في غضون ثلاث سنوات، تسابق المملكة الزمن بدخولها حقبة صناعة السيارات الكهربائية لتثبت للعالم بأن البلد الأكبر انتاجاً وتصديراً للنفط الخام في العالم، والذي يشكل وقود النقل نحو 40 % من استهلاكه، تتجه لتصبح البلد الأكبر في العالم في صناعة الطاقة المتكاملة، أذ تتجه لمنافسة نفسها بخوضها غمار الصناعة المحفزة لصناعة النفط وهي صناعة السيارات الكهربائية. وجاء إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة -حفظه الله- إطلاق شركة «سير»، كأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، تأكيداً لقوة تحول المملكة من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل الوطني، إذ أن صناعة السيارات الكهربائية تعزز مفاهيم الاقتصاد الشامل الكلي. وهذا ما أكده في حديث ل»الرياض» د. جارح بن فارس العتيبي مدير مركز بحوث كلية الآداب، أستاذ الإعلام والعلاقات العامة المساعد، بجامعة الملك سعود، الذي قال «إن إطلاق المشروع في هذه الفترة الاستثنائية بكل ما في الكلمة من معنى لأن المملكة بحسب البنك الدولي الأقل تعرضاً للركود الاقتصادي، وهي تخوض غمار صناعة تكاملية مواكبة لرؤية المملكة 2030 وامتداداً لقوة الأنشطة الاقتصادية المتعافية من تأثير الجائحة المعززة بحزم الدعم الحكومي التي مهدت لانطلاقة أكبر زخم اقتصادي صناعي متكامل في سلسلة القيمة المضافة التي تستخدم النفط لقيما في صناعة الطاقة الشاملة القوية في بناها التحتية وثروة شبابها المقدام المتمرس في شتى أنواع الصناعة بشغف الابتكار. وتحدث العتيبي عن الموقع الجيوسياسي للمملكة الفريد الذي يعد أكبر جاذب للمستثمرين ونقل البضائع وقود الصادرات وسلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية من بين مقومات جاذبة شتى، ينعم بها اقتصاد المملكة، ضارباً مثل الازدهار الصناعي الذي يغمر المملكة بمثل الفرص الهائلة التي يطلقها اقتصاد المملكة والشرق الأوسط الأخضر الذي يصب في دعم صناعة السيارات الكهربائية بل في دعم صناعة الطاقة المتجددة والخضراء النظيفة. ثورة الاقتصاد السعودي وقال، ولك أن تتخيل مئات بل آلاف المصانع من ثورة الاقتصاد السعودي الأخضر التي يقودها ولي العهد شخصياً لتنافس المملكة بأكبر مصانع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الهيدروجينية الخضراء في العالم، ملفتاً بقوة علاقة مبادرة السعودية الخضراء التي تتوافق مع صناعة تكاملية شاسعة بالمملكة من أهدافها خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محركات السيارات بالمركبات الكهربائية والتي ستدفع لقيام صناعات لا حصر لها تجمع ما بين أهمية النفط وأهمية الصناعة المتجددة ليكمل بعضهما الاخر نحو عالم اخضر نظيف مستوعباً جل الصناعات النوعية التطبيقية المواكبة لمخرجات الابتعاث واستيعاب آلاف الفرص الوظيفية. وأشار العتيبي، للمحور الأهم بأن المملكة بصفتها أكبر منتج للطاقة فمن البديهي أن تحتضن صناعة السيارات الكهربائية التي لا تتناقض مع الصناعة الأحفورية في وقت لن يتخلى العالم عن النفط كوقود لعقود مديدة، ومع ذلك تجمع المملكة كل مصادر الطاقة الأحفورية والمتجددة والنظيفة في صناعة السلع النظيفة للبيئة والإنسان في أجواء رحبة من التقنية والابتكار. من جهته قال ل»الرياض»، د. عيد العيد المحلل الاقتصادي، يعتبر قطاع صناعة السيارات أحد اهم القطاعات في مجال الصناعات نظرا لارتباط هذا القطاع بعدد كبير من القطاعات مثل القطاع اللوجستي وقطاع المعادن والصناعات البتروكيماوية إضافة إلى كثافة المدخلات وفي هذا القطاع بالذات نجد أن حجم الواردات من السيارات إلى السعودية يتجاوز 700 ألف سيارة سنويا وهذا يكلف ميزان المدفوعات مبالغ كبيرة، وأضاف د. العيد مشيراً لما أكدته رؤية المملكة 2030 على أهمية القطاع الصناعي وتستهدف الوصول بمساهمة القطاع الصناعي إلى %20 من إجمالي الناتج المحلي في المملكة وهذا يقترب من أرقام الدول الصناعية والتي تصل مساهمة القطاع الصناعي فيها ما بين 25-30 % من إجمالي الناتج المحلي. وقال د. العيد