اختتمت مساء الثلاثاء منافسات الدور الثاني (دور الستة عشر) من بطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم المقامة في قطر، ورغم الخروج المبكر للعنابي من دور المجموعات، واصلت قطر الأداء البطولي والاستثنائي في كل مراحل وأيام أول نسخة من المونديال تقام في العالم العربي. وفي ظل الانتقادات والادعاءات التي وجهت ضد قطر لأعوام خاصة من الصحف الأوروبية، كانت قطر تؤكد مرارا وتكرارا أنها تعد جماهير المونديال بتجربة استثنائية، وهو ما نجحت فيه حتى الآن، وفقا لأراء المشجعين والمشجعات الموجودين على أرضها للاستمتاع بفعاليات البطولة. ومنذ اليوم الأول من توافد المشجعين إلى أرض قطر من مختلف أنحاء العالم، وحتى ختام دور الستة عشر، لم تشهد الجوانب التنظيمية أو الأمنية أي هفوات أو حالة من التراخي، بل حافظت قطر على معايير أمن وسلامة المشجعين وضمان الاستمتاع بتجربة استثنائية، على نفس المستوى. ونجحت قطر عبر التنظيم المبهر، خلال أيام قليلة، في التصدي بشكل واضح للانتقادات التي تواصلت حتى بعد انطلاق منافسات المونديال. وفيما يتعلق بالتشكيك في قدرات قطر على استضافة المونديال واستيعاب أعداد هائلة من الجماهير من مختلف الثقافات، نجحت الدولة في الرد واجتياز الاختبار ببراعة عبر توفير تجربة سلسة وممتعة للمشجعين اعتبارا من آليات الدخول والإقامة وصولا إلى دخول الاستادات ومناطق احتفالات المشجعين والتنزه، موفرة أيضا تجربة آمنة خاصة للمشجعات وهو ما حظي بإشادة على نطاق واسع. ورغم التدفق الكبير للمشجعين في مختلف المواقع بشكل متزامن، لم يجر تسجيل أي حالات تدافع أو ارتباك سواء في أماكن التجمع أو في وسائل النقل العامة وعلى رأسها المترو (ريل قطر). كذلك قدمت قطر أبلغ رد، بشكل عملي وملموس، على الانتقادات التي طالتها إثر الإعلان الذي صدر قبل يومين فقط من انطلاق المونديال، حيث أعلن الاتحاد الدولي (فيفا) حظر بيع الجعة (البيرة) في استادات المونديال الثمانية ومحيطها، خلال فترة إقامة البطولة. وأوضح في بيانه حينها "عقب مناقشات بين سلطات الدولة المضيفة وفيفا، تم اتخاذ القرار بشأن تركيز بيع المشروبات الكحولية في مهرجان الفيفا للمشجعين، ووجهات المشجعين الأخرى والأماكن المرخصة، وإزالة نقاط بيع الجعة من محيط ملاعب كأس العالم 2022". وخلال أيام، كشف المونديال عن الجانب الإيجابي للقرار، حيث سلطت الأضواء بشكل واسع على أن حظر بيع المشروبات الكحولية في محيط الاستادات، وفر تجربة أكثر أمانا للجماهير وخاصة للمشجعات. وجاء ذلك وفقا لتصريحات عدد كبير من المشجعات لقنوات تليفزيونية وصحف منها صحف أوروبية. وقالت مشجعة برازيلية تدعى فاليسكا "هذه هي أول زيارة لي إلى قطر... أعجبني التنظيم هنا في قطر، كل شيء جميل ورائع، لم أتعرض كامرأة لأي تحرش أو أي مضايقات أو مشكلات، هنا الأمن مستتب ولا يوجد أي شيء مزعج، أنا سعيدة بأنني موجودة هنا وأتمنى أن تفوز البرازيل بهذه البطولة". وقالت الصحفية سارة حيان من موقع صحيفة "لوماتان سبورت" المغربية: "هي أول زيارة لي إلى قطر، انبهرنا كصحفيين بهذا التنظيم الرائع، ولم نكن نتوقع أن نجد الأمور سهلة بهذه الطريقة في الدوحة، شكرا كثيرا لدولة قطر على هذه الاستضافة". وأضافت "لقد نجحوا في مراعاة كل كبيرة وصغيرة، خاصة للصحفيين والمصورين، وأخص بالذكر الصحفيات، فالعنصر النسائي الموجود في هذا المونديال توفرت له كل التسهيلات لتأدية عمله على أكمل وجه". وتابعت في تصريحاتها "كمشجعة مغربية، وجدت أجواء حماسية من جميع الجماهير من مختلف المنتخبات المشاركة، وأخص بالذكر المغربيين والتونسيين، فقد كانت الجماهير منتشرة في جميع الأماكن ومنها سوق واقف وكتارا. الجماهير العربية لعبت دورا مهما في الأجواء الحماسية، خاصة الجماهير المغربية والتونسية التي كانت من أبرز الجماهير التي ساندت منتخباتها بشكل ممتاز". وتابعت "أنا كامرأة وصحفية، لم أتعرض لأي تحرش، هناك احترام كامل من جانب الأمن والجماهير، نشعر هنا بالأمن والأمان، ونستطيع تأدية عملنا لساعات متأخرة من الليل، فكل التسهيلات متوفرة... هذه أول زيارة ولن تكون الأخيرة، أتمنى أن تفوز المغرب بهذه الكأس الغالية، ولكن إن تحدثنا بواقعية، هناك فرق أخرى مؤهلة بشكل أكبر للفوز باللقب مثل الأرجنتينوالبرازيل". وسلطت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، مؤخرا الضوء على التجربة الآمنة للمشجعات في استادات مونديال قطر 2022، حيث نشرت تقريرا يحمل عنوان "حظر المشروبات الكحولية يساعد المشجعات على الاستمتاع بكرة القدم خالية من المتاعب في قطر". كذلك سلطت صحيفة لوموند الضوء على تجربة مجموعة من ستة مشجعين أصدقاء من منطقة بريتاني في فرنسا، وذكرت أن "مجموعة من المشجعين الفرنسيين سافروا لحضور كأس العالم في الدوحة وسط شكوك أو مخاوف بسبب الانتقادات غير المحدودة التي وجهت لقطر، لكنهم الآن يشيدون بالتنظيم والأجواء". ونقلت الصحيفة الفرنسية عن المشجعين قولهم :"شعرنا بالخجل عند إخبار الناس بأننا ذاهبون إلى قطر، بل وفكرنا في إلغاء تذاكرنا... لكن في النهاية، سنعود ونحن سعداء". وذكرت "لوموند" أن "الخدمات اللوجيستية الدقيقة للمسابقة، بما في ذلك وجود فرد أمن كل 30 مترا وقطار مترو أنفاق كل دقيقة وجيش من الأفراد لإرشاد المشجعين الأجانب، ساهمت في زيادة حماس الأصدقاء الستة". ونقلت الصحيفة عن أحد هؤلاء المشجعين إشادته بمعايير الأمن الهائلة، حيث قال :"لا حواجز ولا شجار. إذا نسيت حافظة أموالك على طاولة، فمن المؤكد أنك ستجدها مجددا".