قالت السلطة القضائية في إيران الاثنين إن ثمانية سجناء لاقوا حتفهم جراء حريق في سجن إيفين بطهران، ارتفاعا من أربعة، في حادث يزيد الضغوط على الحكومة التي تواجه بالفعل احتجاجات بسبب وفاة امرأة على أثر احتجاز شرطة الأخلاق لها. وأثارت وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر بعد احتجاز شرطة الأخلاق الإيرانية لها بسبب "ملابسها غير اللائقة" احتجاجات بجميع أنحاء البلاد تحاول السلطات إخمادها بالقوة. وتحولت احتجاجات أشعلتها وفاة أميني، وهي كردية إيرانية تبلغ من العمر (22 عاما)، إلى واحدة من أشد التحديات التي واجهتها الحكومة الدينية في إيران منذ ثورة 1979، إذ دعا المتظاهرون إلى إسقاط الجمهورية الإسلامية، مع أن الاضطرابات ليست بصدد الإطاحة بالنظام فيما يبدو. وقال القضاء الإيراني إن حريقا أُضرم في ورشة بالسجن بعد شجار بين عدد من النزلاء، وأن القتلى ماتوا جراء استنشاق الدخان. وأضاف أن جميع القتلى الثمانية سجناء من عنبر جرائم السرقة. ويُحتجز في سجن إيفين أيضا، الذي أدرجته الحكومة الأميركية على القائمة السوداء لوجود "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" به، كثيرون ممن يواجهون تهما أمنية، ومن بينهم إيرانيون مزدوجو الجنسية. وألقى غلام حسين محسني رئيس السلطة القضائية في إيران باللوم في الحريق على "عملاء لأعداء إيران" اليوم الاثنين، في حين قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن هذا الحدث يمكن أن يقع في أي دولة. وأظهرت مقاطع مصورة ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي نقل عشرات السجناء السياسيين الإيرانيين من سجن إيفين إلى سجون أخرى. وقال أقاربهم إنهم لا يعرفون سبب النقل وإنهم قلقون بشأن سلامتهم. واتهمت إيران الدول التي أعربت عن دعمها للاحتجاجات بالتدخل في شؤونها الداخلية، وأنحى الرئيس إبراهيم رئيسي باللائمة أمس الأحد على نظيره الأميركي جو بايدن في إثارة "الفوضى والإرهاب والدمار" في إيران. وقُتل ضابط مرور اليوم الاثنين في سراوان في جنوب شرق إيران على يد من سماهم قائد شرطة الإقليم "إرهابيين" مسلحين ببنادق كلاشنيكوف آلية. وتكرر سماع دوي الأسلحة النارية في المدينة الكردية سنندج، وفقا لملفات صوتية تلقتها مجموعة الدفاع عن حقوق الإنسان هنجاو. وكان بايدن والاتحاد الأوروبي من بين أولئك الذين انتقدوا حملة طهران القمعية على المتظاهرين، ويدرس الاتحاد الأوروبي فرض تجميد أصول وحظر سفر على 15 إيرانيا ممن لهم علاقة بقمع الاحتجاجات. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك للصحفيين في لوكسمبورج "سنطلق... حزمة عقوبات اليوم لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم الوحشية ضد النساء والشباب والرجال". وأضافت "من بين هؤلاء المدرجين في القائمة ما يسمى بشرطة الأخلاق.. شرطة الأخلاق تسمية خاطئة في الواقع نظرا للجرائم التي تُرتكب هناك". وانتشرت الاحتجاجات، التي بدأت في جنازة أميني في مسقط رأسها مدينة سقز الكردية، إلى مدن وأقاليم على مستوى إيران، وهي دولة ضخمة يبغ تعداد سكانها أكثر من 80 مليون نسمة. واستؤنفت الاحتجاجات في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين في يزد وعدة مدن أخرى بما في ذلك بيرانشهر في الشمال الغربي وطهران. ونشر حساب (تصوير 1500) على تويتر مقطعا مصورا يظهر فيه أشخاص يشعلون النار في الإطارات بالشوارع ويدعون بالموت على المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة المقاطع. وركزت قوات الأمن عمليات القمع على الشمال الغربي، حيث يعيش أغلب الأكراد الذين يقدر عددهم الإجمالي بعشرة ملايين نسمة، ولكن الاحتجاجات اجتاحت مناطق أخرى وهي معاقل لأقليات عرقية لديها مظالم طويلة الأمد عند الدولة. ويحاول الزعماء الدينيون في إيران تصوير الاحتجاجات الغاضبة المرتبطة بوفاة مهسا أميني على أنها انتفاضة انفصالية من جانب الأكراد تهدد وحدة الأمة وليس حكم رجال الدين. ونشرت إيران قوات الباسيج، وهي قوات عسكرية تطوعية، لتتصدر جهود قمع الاضطرابات الشعبية، لكنها فشلت في احتواء الاحتجاجات. وبدأت قوات الحرس الثوري، التي لم تشارك في حملة القمع، تدريبات عسكرية الاثنين. وقالت جماعات حقوقية إن 240 متظاهرا على الأقل لاقوا حتفهم بينهم 32 قاصرا. وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الانسان (هرانا) يوم السبت إن أكثر من 8000 شخص اعتقلوا في 111 مدينة وبلدة. ولم تنشر السلطات حصيلة القتلى. وتنفي إيران، التي ألقت باللوم في العنف على أعداء في الداخل والخارج، قتل قوات الأمن محتجين. وقالت وسائل إعلام رسمية يوم السبت إن 26 فردا على الأقل من قوات الأمن قتلوا على يد "مثيري الشغب".