مثلما بدأ انتهى مونديال قطر "2022" بمشاهد رائعة وشكل مغاير، يعكس قدرة الدوحة ونجاحها على تنظيم وإدارة أكبر تظاهرة رياضية يشهدها كوكب الأرض، والوصول بها إلى بر الأمان؛ لتخرج بنسخة مونديال للتاريخ، ستظل الأفضل والأروع بين بقية النُسخ الأخرى السابقة. وعلى مدار 29 يوماً - هي عمر المونديال - نجحت قطر في رسم الانبهار على ملامح أكثر من 5 مليارات مشاهد حول العالم، استمتعوا بمشاهدة 64 مباراة مثيرة، إلى أن بلغت الإثارة ذروتها في المباراة النهائية بين فرنساوالأرجنتين، ونجحت الأخيرة بالفوز بالكأس الغالية، وسط إشادات المسؤولين والحضور بأن قطر صنعت المعجزة على أرض الواقع، ومنحت العالم بطولة يتحاكى بها تاريخ كرة القدم الدولي. وكان لدول الخليج العربية دور في مساندة قطر ودعمها في تنظيم كأس العالم، من خلال تسهيل مرور المشجعين عبر أراضيها وصولاً إلى الدوحة، وفي هذا الإطار سبق أن وجّه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي شرف حفل افتتاح البطولة، كل الجهات الحكومية بتقديم أي دعم إضافي لقطر في استضافة المونديال، مدركاً سموه أن الدوحة في تنظيم البطولة لا تمثل نفسها فحسب، وإنما تمثل الدول العربية والإسلامية أمام العالم. الانبهار في مونديال قطر لم يقتصر على التنظيم والإعداد والإدارة، وإنما امتد إلى أداء المنتخبات العربية المشاركة فيه، التي حققت قفزة استثنائية، سيسجلها لها تاريخ كرة القدم، وكانت بداية الانبهار عندما تفوق المنتخب السعودي في أولى مبارياته على الأرجنتين بطل الكأس، وقلب تراجعه إلى فوز مستحق، وسط اندهاش العالم بعزيمة الصقور الخُضر، وبلغ الانبهار مداه بتفوق المنتخب المغربي على منتخبات عالمية كبرى، مخترقاً الطريق إلى المربع الذهبي للبطولة، في إشارة إلى أن العرب قادمون وبقوة في النسخ المقبلة للمونديال. ما حققته قطر في تنظيم المونديال بهذا الشكل المشرف يؤكد حقيقة راسخة، بأن الدول العربية عامة، والخليجية على وجه الخصوص قادرة على تكرار التجربة، واستضافة البطولات الكبرى برؤية مختلفة، تعكس التقاليد الخاصة، والهوية العربية والإسلامية، وهو ما تسعى إليه المملكة في الفترة المقبلة، ضمن مستهدفات رؤية "2030" بتحقيق قفزة رياضية، وإعادة كتابة التاريخ الرياضي السعودي من جديد، بتحقيق حزمة من الإنجازات، واستضافة البطولات الكبرى على أرض المملكة.