حَلت يوم الجمعة الماضي الموافق 28 أكتوبر 2022، مناسبة ذكرى وطنية عظيمة على المملكة العربية السعودية وشعبها، بالبيعة الثامنة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (يحفظه الله)، وبلادنا تنعم بالأمن والأمان، لتبدأ عاماً جديداً من الازدهار في كافة مجالات الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية منها وغيرها من المجالات الحياتية الحيوية، بقيادة ملهمة وحكيمة وحازمة في نفس الوقت، عكستها شخصية مليكنا المحبوب وعززتها الأوامر والتوجيهات الملكية التي صدرت عن مقامه الكريم والتي حققت للمملكة ولشعبها العزة والمنعة متوجة بإنجازات حضارية عملاقة شهد لها القاصي والداني. وبحكم التخصص سأتحدث في هذا المقال عن أبرز الإنجازات الاقتصادية والتنموية التي تحققت خلال هذا العام والتي انعكست بشكلٍ إيجابي وملحوظ على كل من يقطن ببلادنا العظيمة سواء كان مواطناً أم مقيماً بأرضها المباركة، وليس ذلك فحسب، حيث قد وضعت المملكة بين مصاف الدول المتقدمة عالمياً، حيث على سبيل المثال لا الحصر؛ وعلى مستوى النمو الاقتصادي على وجه التحديد والخصوص، تَوقع تقرير صدر مؤخراً عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يحقق اقتصاد المملكة نمواً يصل ل9.9 % خلال العام الجاري 2022، والذي يُعد النمو الأعلى على مستوى دول العالم، ليشمل ذلك النمو المتوقع للاقتصاد العالمي والنمو المتوقع لمجموعة دول العشرين G20، حيث توقعت المنظمة أن ينمو كل منهما هذا العام بنسبة 2.2 %. وعلى صعيد الضبط المالي، فقد نجحت الحكومة بتوجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز ومتابعة حثيثة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (يحفظهما الله)، من تحقيق أداء مالي مميز رغم التحديات الاقتصادية والمالية العالمية التي حَلت بالعالم خلال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ بداية الكشف عن تفشي فيروس كورونا المستجد وبلوغ تداعياته السلبية ذروتها في شهر مارس من العام 2020، حيث لا يزال العالم حتى يومنا هذا يعيش مرحلة اقتصادية تحيطها الكثير من الغموض وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية، وبالذات عند ربط ذلك بتداعيات النزاع الروسي الأوكراني وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم بالعديد من دول العالم إلى مستويات غير معهودة منذ عدة عقود مضت، حيث على سبيل المثال قد سجل معدل التضخم بالاتحاد الأوربي 10.7 % في شهر أكتوبر الماضي، ما ساهم بشكلٍ كبير في تباطؤ نمو الاقتصاد بمنطقة اليورو وفي غيرها من دول العالم، سيما وأن ذلك الارتفاع في معدل التضخم قد تزامن مع انخفاض في قيمة سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي. ولكن وعلى الرغم من ضبابية الرؤية الاقتصادية العالمية، إلا أن المملكة العربية السعودية، قد تَمكنت بفضل من الله عز وجل ومِن ثُمَ حكمة القيادة الرشيدة، من المحافظة على معدل تضخم معقول في السعودية، حيث قد سجل معدل التضخم خلال شهر سبتمبر من هذا العام 3.1 %، كما وتشير التقديرات السريعة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من هذا العام سينمو بنسبة 8.6 %. ولعل ما يؤكد على نجاح الحكومة السعودية في إرساء قواعد الضبط المالي للميزانية العامة للدولة، هو الانتقال السلس من مرحلة تحقيق التوازن المالي إلى مرحلة الاستدامة المالية، حيث قد بدأت الميزانية العامة للدولة في تحقيق فائض مالي بالربع الثالث من العام الماضي بمبلغ 6,684 مليون ريال، واستمرت رحلة تحقيق الفوائض المالية حتى خلال هذا العام على مدى الأرباع الثلاثة الماضية من العام الحالي، حيث قد حققت ميزانية الدولة فائضاً مالياً تراكمياً بلغ 149,541 مليون ريال حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، متجاوزة بذلك قيمة الفائض المقدر لكامل العام ب90 مليار ريال بما نسبته 66 %. كما وقد بلغ حجم إجمالي الإيرادات الفعلية حتى الربع الثالث من العام الحالي مبلغ 950,192 مليون ريال، شكلت الإيرادات النفطية ما نسبته قرابة 70 % في حين شَكلت الإيرادات غير النفطية ما نسبته 30 %. وعلى صعيد مكافحة البطالة، فقد تَمكنت الدولة في ظل التوجيهات الملكية الكريمة من توليد آلاف الوظائف للشباب والشابات ممن هم في سن العمل بقطاعات وأنشطة اقتصادية مختلفة ومتعددة، ما ساهم بشكلٍ كبير وملحوظ في خفض معدل البطالة في المملكة بين السعوديين إلى 9.7 % بنهاية الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بنهاية الربع الأول من نفس العام، حيث قد بلغ معدل البطالة بين الذكور 4.7 % في حين قد بلغ معدل البطالة بين الإناث 19.3 %. ولعله من المهم الإشارة إلى أن معدل البطالة بين السعوديين، يُعد الأدنى منذ العام 2001 حيث بلغ آنذاك 8.3 %، كما أن معدل مشاركة السعوديات في سوق العمل ارتفع إلى 35.6 % في الربع الثاني 2022 مقارنة بنسبة 33.6 % في الربع الأول 2022، ما يؤكد على نجاح الجهود الحكومية في مجال تمكين المرأة تماشياً مع رؤية المملكة 2030 برفع مساهمتها في سوق العمل إلى 30 % بحلول عام 2030. أخلص إلى القول: إن عام البيعة الثامن لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (يحفظه الله)، يُعد بمثابة انطلاقة جديدة لعهدٍ زاهر اقتصادياً وتنموياً بقيادة مقامه الكريم وبمتابعة حثيثة من قبل ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز تحت مظلة رؤية المملكة الطموحة 2030، لينعم المواطن والمقيم في بلادنا الحبيبة برغد العيش وكريم الحياة.