نالت الدكتورة ريم دخيل المطيري درجة الدكتوراة من جامعة أم القرى عن استراتيجية الكتابة المقالية لدى علي العمير. تحت عنوان «التجربة المقالية عند علي العمير» دراسة وصفية تحليلة. وقالت المطيري في مقدمة رسالتها: إن أي متابع لحركة الصحافة النقدية في المملكة العربية السعودية يلاحظ تطورها في عهدي صحافة الأفراد والمؤسسات الصحفية؛ ففيهما اتضحت معالم الكتابة الصحفية الإبداعية واتسعت آفاقها وقوالبها؛ فلذلك كان من الضروري دراسة المنجز النقدي لأحد أعلامها، وإيضاح استراتيجية الكتابة المقالية لديه. وعلي العمير من أهم الكتاب الذين شهدوا هذا التطور، وهو ينتمي إلى جازان التي عرفت بكثرة مبدعيها فهي من أهم المناطق التي أنجبت الكثير من الأدباء الذين أثروا مكتباتنا بنتاجهم، ومن هنا توافرت له البيئة المواتية للإبداع الفني والتي أسهمت في تفجير طاقاته الإبداعية. مضيفة: وتكمن أهمية الدراسة في أن الصحافة احتضنت المحاولات الأولى للممارسات النقدية تجاه الكثير من الفنون والقضايا والمظاهر؛ فالإرهاصات النقدية الأولى كانت ميدانها الصحافة، وفن المقالة من أهم الفنون الجماهيرية التي تستوعب مختلف الموضوعات ووسيلة أصبحت أساسية للتثقيف والتوعية؛ فالمقالات الصحفية تعد ملاذًا للأديب في عصر السرعة لتكوين الرأي العام وتعبئة الجماهير بالمعارف والحقائق فهي تعد سجلا لنقده وتأملاته السريعة، وهي أيضًا سجل أمين للحياة الفكرية ولم تقف عند هذا الحد؛ أي التسجيل والتوثيق وإنما أخذت تلعب دورًا رئيسًا في عملية التنمية الفكرية والثقافية. والعمير من أهم حراس هويتنا الثقافية الذين تسلحوا بالعلم والمعرفة، وجاهد كثيرًا من أجل التنشئة الثقافية، فقد أنتج مقالات تتضمن إشارات نقدية ومعرفية عميقة منذ بداية كتاباته الصحفية التي يساعدنا في معرفة كفاحه الأدبي ومسيرته الطويلة في العطاء. كما تكمن أهمية البحث أيضًا في إغناء الميدان الأكاديمي بالدراسات التحليلية للنصوص المقالية. وإشارات الدكتورة ريم إلى أن أسباب اختيار الموضوع فهي قلة الدراسات التحليلية للمقالات الصحفية ولاسيما مقالات علي العمير، فأغلب الدراسات تناولت حركة النقد أو النشأة أو المعارك الأدبية ولكن فيما يخص نتاج رواد المقالات؛ فالدراسات قليلة جدًا مقارنة بالشعر والقصة والرواية. كذلك العمير كان شاهدًا على التحولات الأدبية في بلاده خاصة والوطن العربي عامة، ويعد من أهم رواد الفن المقالي، ومن أشهر الملتزمين ببلاغة الأدب الصحفي؛ فهو رائد أصيل أسهم في تأسيس الخطاب الثقافي في بلادنا، فضلًا عن شهادة الكثير من الأدباء بأنه من أبرز الذين أسهموا في إثراء الحركة الثقافية في صحافتنا كالدكتور فهد الشريف والدكتور عبدالله الحيدري والدكتور حمد السويلم والناقد منصور دماس وغيرهم الكثير من النقاد، هذا كله كان دافعًا لاختياره نموذجا للدراسة وأخيرا الدافع الإنساني وهو من باب التكريم لهذا الأديب الذي لم تشغله النجومية وفضل الانزواء بعدما أنهكه المرض؛ ولذلك لم ينل من الدراسة ما هو جدير به؛ فتكون هذه الدراسة حتى نضعه في المكانة الأدبية اللائقة به، وتخليدًا لمجهوداته الكتابية. وبينت الدكتورة ريم أن منهج الدراسة بشكل عام فقد اقتضت طبيعة الدراسة الاشتغال على المنهج الوصفي في الأول استقراء النصوص المقالية ومن ثم الوصف والتحليل حتى نستخلص الخصائص الفنية لكتابة العمير المقالية. وقد اقتضت خطة البحث تقسيمه إلى ثلاثة فصول إضافة إلى المقدمة والخاتمة والفهارس، والمقدمة تضمنت أهمية الموضوع، وسبب اختياري لهذا الموضوع، والدراسات السابقة، والمنهج الذي سأتبعه. وأما التمهيد؛ فيتضمن مبحثين: المبحث الأول استعرضت فيه حياته الشخصية، وتعليمه، وشخصيته، وأهم مؤلفاته، ومكانته العلمية، وآراء النقاد فيه. وأما المبحث الثاني فتحدثت عن مفهوم المقالة، وأبرز ملامح تطور المقالة السعودية. والفصل الأول وعنوانه، (موضوعات فن المقال عند علي العمير) يتضمن أيضًا مبحثين: الأول منها عرضت فيه روافد فن المقالة لدى العمير مثل الحياة السياسية والثقافية، وحب القراءة والاستطلاع، وعمله المبكر بالصحافة، وتشجيع النقاد له، وكذلك المجالس والمسامرات الأدبية. وأما المبحث الثاني فأشرت فيه إلى أنواع المقالة لديه كمقالة النقد الأدبي، والمقالة التأملية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية. وأما الفصل الثاني وعنوانه، (البناء المقالي عند علي العمير) فتضمن أربعة مباحث: الأول منها كان العنوان، والثاني الاستهلال، والثالث العرض، والرابع الخاتمة. وأما الفصل الثالث وعنوانه، (جماليات العمل المقالي لدى علي العمير) فعرضت فيه الخصائص الفنية للكتابة المقالية لديه سواء العامة أو الخاصة فالمبحث الأول كان بعنوان الأسلوب تحدثت فيه عن الخصائص العامة كالجمع بين النقد الانطباعي والمعياري، والمرجعية التراثية، والحيرة المعرفية، والنزعة الهجومية، والتنوير العقلي، وقرع الحجة بالحجة، وحجم المقالة. وأما الخصائص الدقيقة فتناولت سمات ألفاظه وتراكيبه، وكذلك تناولت في هذا المبحث التناص، والكولاج، والسخرية، والتفريغ العاطفي. وأما المبحث الثاني؛ فقد تناولت فيه التفاعل بين الأجناس الأدبية في بنائه المقالي كالقصة، والخاطرة، والرسالة والسيرة الذاتية، وأما المبحث الثالث ففيه عرضت مظاهر عنايته بالتشكيل البصري كاستخدام الكاريكاتور، والصورة الشخصية، والنبر البصري، والصور البانورامية، وأخيرًا الخاتمة أوجزت فيها أبرز النتائج التي توصل إليها البحث، وبعض التوصيات. رسالة الدكتوراة في تجربة الراحل علي العمير