أغلب الناس اليوم يمتلك هاتفا متنقلا، والذي تتفوق كاميراته على كاميرات الماضي، ورأت شركات الكاميرات الكبرى مثل نيكون وكانون وغيرها انخفاضاً شديداً على مر السنين بسبب ذلك، حتى إن يناير 2018م وحده هبطت فيه مبيعات الكاميرات الرقمية 28 %، وهذا طبيعي مع كون الكاميرا جزءاً أساسياً من الجوال الآن، وذلك لا تستغرب أيضاً لو عرفتَ أنه في يناير من العام 2012م، أعلنت شركة كوداك الأمريكية إفلاسها، غير أن الغريب أنها تعمل في عدة مجالات منها الكاميرات والطباعة ومعدات الأفلام ولم تفلس إلا في الكاميرات. تقنيات ومنتجات كوداك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي جعلت التصوير سهلاً وغير مكلف وصارت التقنية في متناول العامة، وإليها يعود الفضل في ذكريات الناس التي طبعناها وصورنا بها لحظاتنا السعيدة. لم يكن التصوير لينتشر لولا كوداك ومنتجاتها. ورغم هذا أعلنت الشركة خروجها من مجال الكاميرات، والأغرب أنها هي الشركة التي صنعت أول كاميرا رقمية! كيف يمكن أن تخرج شركة من سوقٍ كانت تملكه وكانت هي المتفوقة فيه تقنياً وصاحبة الريادة في عِلمه وتقنيته؟ لأنها رفضت أن تتكيّف. في العام 1975م اخترعت كوداك أول كاميرا رقمية في وقتٍ كانت فيه الكاميرات العادية هي السائدة، واستبشروا بها وأيقنوا أنهم سيسيطرون على السوق العالمي، ولكن الاحتفال لم يدُم، فقد فكر المديرون قائلين: إننا اليوم نسيطر على سوق الكاميرات التقليدية وإذا بدأ الناس يشترون الكاميرات الرقمية فستكسد كاميراتنا العادية ويزول سوقها! فماذا فعلوا؟ ألغوا اختراعهم! بطبيعة الحال ظل الناس يشترون ويستخدمون الكاميرات العادية وأفلامها وظلت كوداك تربح وراء هذا، غير أن المنافسة لم تُمهلهم، فبعد 20 سنة من اختراعهم بدأ منافسوهم ينتجون الكاميرات الرقمية، وشاع استخدامها حتى ترك الناس الكاميرات التقليدية وانتقلوا للكاميرات الرقمية، حينها بدأت كوداك في إنتاج الكاميرات الرقمية، لكن سبقها المنافسون الآن وأكلوا السوق، وكافحت الشركة - الرائدة ذات مرة - حتى تعاظمت عليها الخسائر وأعلنت أخيراً إفلاسها.. أحياناً، هذه نهاية الجشع.