توقع اقتصاديون وخبراء أن تشهد المملكة نقلة اقتصادية كبيرة خلال العام الجاري، نظير الأداء الرائع لميزانية الربع الأول للعام الميلادي، التي أسفرت عن فائض وصل إلى 57.49 مليار ريال، وعبروا عن تفاؤلهم بالتفاصيل التي أوردها التقرير الاقتصادي لبداية 2022، وأكدوا أن ارتفاع الإيرادات إلى مايقارب 278 مليار ريال سيكون محفزا للإنفاق الحكومي والصرف على مختلف المشروعات التنموية في مختلف القطاعات والمجالات التي تهم المواطن خلال بقية العام. وأشار الدكتور عبدالله صادق دحلان رئيس مجلس الأمناء بجامعة الأعمال والتكنولوجيا إلى أن القراءة الأولية لتقرير الميزانية، تكشف أن إيرادات العام الجاري ستفوق 1.1 تريليون ريال بمشيئة الله تعالى، ويتجاوز الفائض 250 مليار ريال، الأمر الذي سيساهم في تحقيق إنجاز اقتصادي لم يتحقق على السنوات العشر الأخيرة، في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار الطاقة، ونمو الإيرادات والعائدات غير النفطية بشكل لافت، الأمر الذي يبرهن على أننا نسير في الاتجاه الصحيح، ونحقق كل المرتكزات التي وضعتها رؤية المملكة 2030. وأكد أن أرقام الميزانية في الربع الأول من العام الحالي تفوق كل التوقعات، وتجسد العمل الكبير الذي قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حيث بدأ التعافي الكبير يبدو بشكل لافت في الاقتصاد السعودي، وعاد الميزان لتحقيق فائض مالي جيد، سيجري توجيهه إلى برامج التنمية والخدمات، الأمر الذي يعني المزيد من المشروعات، وتحقيق مستهدفات جودة الحياة. ويرى معيض بن سعد الثقفي رئيس مجلس إدارة الركائز المالية للاستشارات المالية، مدير مؤسسة النقد العربي السعودي سابقا، أن هناك تصورا لدى البعض بأن الفائض الذي تحقق في الربع الأول لميزانية العام الجاري سببه ارتفاع عوائد النفط، رغم أن إيرادات الطاقة لم تتجاوز 67 % من إجمالي الإيرادات العامة للدولة، حيث حققت 183 مليار ريال، في مقابل تحسن الإيرادات غير النفطية وارتفاعها بنسبة 7 % لتصل إلى 100 مليار ريال تقريباً في الربع الأول، حيث وصلت الضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية إلى 4.1 مليارات ريال، والضرائب على السلع والخدمات إلى 60 مليار ريال، والإيرادات الأخرى إلى 21.4 مليار ريال، فيما نجحت الحكومة الرشيدة في تقليص المصروفات بشكل لافت لتصل إلى 220.5 مليار ريال. وشدد على أن ما تحقق من إنجاز اقتصادي خلال الربع الأول فاق كل توقعات الاقتصاديين، ولفت إلى أن ارتفاع الإيرادات الفعلية الذي أظهره تقرير الربع الأول لأداء الميزانية العامة للدولة المعلن من قبل وزارة المالية يجعلنا متفائلين تجاه بقية العام فهذا التحسن الكبير في الأداء الذي يؤكد بلوغ إجمالي الإيرادات للربع الأول 277.96 مليار ريال، سيحفز عملية الإنفاق على مختلف المشروعات التنموية التي تهم المواطن سواء في قطاعات الصحة أو التعليم أو الإنفاق والدعم الحكومي المباشر كحساب المواطن ودعم بدل غلاء المعيشة والإعانات الاجتماعية المتعددة التي تقدمها الدولة للمواطن. واعتبر مشرف الغامدي رئيس طائفة العقار بمحافظة جدة، الإيرادات التي حققتها الميزانية السعودية في ربعها الأول مبهجة، وقال: سجلت الميزانية السعودية ارتفاعا بإجمالي الإيرادات خلال الربع الأول من عام 2022 بنسبة 36 % على أساس سنوي، حيث أظهر تقرير أداء الميزانية العامة للدولة، ارتفاع إجمالي الإيرادات إلى 277.96 مليار ريال بالربع الأول من العام الجاري، مقابل 204.76 مليارات ريال في الربع المماثل من العام 2021، مشيرا إلى أن القراءة المتأنية للأرقام يكشف ارتفاع الإيرادات النفطية خلال العام الجاري بنسبة 58 %، حيث وصلت في الربع الأول إلى 183.7 مليار ريال، مقابل 116.58 مليار ريال في الربع المماثل من العام الماضي، بينما حققت المملكة ارتفاعا بالإيرادات غير النفطية بنسبة 7 % بالربع الأول من عام 2022 لتبلغ 94.26 مليار ريال، مقابل 88.19 مليار ريال في الربع ذاته من 2021. وأشار إلى أن أرقام الميزانية في الشهور الثلاث الأول للعام الجاري جاءت إيجابية، حيث ارتفعت الإيرادات من الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية 26 % بالربع الأول من 2022 إلى 5.06 مليارات ريال، مقابل 4.02 مليارات ريال بالربع ذاته من عام 2021، ونمو الضرائب الأخرى 6 % إلى 3.18 مليارات ريال من 2.99 مليار ريال بالربع المماثل من العام الماضي. وعد خالد المبيض الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية هذه الأرقام دليلا واضحا على أن المملكة تسير في طريقها الصحيح لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الرامية إلى أن تكون المملكة نموذجا ناجحا ورائدا في العالم، وشدد على أن التقرير عكس الجهود المبذولة من قبل القيادة في المملكة ومختلف الجهات العاملة على تنفيذ خطط وبرامج الرؤية وعلى رأسها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بدأت تؤتي ثمارها بحيث بدأنا فعليا في تلمس النجاح لعملية إعادة هيكلة الاقتصاد الكلي للمملكة وتنويع مصادره. وأوضح أن الأرقام الجيدة ستنعكس إيجابا على برامج التنمية والتوسع في معدل الإنفاق الحكومي على مختلف المشروعات التنموية التي تهم المواطن، وهذا يعني مزيدا من التنوع الاقتصادي وخلق المزيد من الفرص وزيادة جرع التحفيز الموجهة للقطاع الخاص للإسهام بفاعلية في الناتج المحلي للمملكة، ورغم أنه لا يمكن القول إن الاقتصاد السعودي يمر حالياً بمرحلة الازدهار القوي، يمكن القول إنه بدأ رحلة التعافي والخروج من دائرة الاعتماد على النفط.