُهدد الأمن الإقليمي    غوتيريش يؤكد إعاقة إسرائيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة    الفوتوغرافي السعودي محمد محتسب يُتوَّج بلقب ZEUS    السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (2-3)    وزير الخارجية يصل إلى واشنطن في زيارة رسمية    في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا 2.. التعاون يهزم الشارقة الإماراتي ويضع قدماً في النهائي    في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه دورتموند.. وباريس يخشى مفاجآت أستون فيلا    "الفطرية": ولادة خمس غزلان ريم في" الواحة العالمية"    في إنجاز عالمي جديد يضاف لسجل تفوقها.. السعودية تتصدر مؤشر تمكين المرأة في مجال الذكاء الاصطناعي    "الموارد": "الفرع الافتراضي" خفض الزيارات الحضورية 93 %    السعودية رائدة في مجال المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية    «القمر الدموي».. خسوف كلي يُشاهد من معظم القارات    10 أيام على انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية    الديوان الملكي: وفاة الأمير عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن    وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز التعاون العسكري    شدد على منع امتلاك النووي.. ترامب: محادثات مباشرة بين أمريكا وإيران    هواتف بلا "واتساب" في مايو المقبل    هدوء رونالدو وحماس بنزيما.. الهلال في مهب الريح    جازان تودّع شيخ قبيلة النجامية بحزن عميق    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في يومي الصحة والتوحد العالمي    صحيفة الرأي توقّع عقد شراكة مع نادي الثقافة والفنون    إنجاز طبي سعودي.. استئصال ورم في الجمجمة بالمنظار    تقلب المزاج.. الوراثة سبب والاتزان النفسي علاج    NASA تعجز عن إرسال رحلة للمريخ    مسبار يستقر في الفضاء بنجاح    ديربي حائل بشعار الصعود.. العين يلتقي أحد.. الجندل يواجه العدالة    باقي من الماضي والآثار تذكار    سلوكيات بريئة تشكك بالخيانة    6 أندية ترافق الخليج والهدى إلى ربع نهائي كأس اتحاد اليد    بجوائز تتجاوز 24 مليون يورو.. انطلاق "جولة الرياض" ضمن جولات الجياد العربية    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    عودة الذئب الرهيب بعد 10000 عام    الشعور بالجوع يعيد تشكيل الخلايا المناعية    أمير المدينة يلتقي قائد أمن المنشآت    روسيا: مستقبل الحد من الأسلحة النووية.. يعتمد على الثقة    فهد بن سلطان يستقبل وكلاء ومنتسبي إمارة تبوك بمناسبة العيد    الأهلي المصري يكرر فوزه على الهلال السوداني ويتأهل إلى نصف نهائي «أبطال أفريقيا»    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    أمير منطقة تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الامارة بمناسبة عيد الفطر    إطلاق اختبارات "نافس" في جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحصيل ما الحكمةُ تركُهُ
نشر في الرياض يوم 21 - 12 - 2022

عدم التورط في العداوات المفتعلة من العافية التي يُفترضُ أن يحرص عليها كل إنسان، واعتياد المواجهات والصراع لأدنى سببٍ بلاءٌ لا يجدر بالمعافى أن يُقدم عليه، بل الحكمة أن يتخلص منه من ابتلي به بكل ما أمكنه من جهود..
للإنسان داران لا مهرب له عنهما، دارُ عبورٍ وتزوُّدٍ وهي الدنيا، ودارُ مصيرٍ وقرارٍ وهي الأخرى، ولا بد له من معرفة أسباب توقي الشرور المتعلقة بهما، وتعاطي ما يؤمّنه فيهما، لا سيما الأخرى التي إذا أفضى إليها لم يجد فرصةً لتصحيح خطأ ولا للاستفادة من تجربة، ومن أهم ما يؤمِّن فيهما تقدير نعمة العافية في الدين والأخلاق والمعاش، وعدم السعي إلى استجرار البلاء والتوثُّب إليه، وما من حسنةٍ دينيةٍ أو دنيويةٍ إلا وهي نعمةٌ وعافيةٌ ولها أضدادٌ من البلايا والمحن، وشأن العاقل أن يطلب العافية ويبذل أسباب الوصول إليها إذا قُدِّر عليه أن يُبتلى بضدِّها، وشأن الجاهل ألا يُدرك مقدار العافية فتتوق نفسه إلى بليَّةٍ لا يدري إلى أي مدى تُرْديه في هوَّة المتاعب، ولا يستشعر خطورة ما تجرُّ إليه من الرزايا والمحن، فتجده مُصرّاً على التلبس بأشياء فيها تبعاتٌ وصعوباتٌ الحزمُ الهربُ منها لا التهافتُ عليها، وتحصيلُ ما الحكمةُ تركُهُ خطيرٌ ومن أخطره أمور:
