خطة التعاون الدفاعي مع بريطانيا لتوطين الصناعات العسكرية وتعزيز الأمن المشترك ارتهنت توازنات القوى العالمية السياسية، بالقوة الاقتصادية والنفطية والعسكرية وتقنية البيانات الضخمة الرقمية، وظهرت نظريات جديدة في العلاقات الدولية، من أهمها المنافع المتبادلة وفق المصالح المشتركة، بعيدا عن الإملاءات والتدخلات والهيمنة والتحرك شرقا وغربا، وتبنت المملكة هذا الحراك لتحقيق مصالحها الاستراتيجية العليا سواء العسكرية أو الاقتصادية والسياسية وسخرت دبلوماسية التنمية والسلام، بمفهومه الاستراتيجي الشامل من خلال تعظيم الشراكات الاقتصادية، وتعضيد التحالفات الاستثمارية وتقوية العلاقات الدفاعية والعسكرية مع الشركاء، في الشرق والغرب، كون دبلوماسية التنمية والسلام، تحقق الأمن وتبعد الدول عن استخدام القوة، لأن الحرب تهدد حالة الرفاه والرخاء. استثمار العلاقات ودبلوماسية التنمية والسلام التي أطلقتها المملكة مع شركائها في الشرق فهي ببساطة تتمحور في استثمار علاقات الدولة بالدول الأخرى من أجل تبادل المصلحة الاقتصادية وتحقيق التنمية للبشرية، مواكبة التطورات الحاصلة في السياسة العالمية وتحديد الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافها، ولذلك أصبح تعزيز المصالح المتبادلة للمملكة، وبناء جسور الصداقة والشراكة، في عالم متحرك ومتغير لايمكن فيه الانعزال والانكفاء على الذات، لما تحظى به المملكة من تقدير دولي من واقع ما تتمتع به من استقرار سياسي وازدهار اقتصادي وقوة أمنية وسياسية ونفطية وروحانية. اختراقات عالمية وفي خمسة متتالية أيام حققت دبلوماسية التنمية والسلام السعودية اختراقا عالميا كبيرا من خلال القمم الثلاثة السعودية الصينية والخليجية والعربية، وردفت المملكة هذا الإنجاز العالمي، باختراق آخر بتعزيز شراكتها مع الغرب، من خلال توقيع سمو وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان مع نظيره البريطاني والاس، خطة التعاون الدفاعي، التي تهدف إلى تطوير قدرات وزارة الدفاع السعودية، وتوطين الصناعات العسكرية، وتعزيز الشراكة بين البلدين في المجال العسكري والدفاع.. لندنوالرياض شراكات متنوعة وأكد مراقبون خليجيون أن المملكة أثبتت من خلال حراكها مؤخرا، أن شراكتها مع الشرق وتحديدا مع الصين، لاتعني إطلاقا، ابتعادها عن حلفائها في الغرب، خصوصا مع بريطانيا حيث توصف العلاقات بين الرياضولندن، بأنها علاقة تاريخية متميزة، أصبحت في مصاف الشراكة الاستراتيجية، وبريطانيا واحدة من كبرى الدول في المحيط العالمي، التي تحظى باستثمارات مليارية وشراكات نفطية واقتصادية مع المملكة، فضلا عن التعاون الكبير في الجوانب العسكرية والأمني خصوصا. إن المملكتين تربطهما شراكة استراتيجية متنوعة، ويتضح ذلك مكانة المملكة المتحدة كشريك استراتيجي في رؤية 2030 السعودية". الدفاع البريطانية: التعاون ركيزة الأمن بدورها أفادت وزارة الدفاع البريطانية بأن الجانبين تحدثا عن قوة الشراكة الدفاعية التاريخية بين بريطانيا والسعودية لأكثر من نصف قرن، على أساس الالتزام المشترك بالسلام والاستقرار وتعزيز الأمن المتبادل والإقليمي". ووصفت وزارة الدفاع البريطانية اتفاق التعاون الدفاعي مع السعودية ركيزة هامة لدعم الأمن المشترك والإقليمية. وتوقّع مراقبون أن تساهم هذه الاتفاقية في دفع التعاون العسكري والأمني بين الرياضولندن إلى الأمام، بالنظر إلى ما تتمتع به العلاقات الدفاعية والأمنية بين البلدين من مميزات خاصة على صعيد التسليح والتعليم والتدريب والتشاور المنتظم وبناء القدرات، مما يمنح الرياض على وجه الخصوص خيارات عسكرية واسعة. وقالت المصادر إن المملكة لها مصالح استراتيجية مع بريطانيا والتوقيع على مع لندن خصوصا أن المملكة لتعزيز قدراتها العسكرية مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية في المنطقة. وتأتي الاتفاقية السعودية – البريطانية بعد أقل من خمسة أيام، على توقيع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الصيني شي جينبينغ، في الرياض، اتفاقية تاريخية هي الأولى من نوعها للشراكة الاستراتيجية الشاملة، فضلاً عن عشرات الاتفاقيات الاقتصادية التي يتوقع أن تساهم في رفع مستوى التبادل التجاري وتدفع مستوى التجارة البينيّة إلى آفاق أرحب. ومع توجّه الرياض ناحية تطوير علاقاتها الاستراتيجية وتوسيع دائرة الشركاء في العالم، في الغرب والشرق التعاون مع شركاء آخرين في الشمال والجنوب، في ملفات مثل أمن الطاقة والمتغيرات المناخية والسلام والأمن والطاقة، والتعاون العسكري يتوافق مع مصالحها ويوسّع نظرتها للشركاء المحتملين القادمين في ظل تحدّيات خطيرة تحيق بالشرق الأوسط والعالم. ودخلت العلاقات بين الرياضولندن مرحلة جديدة من التعاون بعد تأسيس مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي البريطاني، الذي عقد اجتماعه الأول في العاصمة البريطانية لندن (مارس 2018)، وعكس تأسيسه عمق العلاقات بين البلدين وحرصهما على تعزيزها، والالتزام بشراكة استراتيجية أعمق لخدمة المصالح المشتركة. ويمثل مجلس الأعمال السعودي البريطاني بمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية قناة مهمة لتعزيز وتطوير حجم التعاون القائم بين البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة لهما في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والاستفادة من الفرص التي تتيحها برامج رؤية 2030، والمشاريع الكبرى التي أطلقتها السعودية في مختلف المجالات. وتعتبر السعودية الشريك التجاري الثالث للمملكة المتحدة في المنطقة من حيث حجم التبادل التجاري، ويبلغ متوسط التبادل التجاري 6 مليارات دولار لآخر خمس سنوات، كما تشير الإحصاءات الخاصة بحجم التبادل التجاري إلى زيادة الصادرات السعودية إلى بريطانيا نسبياً مقارنة بالسنوات الماضية، ويتطلع الجانبان السعودي والبريطاني إلى الانتهاء من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بينهما، والمستهدف توقيعها خلال العام 2022. وتطورت العلاقات الاستثمارية والشراكات التجارية بين البلدين، إذ نمت الاستثمارات البريطانية في السعودية عن العام 2019 بنسبة 200%، ويتجاوز عدد الشركات البريطانية المرخصة للاستثمار في السوق السعودية 500 شركة برأس مال يزيد على 6 مليارات دولار، كما توجد 200 شركة تضامنية بين الجانبين. ولدى الجانبان السعودي والبريطاني قواسم مشتركة إزاء القضايا السياسية ومن اهمها إيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفق المرجعيات الثلاث وقرارات مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى معالجة الأزمات القائمة في كل من سورية والسودان وليبيا وأفغانستان، وضرورة التوصل اتفاق سلام للقضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين، وعلى أساس مبادرة السلام العربية. كما تحرص السعودية والمملكة المتحدة على تعزيز تعاونهما المشترك في مجال الطاقة والصناعة، بما في ذلك الطاقة المتجددة وقد أطلق البلدان حوار الطاقة والصناعة الوزاري السعودي - البريطاني، وتم توقيع مذكرة تفاهم حول الطاقة النظيفة، ويسعى البلدان إلى التعاون في مجالات عدة رئيسية ذات أولوية، ومن ذلك التعامل مع تحديات النمو النظيف والذكاء الاصطناعي. استدامة أمن أسواق البترول كما يحرص البلدان ايضا على استقرار وموثوقية واستدامة وأمن أسواق