منظمة الصحة العالمية أدرجت (الإجهاد النفسي الوظيفي) أو (الاحتراق النفسي المهني) occupational burnout، ضمن قائمة التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض، حيث تم الاعتراف بهذه المتلازمة عالمياً في العام 2022، وأشارت دراسة أجرتها مؤسسة (غالوب) للأبحاث عام 2018 على 7500 موظف في أمريكا؛ إلى أن الإنهاك الجسدي والنفسي هو محصلة للمعاملة غير العادلة في بيئة العمل وضغوط العمل، وعدم وضوح طبيعة الدور الذي يضطلع به الموظف، وقد يصاب الموظف بالإجهاد والتوتر بسبب عدم الحصول على التشجيع الكافي أو ضغوط العمل، وفق أطر زمنية غير واقعية. ذكرت المنظمة ثلاثة أعراض أساسية للإنهاك المهني؛ وهي الشعور بالإعياء واللامبالاة حيال الوظيفة وتدني الأداء في العمل، وقالت كذلك؛ إنها ظاهرة مهنية وليست حالة طبية. وتأثير الاحتراق الوظيفي في التكاليف الصحية والوفيات في أمريكا مكلف جداً، حيث يتم إنفاق ما يقارب 190 مليار أي ما يقارب 8 % من نفقات الرعاية الصحية الأولية، ويتسبب في 120 ألف حالة وفاة سنوياً، ويعاني 615 مليوناً في جميع أنحاء العالم من القلق والاكتئاب، وأكثر الفئات عرضة للاحتراق المهني هم الأطباء والممرضات، وتعتبر معدلات الانتحار بين مقدمي الرعاية الصحية أعلى من باقي المهن، حيث تتراوح الزيادة بينهم من 40 إلى 130 %، كما أن معدل الاستقالة والتسرب الوظيفي أعلى بكثير في تلك المؤسسات التي تعاني من ضعف الأنظمة المعنية برفاهية الموظف، ورغم أن الاحتراق الوظيفي مشكلة حقيقية نعاني من آثارها إلا أنه من الصعب السيطرة عليه، وذلك لعدم وضوح مفهوم وتعريف المشكلة. يعد الاحتراق الوظيفي هو رد فعل على ضغوط العمل الطويلة أو المزمنة؛ ويتميز بثلاثة أبعاد رئيسة: (الإرهاق، والتشاؤم، والإحساس بضعف القدرة المهنية) وهو ما قد يدفع الشخص إلى كره وظيفته، وضعف طاقته الإنتاجية في العمل، ويمكن أن يزيد من هذا الضغط؛ نمط الحياة العام، وأنماط التفكير كالبحث عن الكمال أو التشاؤم. ولا يعد الاحتراق الوظيفي في حد ذاته تشخيصاً طبياً؛ لكن يعتقد بعض الخبراء أن الحالات النفسية مثل الاكتئاب هي المسؤولة عن الاحتراق، وهو عملية تدريجية تبدأ بالتوتر المزمن وتتطور وتتفاقم مع مرور الوقت ما لم يتم اتخاذ تدابير صحية للتخفيف من حدتها. وفقًا لتقرير صدر سنة 2018 عن مؤسسة (جالوب) للتحليلات والاستشارات الإدارية (Gallup company)، فإن للاحتراق الوظيفي عدة أسباب رئيسة؛ أولها ضغط الوقت غير المعقول، حيث يعتبر الموظفون الذين يملكون وقتا كافيا للقيام بعملهم أقل عرضة لمواجهة الاحتراق الوظيفي بنسبة 70 %. السبب الثاني قلة التواصل والدعم من المدير، حيث يمثل دعم المدير حاجزاً نفسياً ضد الاحتراق، ويعتبر الموظفون الذين يشعرون بدعم قوي من مديرهم أقل عرضة بنسبة 70 % للاحتراق. ثالثاً عدم وضوح الدور وغياب الهدف، فعندما تكون التوقعات أو الأهداف مجهولة؛ قد يصبح الموظفون مرهقين بمجرد محاولة معرفة ما يفترض بهم القيام به. ومن الأسباب للاحتراق الوظيفي المعاملة غير العادلة، حيث يعتبر الموظفون الذين يشعرون أنهم يعاملون بشكل غير عادل؛ كالمحسوبية أو التعويض غير العادل أو سوء المعاملة في العمل أكثر عرضة بمقدار 2.3 مرة لتجربة مستوى عالٍ من الإرهاق. لبيئة العمل الإيجابية أهمية خاصة وتأثير إيجابي على الموظفين، ومما تستطيع أن تُحققه هو زيادة الإنتاجية، فعندما يكون الموظف أكثر سعادة سيكون أكثر إنتاجية وأكثر استعداداً لإكمال مهامه بكفاءة، ويمكن أن يساعد هذا أيضاً في أن يصبح موظفاً أفضل.