بالأمس اشتعلت نار الانتفاضة مرة أخرى في طهران وعدة مدن إيرانية ومن جانب آخر نسمع في الأخبار بين حين وآخر أنه يتم إلقاء جثث الشباب أمام بيوت أوليائهم حيث تتم ممارسة التعذيب بشكل غير متوقع في مراكز الاعتقال كما يتم إعدام المعتقلين للانتفاضة. ويحاول نظام الملالي ومن خلال خلق أجواء الرعب والخوف أن يجعل الشباب يتجنبون الاقتراب من الانتفاضة. كما في خارج إيران تحاول لوبيات النظام الإيحاء بأن النظام قوي وقادر علي احتواء التظاهرات والانتفاضة وتضم أصواتها للقادة المجرمين في قوات الحرس؛ لتعلن أن القضية انتهت قاطبة وبالنتيجة ينبغي للبلدان الغربية أن ترضي بهذا النظام وتتخذ سياسة المساومة والاسترضاء معها، وتغض الطرف عن قتل المنتفضين من قبل حكومة روحاني التي تتظاهر بالاعتدال. ومنذ اندلاع الانتفاضة حتى الآن، تم اعتقال ثمانية آلاف شخص ممن يشكل الطلاب المدرسيين ثلثهم حيث أعمار 90 % منهم دون 25 عاماً، وأرسلت هذه الانتفاضة رسالة للعالم أن الشباب ومن خلال شعاراتهم أعلنوا عن وقوفهم في الميدان حتى الرمق الأخير ولن يتراجعوا. وليعلم النظام أنه لم يعتقل ثمانية آلاف شخص بل دفع أفراد عوائل هؤلاء وأشقاءهم وشقيقاتهم وأصدقاءهم وزملاءهم إلى الانتفاضة، واعتقل ثمانية آلاف ولكن أدخل ثمانين ألف شخص في الانتفاضة، وعندما قتل 50 شخصاً دفع 50 ألف شخص يخوضون الانتفاضة مما يعني أن النظام ومن خلال ممارسته للقمع يعمل على اندلاع الانتفاضة وهذا قانون الانتفاضة. وفي إيران في الوقت الحاضر وفي مجتمع يعتبر من أكثر المجتمعات الشابة في العالم، توجد نار من الاستياء والحقد والكراهية والغضب تحت الرماد في المجتمع وجميع أطيافه حيث تنتظر وفي كل لحظة هذه النار أن تهب رياح الخلاص والحرية لتطال هؤلاء الجناة بلهب نيران غضبه وتقوضهم وتجعلهم خائبين. والدليل على هذا الكلام هو انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر - كانون الثاني/ يناير الماضي حيث يعجز اللسان عن التعبير عن عظمتها ومدى الغضب الشعبي إزاء هؤلاء القتلة. وتبين سعة هذه الانتفاضة العارمة في كل أرجاء إيران وفي أكثر من 140 مدينة والشعارات التي أطلقها الشباب الشجعان والأحرار في إيران ضد النظام برمته، وعفريت الفساد والدمار والهلاك خامنئي المجرم، صورة حقيقية لإيران والإيرانيين. وفي الحقيقة لا يراهن المواطنون على الإصلاحيين الحكوميين المزيفين ممن عملوا على الاحتفاظ بالنظام خلال سنوات حيث اليوم وكل من له ذرة من الإنصاف والشجاعة والمنطق يجد نفسه في جبهة إسقاط النظام، ولقد نما برعم في أذهان الإيرانيين أن نظام الملالي الدكتاتور سوف يسقط لامحالة كما سوف تشرق الشمس غداً. إنهم موقنون أن هذه الانتفاضة تمضي قدماً حتى الإطاحة بالملالي، لأن الجيل الإيراني الشاب لا يملك شيئاً ليفقده كما ومن جهة أخرى إنهم يتمتعون بمقاومة منظمة تدفع الثمن منذ سنوات لإيران حرة وكما تقول السيدة مريم رجوي: لن نصمت ولن نتخلى عن مواقفنا، يجب ومن المستطاع أن يتم تحرير إيران. أجل، لقد أثبتت الانتفاضة الأخيرة أنها بداية لانتفاضة حيث لم تبدأ بالأمس، وإنما تم زرع نبتها منذ وقت طويل ومن خلال القمع حيث تمثل في 21 حزيران/ يونيو كالبداية ومن ثم في المجازر بالثمانينات إذ كانوا يعدمون بشكل مدهش المئات من خيرة الشباب الإيرانيين وعقب ذلك في عام 1988 وخلال جريمة تاريخية أخرى بيضت وجه المغول حيث تم إعدام 30 ألف من السجناء الأبرياء، ومن ثم القتل الجماعي والمجازر بحق أعضاء مجاهدي خلق في أشرف وليبرتي، ومواصلة الإعدامات في إيران على أيدي النظام الذي يعدم مقاتلي درب الحرية من أجل البقاء في السلطة. ويتم رمي تلك الطلقات الآن إلى المواطنين لتلك الأسباب وذلك ليس في السجون والمشانق أو في أشرف وليبرتي وإنما في جميع المدن الإيرانية. والآن لا يواجه النظام الإيراني أعضاء مجاهدي خلق وهم أبناء الشعب الإيراني وإنما يواجه الشعب الإيراني الأبي وجبهة الشباب والنساء والمواطنين في كل أرجاء إيران. ويذعن خامنئي أن هذه الانتفاضة لها ثلاثة أضلاع حيث تشكل مجاهدي خلق ضلعاً رئيساً ومنظماً لها كما يلتمس روحاني في اتصاله الهاتفي مع الرئيس الفرنسي لممارسة القيود على مجاهدي خلق ألا يتسع نطاق الانتفاضة. ومن أسباب التنظيم في هذه الانتفاضة يكفي أن نشاهد أن المواطنين الذين خرجوا إلى الشوراع، قاموا باستخدام القوة ضد قمع النظام حيث أحرقوا مكاتب خطباء الجمع ومقرات الباسيج وحوزات الملالي، ولم يقوموا بالسلب والنهب لممتلکات المواطنين. وسوف تكون الأيام طيبة أمام هذه الانتفاضة، ولكن هناك شيء لا غبار عليه هو أن النظام سوف يسقط لا محالة. وبهذا المنطق خرج المواطنون الإيرانيون الشجعان إلى الشوارع، من مشهد حتى كرمانشاه ومن أراك حتى تويسركان وفي 142 مدينة مطالبين بتغيير النظام، وإيران حرة. وتحية إكرام وإجلال لأرواح الشهداء الذين سقطوا وضحوا بحياتهم وأطلقوا نداء الحرية والديمقراطية، وتحية للنساء والرجال الشجعان ممن خرجوا إلى الشوارع وضموا أصواتهم بعضاً للبعض مطالبين بوضع حد للحكومة الدينية وهتفوا: «الموت لخامنئي» و«الموت لروحاني» و«أيها الإصلاحي والأصولي انتهت لعبتکما». أجل إنهم أرسلوا رسالة للعالم أن هذه الانتفاضة تختلف عن انتفاضة عام 2009 حيث كانت ناجمة عن الخلافات الداخلية بين رموز النظام، وإنما هي نتيجة للخلاف بين الشعب الإيراني والنظام الحاكم برمته وأن هذه الانتفاضة نار من شأنها أن تلقي نظام الملالي إلى مزبلة التاريخ وسوف يتخلص الشعب الإيراني والمنطقة من هذا الأخطبوط، إذاً، هيا لنشارك بحملة إطلاق سراح المعتقلين للانتفاضة بمثابة خطوة لاحقة لهذه الانتفاضة، وإرغام النظام الإيراني على التوقف عن القمع وقتل المنتفضين. Your browser does not support the video tag.