ومما لا شك فيه أن التركيز على إنتاج السيارات الكهربائية يدل على استقراء واضح وإدراك كبير من حكومة المملكة ومن عراب الرؤية سمو ولي العهد للمستقبل وأن عصر السيارات التي تعمل بالطاقة التقليدية قد ولى وأن هذا عصر السيارات الكهربائية وبالتالي لابد من مواكبة العصر والعمل بعقلية منفتحة ومدركة للتغيرات المتسارعة في التكنلوجيا ورغبات البشر. أما خبير الطاقة العالمي د. أنس بن فيصل الحجي أكد في حديث ل»الرياض» بأن المملكة خططت للتناغم بين الصناعة الأحفورية والصناعة الكهربائية وصولا لمزيج الطاقة السعودي الأمثل، الامر الذي شدد على اتباع نهجه وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الذي أفاد في مؤتمر دولي أنه بحلول عام 2030 ستكون السعودية أنموذجًا لإنتاج جميع مصادر الطاقة والأفضل من حيث كفاءة الطاقة، مبرزا سعي المملكة إلى أن تصبح حصة الغاز والطاقة المتجددة في مزيج الطاقة 50% لكل منهما بحلول 2030، مبينا أن الغاز الصخري في المملكة سيسهم في توفير 50% من الطاقة فيما النسبة المتبقية من المصادر المتجددة، مؤكدا أن هذا التناصف سيعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية، وللمحافظة على الموارد الحالية وتحقيق التوازن وتلبية متطلبات الحياة للأجيال القادمة وتحقيق التنمية الاقتصادية، توجهت المملكة لاتخاذ خطوات جادة في استخدام مصادر الطاقة المتجددة بجانب النفط والغاز ضمن مزيج الطاقة الوطني. إذ تم التوصل إلى أن مزيج الطاقة المتوازن من الطاقة البديلة والتقليدية يمثل ركيزة استراتيجية على المدى الطويل لضمان الازدهار وأمن الطاقة والحفاظ على دور المملكة الريادي في سوق الطاقة العالمي. في وقت، يتحمل مسؤولية ذلك التحول الطاقوي العظيم، قطاع الطاقة الشاسع بالمملكة بقيادة وزارة الطاقة بأكبر تحدي وهي تحمل على عاتقها أمل الوصول لريادة المملكة عالمياً في قطاع الطاقة المتجددة، ورفع نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة إلى %50 من مزيج الطاقة للوصول للمزيج الأمثل لإنتاج الطاقة الكهربائية. وتواصل المملكة جهودها لاكتشاف مصادر طاقة أكثر استدامة من استخدام الوقود الخام الأكثر نضباً بل تسعى المملكة لتوفير مستقبل طاقة مستدام باقتراح مزيج من مصادر الطاقة المستدامة واضعًة في اعتبارها الاقتصاد الناتج من توفير النفط والغاز، وأنماط احتياج الكهرباء والماء والخيارات التقنية ومتطلبات التنظيم والبنية التحتية والتطور السكاني وتحسين سلسلة القيمة المضافة المحلية. ولتحقيق أقصى قدر من الاستدامة قيمت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، على نطاق واسع، مصادر الطاقة البديلة لضمان الحصول على الفائدة القصوى من استخدامها. تعظيم القيمة والمملكة في خضم الثورة الهائلة في تحولات منظومة الطاقة، تستهدف تعظيم القيمة المتحققة من القطاع، منها زيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في الاستهلاك المحلي للطاقة، وتحقيق مستهدفاتها في مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الطاقة الكهربائية بالتكامل مع الغاز الطبيعي، وبناء القدرات الوطنية للوصول إلى ريادة المملكة في القطاع عالمياً. مع تطوير البنية التشريعية والتنظيمية المحفزة لقطاعات الطاقة المكملة لتعظيم المردود الكلي على الاقتصاد الوطني، ونجحت المملكة في رفع كفاءة توليد الطاقة، وتقليل الاعتماد على الوقود السائل للتوليد، وتحسين حماية البيئة. بالإضافة إلى رفع موثوقية خدمة نقل الكهرباء وجودتها، وتعزيز إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة للطاقة، الأمر الذي من شأنه أن يقرّب المملكة من الوصول إلى المزيج الأمثل للطاقة المستخدم في إنتاج الكهرباء. في وقت تعكف وزارة الطاقة إلى زيادة موثوقية واستدامة إمدادات الطاقة وزيادة معدلات إنتاج الطاقة من مصادرها المتجددة بمعدلات عالمية، وذلك بالتكامل مع استخدام الغاز للوصول لمزيج الطاقة الأمثل، على النحو الذي يقلل الانبعاثات ويرفع الكفاءة. د. عيد العيد د. جارح العتيبي د. أنس الحجي