البترول العالمية، وتقود المملكة جهود تحالف «أوبك بلس» للحفاظ على التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين، كما يسعيان معاً إلى تعزيز تعاونهما المشترك في مجال تقنيات الطاقة النظيفة، وتفعيل التعاون بينهما في تطبيق مخرجات القمة العالمية للأمم المتحدة لتغير المناخ (Cop26)، وتنفيذ مبادرتي الشرق الأوسط الأخضر والسعودية الخضراء، وتسريع مسار التفاوض لإبرام اتفاقية للتعاون التقني بينهما في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وجذب الاستثمارات البريطانية في مشاريع الطاقة المتجددة في السعودية. وكانت وزارة الدفاع السعودية قد وقعت مع العامة للصناعات العسكرية الاسبانية، اتفاقا مع شركة نافانتيا الإسبانية لبناء سفن قتالية للقوات البحرية السعودية. وشدد الاتفاق على رفع مستوى جاهزية القوات البحرية الملكية السعودية لتعزيز الأمن البحري في المنطقة وحماية المصالح الحيوية والإستراتيجية لها، ودعم أهداف وزارة الدفاع الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية. وتتضمن الاتفاقية قيام الشركة الإسبانية بتوطين ما يصل إلى 100 في المئة من بناء السفن البحرية وتكامل الأنظمة القتالية وصيانة السفن، وبما يتماشى مع أهداف ورؤية المملكة 2030 وذلك في مواجهة تهديدات ايرانية باستهداف إمدادات النفط في مياه الخليج. توطين الصناعات العسكرية ونجحت رؤية 2030 بامتياز لتوطين الصناعات العسكرية، في تحقيق متطلبات الأمن الوطني السعودي عبر توفير كافة احتياجات القوات المسلحة السعودية، وهو ما يمثل ردعاً لأي محاولة للمساس بأمن المملكة واستقرارها أو تهديد مصالحها * من أهداف توطين الصناعات العسكرية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنحو 14 مليار ريال مع إمكانية التصدير إلى دول العالم وما يترتب عليه من تحقيق موارد إضافية للموازنة العامة . كما تستهدف الرؤية إلى توطين ما يزيد على (50 في المئة) من الإنفاق العسكري بحلول 2030. منطلقة في ذلك إلى العمل لتطوير بعض الصناعات الأقل تعقيدا، ثم مواصلة هذا المسار وصولا إلى توطين معظمها، ثم الانتقال إلى دائرة الصناعات الأكثر تعقيدًا مثل صناعة الطيران العسكري، وذلك كله من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات المباشرة في هذا القطاع، وكذلك من خلال بناء شراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة، بهدف نقل المعرفة والتقنية وتوطين الخبرات في مجالات التصنيع والصيانة والبحث والتطوير، مع العمل على إقامة مجمعات صناعية متخصصة ومتكاملة تضم الأنشطة الرئيسية في هذا المجال، بالإضافة إلى تدريب المواطنين وتأهيلهم للعمل في هذه الصناعات. وفي سبيل تحقيق ذلك، تطلب الأمر بناء المؤسسات الوطنية التي ستتحمل عبء هذه المسؤولية والعمل على ضمان نجاحها، وهو ما تحقق بالفعل من خلال العمل هيكليا وتأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية كرافد مهم في توطين الصناعة وإنشاء الشركة السعودية للصناعات العسكرية... محور ارتكاز في عملية التوطين. تعد المملكة العربية السعودية من الدول المحورية في المنطقة، وعلى مستوى العالم ولهذا يتقاطر عليها قادة الدول الإسلامية والعالمية في سياق استقبال خادم الحرمين الشريفين للتباحث حول قضايا دول العالم الإسلامي وهمومه والتباحث حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك وقضايا امن الطاقة والسلام والتنمية... لقد حققت القوات العسكرية السعودية نقلات فارقة نوعية، لفتت أنظار العالم إلى جيش لا يستهان به في المنطقة العربية والشرق الأوسط، جيش أخذ بجميع أسباب القوة من تسليح وتدريب وتطوير على أعلى المستويات.