أحدها: ما يتعلق بالتدين، وكل ما سوى الحنيفية السمحة مما يمكن أن يُتعبَّدَ به فهو مطلوبُ الفقدِ واجبُ التركِ، لن يجني صاحبه في الآخرة إلا الندم والخسران، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، فالذي ابتلي بتحصيله واقعٌ في محنةٍ لو وُفِّق لحاول التخلص منها، ومما يتعلق بتحصيل ما يجب تركه في الديانات البدع والمحدثات الدينية من أفكارٍ وتصرفاتٍ لم تكن جاريةً على الهدي النبوي، ولها مراتبُ وأصنافٌ فتغلظُ بحسب غلظ البدعة وارتباطها بالاعتقادات، كما أنها تتفاوت بحسب آثارها وما يترتب عليها من المضارِّ المتعلقة بالضروريات الخمس، فمثلاً لا تُساوي البدعة الواقعة في أذكار المبتدع المخترع لها البدعةَ الواقعة في الأفكار والمناهج والتوجهات والتنظيمات؛ لأن الأثر الناشئ عن البدعة الأولى مُقتصرٌ على ديانة صاحبه ومن اغترَّ به، والخطر الناشئ عن الثانية متعدٍّ بدأ بصاحب البدعة الذي انحرف عن الصراط المستقيم، وشذَّ عن جماعة المسلمين، وشمل معه المجتمع الذي عرَّضه للأضرار المهددة للدين والأنفس والعقول والأموال والأعراض، وأخطر ما في الأمر أن الضرر الناتج عن الفكر الهدام المبتدع ليست له حدود مكانية ولا زمانية، فالفكر يبتدعه إنسانٌ في بلدٍ معينٍ فتكتوي سائر البلاد بجحيمه، ويُبتدعُ في عصرٍ فيُتنَاقَل عبر العصور حاملاً معه الدمار والوبال على الناس؛ ولهذا كان من الأهمية بمكان الانتباه لخطورة الإحداث في الدين.
الثاني: ما يتعلق بالعداوات والحزازات، فعدم التورط في العداوات المفتعلة من العافية التي يُفترضُ أن يحرص عليها كل إنسان، واعتياد المواجهات والصراع لأدنى سببٍ بلاءٌ لا يجدر بالمعافى أن يُقدم عليه، بل الحكمة أن يتخلص منه من ابتلي به بكل ما أمكنه من جهود، وأسوأ نماذج التسرع إلى العداوة ما يقع بين اثنين لهما فرصة التوادّ وأسباب الوئام، قال الحافظ ابن حبان -رحمه الله تعالى-: «والعاقل لا يُعادي مَا وجد إلى المحبة سبيلاً ولا يُعادي من ليس له منه بُدٌّ»، وإنما كان كذلك؛ لوضوح أن المواجهة هنا مجتلبة مطلوبة، وكأن المتلهف عليها الحريص على تحصيلها لا يعي المصلحة الشرعية والدنيوية الكامنة في ائتلاف القلوب، وما لسلامة الصدر وطمأنينة البال من منافع لا تُحصى، ولا يُدركُ ما في العداوات من الأضرار وضياع الأوقات والجهود، وأن ما يظنه نصراً وما يصبو إليه من النكاية بصاحبه لا طائل تحته، وهب أن فيه دفعَ متاعبٍ نشأت عن هذه المواجهة، فذلك كتحصيل ما كان موجوداً تلقائياً أيام الألفة؛ إذ لولا الحزازة لم يتهدده منه سوء.
الثالث: ما يتعلق بالأضرار المعتادة المتحقق نشوؤها عن أسبابها، كالتصرفات المهددة للصحة والسلامة العامة، فالعاقل يتحاشى هذه الأمور، ويعلم أن العافية أهم من أن يتعاطى سبباً يسلبها، والجاهل مُولعٌ بها إيثاراً لداعية النفس وهواها على السلامة والصيانة، وذلك كما يحصل من متعاطي المخدرات ونحوها والمتهورين المهملين لقواعد السلامة العامة بشتى أصنافها، فهؤلاء يتحدون حقائق ثابتة تؤكد أن ما يُقدمون عليه يخرج متعاطيه من السلامة بمجرد انخراطه فيه، ولا يلتفتون إلى إطباق الأنظمة والأعراف على تجريم ما يفعلون، فيرمون وراءهم تعليماتها، ويقعون في البلاء من جهتين: جهة الإقدام على أسباب الهلاك، وجهة تجاهل الأنظمة والقوانين التي وُضعت لحماية الناس وكفهم عن المفاسد، هذا مع كون المفاسد الناتجة عن جماحهم متعدية إلى غيرهم؛ إذ لا يسلم من حولهم من التأذي بما يحصل منهم، وأول من يتأذى بذلك أسرهم التي تذوق طعم الخسارة المريرة، ولا حدود للتأذي بهم؛ فمجرد المرور بالقرب من أحدهم قد يجلب الهلاك أو التأذي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.