العنوان مثلٌ عربي وحكمة، وأول من قاله سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه حين سرى بجيش المسلمين نحو الروم يقطع الوِهاد والنِّجاد ويصل كلال الليل بكلال النهار ويضرب لأجل المهمة أكباد الإبل حتى قطع المهامة والمهالك والقفار في أقل الأوقات، بعد أن ألقى بين عينيه عزمه ونكّب عن ذكر العواقب جانباً، فقالوا له: لقد أتعبت جيشك، وحمّلتَ الناس من أمرهم عسراً، فقال: (عند الصباح يحمد القوم السرى) وذهب القول حكمة ومثلًا لكون الراحة لا تُنال إلا بالتعب حتى قال أبو تمام: بصُرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها تُنال إلا على جِسْرٍ منَ التعب ولنا ولشبابنا، ولكل من يريد النجاح، وتحقيق الأهداف، عبرة في حياة أجدادنا العرب القدماء الذين كانوا يسرون على المطايا بليل قارس طويل يقطعون المجاهل ويواجهون الوحوش ويكابدون البرد في زمهرير الشتاء ليصلوا إلى أهدافهم ويحققوا مطالبهم مهما ادلهم الليل وطال السرى.. ولهم في وصف السارين بليل المعرضين لأهوال أشعار بليغة كقول الفرزدق: وَرَكبٍ كَأَنَّ الريحَ تَطلُبُ عِندَهُم لَها تِرَةً مِن جَذبِها بِالعَصائِبِ يَعُضُّونَ أَطرافَ العِصِيِّ كَأَنَّها تُخَزِّمُ بِالأَطرافِ شَوكَ العَقارِبِ سَرَوا يَخبِطونَ اللَيلَ وَهيَ تَلُفُّهُم عَلى شُعَبِ الأَكوارِ مِن كُلِّ جانِبِ إِذا ما رَأوا ناراً يَقولونَ لَيتَها وَقَد خَصِرَت أَيديهِمُ نارُ غالِبِ بصُرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها تُنال إلا على جِسْرٍ منَ التعب يصف سارين في ليل شتوي صلف الريح كأن لرياحه الشديدة ثأرًا عندهم فهي تجذبهم من عمائمهم وتجرهم من ملابسهم كأنما تريد أن تجردهم من قواهم وتقتلهم، وهم لشدة جذبها وقوة ثلجها يعضون عصيهم وقد طقت أحناكهم واصتكت أسنانهم وتخرمت أصابعهم من زمهرير البرد وشدة الريح التي تلسعهم لسع العقارب، ورغم ذلك سروا يخبطون الليل ورياحه الهوجاء تحنيهم كالربيان مُحدبين على أكوار المطايا متشبثين بالبقاء ناشبين على الأطراف قد ضمرت بطونهم من جوع، وتجمّدت أيديهم من برد، لكنهم يصبرون ويواصلون السرى، فيصبحون واصلين ما يريدون محققين ما يهدفون متحدين المهالك. ويقول أبو نواس واصفًا سارين ركبوا بحار الليل على سُفُن الصحراء حتى أضناهم السهر وطول السرى والسفر، فتساقطوا على ظهور المطايا كأنما تساقوا كؤوس النوم فمالت رؤوسهم تحت أكتافهم واختفت أعناقهم فكأنهم بلا أعناق: رَكبٌ تَساقَوا عَلى الأَكوارِ بَينَهُمُ كَأسَ الكَرى فَاِنتَشى المَسقِيُّ وَالساقي كَأَنَّ أَرؤُسَهُم وَالنَومُ واضِعُها عَلى المَناكِبِ لَم توصَل بِأَعناقِ خاضوا إِلَيكُم بِحارَ اللَيلِ آوِنَةً حَتّى أَناخوا إِلَيكُم فَلَّ أَشواقِ ولشاعر آخر في هذا المعنى: وركبٍ سَرَوْا والليلُ مُرخٍ رِوَاقَه عَلىَ كُلِّ مُغْبَرِّ المَوارِدِ قائمِ حَدَوْا عَزَماتٍ ضاعتِ الأرضُ بينَها فصَارَ سُراهم في ظُهورِ العَزائمِ أرتْهم نجومُ اللِّيل ما يطلبُونَه على عَاتِق الشِّعرى وهَامِ النَّعائمِ ويقول دغيم الضلماوي وفيها وصف بليغ لما يلاقي سراة الليل من مشاق بين مهالك صحراء وريح شتاء كأنها سم العقارب وجوع يضاعفه البرد ورغمه كله يواصلون ويصلون وفي الصباح يحمدون السرى: ياكليب شب النار ياكليب شبه عليك شبه والحطب لك يجابي قلط لها ياكليب من جزل خبه وشبه الى منه غفى كل هابي حنا علينا جيب ماها وحبه وعليك تقليط الدلال العذابي اغدي ليا شبيتها ثم قبه تدعي لها ربعن سراتن غيابي لوهم بعيدن شوف ضوه ينبه ولاهم قريبينن بنبح الكلابي بنسرية ياكليب ياشين غبه ليا نسنست لاكنها سم دابي متلطمين وناطحينن مهبه متكتفين وسوقهم بالعقابي خطو الولد ياحيف ما ينحسب به معيرتن على غضير الشبابي وش عاد لو يلبس زبونن وجبه يصير منهم من حساب الزهابي الوالمه ياكليب عجل بصبه والرزق عند اللي ينشي السحابي صبه لقرمن صرفته ماحسب به يوم البخيل مكنهب الوجه هابي وثنه لمصدورن ليا جاه نبه يرخص بعمره والدخن له ضبابي وعده عن اللي مايداري المسبه اللي يدور بالقصير الغيابي واحمس على جمره مع احراق حبه لما تشوف العرق على الحب ذابي ودقه بنجرن تالي الليل نبه يشادي لذيبن لاعوى براس نابي ودق البهار وبهره ثم صبه تصبغ على الفنجال مثل الخضابي ومن يوجعه راسه ترى الهيل طبه وليا تقهوا غاية الكيف طابي نذبح لهم كبشن عريض الملبه ومن مذبح السكين حس الركابي كم كبش مصلاحن لراسه نجبه ولو زودوا فيه الثمن مانهابي مع الشتال مزينن طبخ حبه والعذر مع هذا وزين الجوابي ونبدي لهم ياكليب هرج المحبه لاجنب الهين عريض العلابي وبهرجن احلى من شخاليل جبه واحلى من السمن الجديد العرابي يارب ناخذ تالي العمر عبه من قبل لاينسف علينا الترابي الصبر زين وراعي الصبر غبه يرقى بروس مشمرخات الهضابي ومن لاصبر ياكليب في حكم ربه هذاك يوم البعث ماله ثوابي يضرب لإنجاز المهام أكباد الإبل ياكليب شب النار ياكليب شبه مكابدة برد زمهرير الصحراء مكابدة برد زمهرير الصحراء ياكليب شب النار ياكليب شبه