هذه الأيام لا تكاد المجالس تخلو من حديث الأسهم، بين مطبلين ومرجفين في المدينة، وفي القرية أيضًا، مجالس القرى هي الأخرى لابد أن يمر فيها حديث قصير أو طويل عن الأسهم، وحوار حولها، وجدال بين مطبل ومرجف، الأول محفظته مليانة بالأسهم، والثاني كاش، وقد يكون المطبل بوقًا لأحد الهوامير استأجره ليصرّف سهمًا جمع فيه الكثير بالرخيص.. بل حتى المرجف قد يكون بوقًا هو الآخر يحطم سهمًا يريد موصيه التجميع فيه.. مع تقدم التقنية دخل نصف الشعب سوق الأسهم حتى سارت بالأسهم الألسنة وصارت أحاديث السمر. في الرياض العامرة، وفي مجلس واسع حافل، اختلط أهل المدينة والقرية وبعض الإخوة الوافدين، ودار الحديث عن الأسهم، وكل واحد من رأسه صوت.. بين أحاديث جماعية واثنين على انفراد.. أخذ قادم من القرية يوصي صديقه الرياضي على سهم شركة ويزعم أنها سوف ترتفع إلى حد الدبل! قال الرياضي وهو منشغل بجواله: سهم ثقيل! رد الصديق: ناه! ناظرني! رد وهو يضحك: أول شي علمني إيش معنى [ناه] هذي؟! قال: ما أدري! ناه يعني انتبه يعني ناظر.. ما علينا من {ناه وما ناه} ما جينا ندرس لغة! جينا نبي ربح! وش قلت عن السهم! قال: أقول ثقيل! رد: ناظرني.. خل جوالك يا ابن الحلال [يبي يطير ويصير ريشة] ضحك صديقه وقال: أخاف نطير في العجة.. يطير بي وبك..! قال: (هذا اللي نبي ! وفرد ذراعيه وفز وأضاف: خله يطير بنا ونطير معه! ناه..لا تعلم أحد.. خلنا نطير!) ابتسم صديقه وقال: أخاف نطيح! أو نصير مثل النملة اللي صار لها جنحان طارت ثم طاحت على بطنها وماتت! قال: ناه! من ثمّن الخوف ما سطا.. يقولون "خلك نملة تاكل عسل خلك جمل تاكل تراب".. قال: ما هو على كل حال! بعد النمل تدوسه الأفيال! وفي آخر المجلس رجل جهير الصوت يرجف ويحذر بينما الحضور حائرون بين مطبلين ومرجفين تأثيرهم فقط على جلسائهم، فهم بأكملهم لا يقدّمون في السوق ولا يؤخرون.