هناك دول لا تؤيد سياسة المدن الجديدة، ولا تعدها بديلًا مجديًا عن تنمية المدن القائمة التي تعانى من مشكلات شتى، بينما تعتبرها دول أخرى الأمل في تحقيق الاستدامة الحضرية من خلال إدراج المعايير التخطيطية والتصميمية أثناء إعداد مخططاتها، ولعل من يتابع التغيرات الحادثة على الصعيد العالمي في ذلك الأمر؛ يرى أن الموجات الحالية والمستقبلية من المدن الجديدة تقودها دول العالم النامي في آسيا والشرق الأوسط ومؤخرًا إفريقيا، حيث شُرع في بنائها ضمن استراتيجية طويلة الأجل بين 30 و50 عامًا. ويأتي ذلك من خلال محاكاة أنشطة الاقتصاد العالمي، والتوسع في خلق فرص عمل، وتلبية طموحات الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة في الدول المزدهرة والنامية، في الحصول على حياة قد تبدو أكثر تطورا وتماشيا مع التطور التكنولوجي الذى يشهده العالم الآن؛ ولعل هذا ما تحققه مدن الجديدة، حيث شكل ارتفاع معدلات نمو سكان الحضر تحديا كبيرا أمام العديد من الدول؛ ومنها المملكة، حيث إنه من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان المناطق الحضرية حول العالم من 3 مليارات نسمة إلى 6 مليارات نسمة بحلول عام 2045، ويأتي ذلك تزامنا مع عدم قدرة المدن القائمة على استيعاب هذه الزيادة، وفي النهاية يجب الإشارة إلى أن العوائد من المدن الجديدة لا تقتصر فقط على المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وإنما تشتمل على عوائد ثقافية وعمرانية وبيئية؛ منها المباشر، وغير المباشر، سواء على المستوى الوطني أو الأفراد. وبالتالي فإن قياس العوائد يجب ألا يقتصر فقط على مؤشرات حجم وعدد الوحدات السكنية المقدمة من خلالها، أو مساحات الأراضي التي تم تنميتها أو استغلالها، وهو ما أدركته رؤية المملكة 2030، من خلال وضع مجموعة من المؤشرات يمكن قياسها بصفة دورية من أجل تحديد مدى جدوى السياسات النوعية المُطبقة بها، أخذه في الاعتبار أن المدن الجديدة أو التنمية العمرانية الجديدة بصفة عامة وسيلة لتحقيق الانتشار العمراني خارج حدود مدن المملكة الذي خنقها النطاق العمراني، ولكنها لا تلغي أهمية وضرورة معالجة إشكاليات العمران القائم، وذلك يعنى أن العمران القائم والجديد لا يمثلان كيانين منفصلين في السياسات، وبالتالي فإن نجاح كليهما يؤثر إيجابيًا على تحقيق الأهداف الوطنية للتنمية.. ودمتم بود.