الروائي المصري خليل الجيزاوي من كتّاب الرواية المتمرسين، وهو ناقد وكاتب له تجربة امتدت على مدى ثلاثة عقود، وصاحب حضوره في المشهد الثقافي العربي، صدر له ثماني روايات، أبرزها: "أحلام العايشة 2003"، "مواقيت الصمت 2007"، "سيرة بني صالح 2012"، "خالتي بهية 2021"، "أيام بغداد 2020"، التي فازت بالجائزة الأولى في مسابقة إحسان عبد القدوس للرواية عام 2019 وطلبتها مؤسسة دار المعارف لنشرها في سلسلة روايات دار المعارف. كما صدرت له ثلاث مجموعات قصصية: "نشيد الخلاص 2001"، "أولاد الأفاعي 2004"، "حبل الوداد 2010"، وله دراستين في حقل النقد الأدبي، كما شارك في العديد من المحافل والمؤتمرات الثقافية داخل مصر وخارجها، وفي لجان تحكيم الأعمال الروائية والقصصية العربية، كان لنا معه هذا الحوار خلال هذه السطور: * كيف ترى الكتابة بين المهنة والإبداع؟ * بعد ثلاثين عامًا من كتابة القصة القصيرة والرواية أرى نفسي لا أزال أقف في مرحلة الهواية، وأعتقد أن الكاتب الذي يجعل الكتابة مهنته تضيع من أمام عينيه بوصلة الكتابة الإبداعية، نعم العمل الصحفي مهنة، والنقد الأدبي مهنة، وسيناريو الأفلام مهنة؛ لكن كتابة القصة القصيرة والرواية هي إبداع تحتاج موهبة، وبعيدة جدًا عن كونها مهنة. * ما مصير الملتقيات والأندية الأدبية في زمن التواصل الاجتماعي؟ * وسائل التواصل الاجتماعي نوافذ متعددة لتبادل الأخبار الثقافية، ويمكن اعتبارها مصدرًا مُهمًا لنشر حصاد الندوات الأدبية، لكن الأندية الأدبية مهمة جدًا في حياتنا الثقافية، والمحافظة عليها ضرورة، فهي الرئة التي نتنفس فيها هواء وجودنا الأدبي، هذا ولا يزال الكاتب في حاجة كبيرة للنادي الأدبي الذي يمارس فيه قراءة قصة قصيرة جديدة، وهو بحاجة شديدة لمكان يلتقي فيه مع كبار الأدباء والنقاد حتى يسمع منهم ويتعلم من مناقشاتهم لكل ما يكتبه وجهًا لوجه، وفي حاجة شديدة لمنبر ثقافي يعقد داخله الكثير من الندوات حول ماهية الكتابة، ويحضر ندوات مفتوحة لقراءة قصصه الجديدة، إن كان له منتج أدبي، ويستمع للمناقشات للاستفادة منها، وقد كانت الأندية الأدبية محطة مفصلية في حياتي الثقافية والإبداعية. * ما مميزات الكتابة الروائية في هذا الزمن وما تأثير التابوهات عليها؟ * ميزة كتابة الرواية أنها تمنح الكاتب المفتاح لأن يغرف من بحر الحياة، أن يعيش متعة الحكي، أن يستمتع بحياة شخصيات روايته الذين يمنحهم العيش وسط الصراع مع الحياة، لقد سمعت عميد الرواية العربية نجيب محفوظ يقول: من المهم أن تكتب عن المكان الذي تعرفه، وتكتب عن الأفراد الذين تأثرت بهم، ومن المهم أن يرصد الكاتب التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للقرية والمدينة التي يعيش فيها أبطال روايته، أن ينتصر الكاتب لقيم الحق والخير والجمال، أن يحاول طرح الأسئلة الوجودية التي تؤرقه كإنسان عن ماهية الحياة ومعنى الموت والفشل والنجاح، وأعتقد أن الكاتب الحصيف هو الذي يطرح القضايا المثيرة للجدل دون الوقوع تحت مثلث التابوهات: الجنس والسياسة والدين. * ما مفاتيح الروائي الناجح وعناصر نجاحه؟ * مفاتيح كثيرة أهمها: القراءة المتنوعة في مختلف علوم المعرفة، تجديد أدواته باستمرار حتى يظل مُحتفظًا بجمهور القراء، تجدد موضوعات رواياته حتى يظل قادرًا على استيلاب عين القارئ، ألا يكتب كتابة مجانية -بمعني مرسله دون تخطيط- الكاتب الجيد هو الذي يكتب بطريقة مشرط الطبيب الجراح الماهر، فالجراح الماهر يعرف متى يصف الدواء ومتى يقرر بتر الجزء الذي سيتسبب في تدمير بقية الأجزاء الصالحة. * بين القصة والرواية والنقد أين تجد نفسك؟ * أحب قراءة وكتابة القصة القصيرة؛ لكن أجد نفسي لاعبًا ماهرًا عندما أكتب الرواية، وأجد نفسي أكتب باستمتاع شديد طوال فترة كتابة فصول روايتي، ومنذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا نبهني أكثر من خمسة من كبار أعلام النقد الأدبي أن كل قصة قصيرة عندي هي مشروع رواية، هذا ما صرح به الدكتور محمد حسن عبدالله أستاذ النقد الأدبي بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، عندما ناقش إحدى رواياتي في نادي القصة بالقاهرة، ونفس الملاحظة قالها الدكتور مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة الزقازيق، وهو يناقش مجموعتي القصصية في ندوة اتيليه القاهرة، وتكررت نفس الملاحظة للمرة الثالثة من الدكتور عبد المنعم تليمة أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب جامعة القاهرة وهو يناقش روايتي "مواقيت الصمت" في ندوة نادي القصة بالقاهرة، ثم أجد نفسي أحيانًا أمارس النقد الأدبي وهو مجال دراستي الدقيق حيث تخرجت من قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1985، وبالطبع أمارس النقد الأدبي في فحص وتحكيم الكثير من المسابقات الأدبية أو عضوية لجان الفحص والقراءة للإصدارات الأدبية مثل مسابقات القصة والرواية التي ينظمها نادي القصة أو نقابة اتحاد الكتاب أو مسابقات ساقية الصاوي للقصة القصيرة، أو عند قراءة كتب لجان الفحص بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة. * لديك إصدارات من دور نشر عربية مختلفة برأيك لماذا يلجأ المؤلف لخارج الحدود وما هي الفوارق؟ * يلجأ المؤلف للنشر في الخارجي حتى يجد مساحة أكثر للحرية التي تمنحها الكثير من دور النشر بالدول العربية، وعلى رأسهم دور النشر في بيروت، وكانت أول تجربة لنشر رواية لي فيها مع روايتي "مواقيت الصمت" التي ظلت أكثر من سنتين ممنوعة من النشر في إحدى دور النشر المصرية، وربما يكون هذا السبب كافياً للنشر الخارجي.