أوضحت معصومة احتشام عضو لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في حوار ل"الرياض"، أنه خلال ال43 عامًا الماضية، أصبح المجتمع الإيراني مثل برميل بارود مضغوط يحتاج إلى شرارة ويتحول إلى انتفاضة ضد القمع، وأكدت أن هذه الانتفاضة تتسع وتتعمق يومًا بعد يوم وتتقدم.. وإلى نص الحوار: حادث إيفين قتل 40 سياسياً.. والدعم العالمي مهم * ما تفاصيل حادث سجن إيفين للسجناء السياسيين الذي وقع الأسبوع الماضي؟ * في مساء السبت 15 أكتوبر، سمع دوي انفجار ضخم من سجن إيفين في طهران، حيث يحتجز العديد من المعتقلين أثناء انتفاضة طهران، وبعدها بدقائق سمع انفجاران كبيران آخران من داخل السجن، وكذلك سمع صوت العديد من الطلقات النارية من منطقة السجن، وابتلعت ألسنة اللهب والدخان سجن إيفين، وسُمع صوت الرصاص والانفجار المتواصل للقنابل لوقت طويل، وأطلق حراس السجن الكلاب في عنابر السجن لقتل السجناء بطريقة بشعة، ذهب أهالي طهران إلى سجن إيفين وتجمعوا إلا أن قوات القمع أطلقت الغاز المسيل للدموع على المواطنين، في نطاق هذه الانتفاضة، من المثير للاهتمام أن نلاحظ أنه في نفس الوقت في تسع دول أوروبية، اجتمع الإيرانيون أمام السفارة الإيرانية معًا ورددوا شعارات ضد خامنئي، وحاول النظام بكل قوته عدم تسرب أي خبر عن هذه الكارثة، إلا أن تقارير شبكة منظمة مجاهدي خلق داخل إيران وأقوال شهود العيان أعلنت عن مقتل ما بين 30 إلى 40 شخصًا في هجوم للقوات الخاصة لحرس الملالي في سجن إيفين، ويتم تسجيل الإحصائيات والأسماء والمواصفات في مستشفى إيفين، مأساة وجريمة إيفين ليست هي الحالة الوحيدة، فهناك العديد من هذه الجرائم في تاريخ حكومة الملالي، ولكن قبل هذا الحادث في سجن إيفين، يوم الأحد 9 أكتوبر، هاجمت قوات الأمن سجن لاكان في رشت وارتكبت نفس الجريمة هناك. ولولا رد الفعل السريع لأهالي رشت، لم يكن معروفًا ما الكارثة التي كانت ستحدث بعد إيفين، في صباح يوم الاثنين 17 أكتوبر، سُمع صوت إنذار في سجن قزل حصار في كرج، وهو أكبر سجن في إيران ويضم 20 ألف سجين، وأفاد شهود عيان أنه في نحو الساعة العاشرة صباحًا، تمركز أكثر من 50 من أفراد الحرس الخاص المسلحين على سطح السجن ووجهوا أسلحتهم نحو السجناء، وذهب مأمور السجن إلى السطح وأطلق النار في الهواء، هنا يجب أن أذكر بأن سجن إيفين، الذي بناه نظام الشاه في الستينات، وبسبب التعذيب الشديد الذي تعرض له أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والمناضلين المخلصين لشعب إيران، فقد أصبح مركز تعذيب رهيب وسيئ السمعة في أذهان الشعب الإيراني. وقُتل فيه 30 ألف سجين سياسي، 90 ٪ منهم من منظمة مجاهدي خلق. وذكرت العديد من تقارير شهود العيان أنه في عام 1981، تم تنفيذ 100 إلى 200، وأحيانًا 400 عملية إعدام في إيفين كل ليلة. * ما تشهده إيران من احتجاجات منذ وفاة مهسا أميني، صفي لنا الوضع في الوقت الحالي؟ * صحيح أن الاحتجاجات والانتفاضة الحالية بدأت بمقتل مهسا أميني، ولكن بسبب الأوضاع الثورية للمجتمع الإيراني والضغوط التي مارستها حكومة ولاية الفقيه على الشعب الإيراني، وخاصة النساء، خلال ال 43 عامًا الماضية، أصبح المجتمع مثل برميل بارود مضغوط يحتاج إلى شرارة وتتحول مرحلة التجمعات والاشتباكات في الشوارع مع القوى القمعية إلى انتفاضة تتسع وتتعمق يومًا بعد يوم وتتقدم. * نتحدث اليوم عن أكثر من 150 مدينة تشهد قمعاً شديداً، ما عدد ضحايا الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين؟ * الآن وأنا أتحدث إليكم، يبلغ عدد المدن التي بدأ فيها الناس انتفاضة نحو 200 مدينة، وهذا يعني جميع محافظاتإيران البالغ عددها 31، وأدى القمع الدموي لهذه الانتفاضة التي عمت البلاد من قبل النظام إلى سقوط 400 شهيد وآلاف الجرحى واعتقال 20 ألف شخص، أعلنت منظمة مجاهدي خلق وحددت هوية أسماء 241 شهيدًا خلال الانتفاضة. * هل يمكن وصف الاحتجاجات الحالية في إيران بأنها انتفاضة وطنية؟ * نعم، لا بد لي من التأكيد على أن الجالية الإيرانية قد تجاوزت مرحلة الخوف ووصلت إلى مرحلة النضال، لقد أصبحت الانتفاضة لا رجوع عنها، وأصبح الناس يعتقدون أن الإطاحة بالنظام يمكن تحقيقه ولتحقيقه يجب دفع الثمن، وفي الساحة الدولية نشهد استقطاب دعم دولي كبير كل يوم. استمرار الاحتجاجات والإضرابات بعد شهر هو أكبر إنجاز لهذه الانتفاضة، وقد تم رفع شعار الإطاحة بالنظام وشعار "الموت للظالم سواء كان الشاه أم المرشد" كشعار رئيس للانتفاضة، وأصبح الشعار الوطني الرئيس للإيرانيين، وخلال هذا الشهر، رأينا مشاركة جميع الإيرانيين من كل عرق ودين وجنس وطبقة وعمر، وأصبح المجتمع الإيراني مستقطبًا تمامًا، وانتشر نطاق الانتفاضة في 31 محافظة في إيران وفي جميع المدن. * ما مطالب المتظاهرين حتى الآن؟ * في التظاهرات والانتفاضات السابقة، كانت المطالب تبدأ عادة بمطلب نقابي، كما حدث في عام 2019، عندما كانت القضية تتعلق بسعر البنزين في البداية، ولكن بعد فترة أصبحت سياسية وضد الحكومة، ولكن هذه المرة، بدأت بجريمة قتل فتاة، لكن في اليوم الأول، عندما تجمع الناس أمام المستشفى حيث تم إدخال مهسا أميني، كان شعارهم هو الموت لخامنئي وضد النظام بأكمله، لذلك فإن المطلب الأساسي للمتظاهرين والذي يتجلى في شعارهم هو حرية والرفض التام لهذا النظام وإسقاطه. وشعار الموت لخامنئي مؤشر على هذا المطلب. * ما توقعاتكم من نهاية الاحتجاجات هذه المرة؟ * خامنئي ضعيف في إدارة قمع الانتفاضة، ليس لديه حتى القدرة على التحكم في القوات القمعية الخاصة به، نشهد اتساع الفجوة النوعية والعميقة في رأس النظام على عنصري القمع والامتياز، ونشهد إضعاف أركان النظام، من الناحية الاقتصادية، ازدادت حدة الوضع الاقتصادي المتردي بسبب توسع العقوبات، وأصبح النظام عاجزاً عن الاستجابة لمطالب الشعب، هذه الانتفاضة لا ترى أي شرعية لهذا النظام وتطالب بالإطاحة به، وتعتبر أي نوع من المطالب الإصلاحية بهدف الإبقاء على النظام منحرفًا ومرفوضًا، يريد البعض التظاهر بأن هذه الانتفاضة كانت بسبب الحجاب فقط، على سبيل المثال، وفي افتراض مستحيل، إذا أزال خامنئي كلاً من دوريات الإرشاد وألغى الحجاب الإجباري، فلن تهدأ الانتفاضة، لأن رغبة الشعب هي الإطاحة بالنظام وكل هموم ومشكلات الشعب ستحل تحت مظلة الإطاحة بالنظام. * كيف تقيمون موقف المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في إيران؟ * انتفاضة الشعب الإيراني تعتمد أساسًا على نفسها، ويعتبرون أن من واجبهم إسقاط النظام دون النظر إلى الخارج، لكن في الوقت نفسه، كل حركة وانتفاضة تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي، والمقاومة الإيرانية قالت مرارًا إننا لا نطلب مساعدات مالية وأسلحة من الدول الغربية والمجتمع الدولي، لكن ما نريده هو ألا يدعموا النظام الإيراني ولا يتركوا يده مفتوحة لمزيد من القمع بصمتهم وتنازلاتهم، والاعتراف بحق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه، تسعى انتفاضة الشعب الإيراني للمرة الأولى بسبب توسعها للحصول على دعم عالمي كبير من الدول وحتى المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأممالمتحدة ومنظمة العفو الدولية والمفوض السامي لحقوق الإنسان، إلخ. حتى الآن، أعلن المئات من الشخصيات الدولية البارزة تضامنهم مع انتفاضة الشعب الإيراني للخلاص من النظام الحاكم والحصول على الحرية، في الآونة الأخيرة، أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا ضد النظام الإيراني ودعمًا لمطالب الشعب الإيراني، أصدر 100 عضو في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وأكثر من 170 عضوًا في البرلمان الأوروبي أيضًا، بيانات منفصلة لدعم انتفاضة الشعب الإيراني من أجل الحرية وإدانة جرائم نظام الملالي، وطالبوا المجتمع الدولي بالاعتراف بحق الشعب الإيراني في مقاومة القمع والدفاع عن نفسه، والسماح بالوصول إلى الإنترنت للشعب الإيراني، كما اتخذ ممثلو الكونغرس الأميركي والعديد من البرلمانات الأخرى، بما في ذلك 50 عضوًا في البرلمان البريطاني، موقفًا أو أصدروا بيانًا مشابهًا، طبعا هذه البيانات الداعمة جيدة جداً وفعالة وتقيد يد النظام عن القمع لكن هذا ليس كافياً، على المجتمع الدولي ألا يسمح للنظام الإيراني بارتكاب مجزرة أخرى، وفي هذه اللحظة الحرجة لا ينبغي للعالم أن يترك الشعب الإيراني وحيداً، وعلى المجتمع الدولي أن يفرض المزيد من العقوبات والقيود المادية على النظام، وعليهم الاعتراف بحق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المتاحة ضد القمع المطلق. 55