أثرت الحرب في أوكرانيا سلباً على التعافي الاقتصادي العالمي، وأدت إلى تباطؤ النمو المتوقع بمعظم دول العالم، ومثلها فعلت أزمة "كورونا" التي أبرزت الشرخ الحاصل في النظام العالمي ومدى هشاشة الاقتصاد العالمي، وفي الوقت نفسه أظهرت الأزمتان قوة الاقتصاد السعودي، بشهادات دولية من كيانات اقتصادية كبرى، منها صندوق النقد الدولي الذي أشار في تقرير له إلى أن الآفاق الاقتصادية للمملكة إيجابية على المديين القريب والمتوسط، وأن انتعاش معدلات النمو الاقتصادي لها مستمرة، وكذلك احتواء التضخم، بالإضافة إلى تزايد قوة المركز الاقتصادي الخارجي للمملكة. ومن هنا توقع صندوق النقد الدولي أن يُسجل الاقتصاد السعودي نسبة نمو تصل إلى 7.6 % هذا العام 2022، وهي النسبة الأعلى بين جميع اقتصادات العالم التي تشمل الاقتصادات المتقدمة والنامية واقتصادات الأسواق الصاعدة. إلى جانب صندوق النقد الدولي هناك أيضاً وكالة موديز (مؤسسة رائدة في الأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية) وقد توقعت أن تحقق الميزانية السعودية فائضاً بنسبة 4.8 % من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وبنسبة 5.2 % العام المقبل، وهذا يمهد بإذن الله لإنهاء عجز الميزانية السعودية. قد يعتقد البعض أن السبب الوحيد لقوة الاقتصاد السعودي هو النفط، وهو اعتقاد خاطئ، إذ يشير تقرير "موديز" إلى نجاح المملكة في تحسين سياسة الإنفاق، واستمرارها بالتزام رفع كفاءة الإنفاق، ويعني ذلك أن هناك إطاراً أكثر فاعلية للسياسة المالية العامة بالمملكة، والتزامًا صريحاً ومستمراً بضبط أوضاع المالية العامة والاستدامة المالية على المدى الطويل. والمملكة لا تكمن قوتها في النفط فقط، لأنها تملك الكثير من المقومات الاقتصادية، فعلى سبيل المثال لا الحصر: تمتلك المملكة أعلى وأكبر نمو ناتج محلي بمنطقة الخليج والشرق الأوسط، وبنية تحتية قوية في مجالي الاتصالات والمواصلات دولياً ومحلياً، وقطاعات اقتصادية قوية ومتخصصة تشمل: الصناعات النفطية، ومعالجة المياه، والتمور، وتقنية المعلومات والاتصالات، والصحة، والتعليم، والقطاع المالي، والبترول، والزراعة، والبتروكيماويات. كذلك تشجع المملكة الاستثمار الأجنبي، وتروج للبلاد كوجهة مميزة للسياحة والأعمال والمعارض والمؤتمرات، وهي قطاعات لها أثرها الكبير على الاقتصاد المحلي، كما تمثل المملكة السوق الحرة الأكبر بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي أيضاً أكبر سوق للطيران المحلي بالشرق الأوسط. كما تستمد المملكة نقاط قوتها الائتمانية من قوة ميزانيتها العامة، المدعومة بمخزون احتياطي مالي ضخم، ومخزون ضخم ثابت من احتياطيات نفطية، ونظام مالي مستقر، ومنظم، يعزز من متانة ملفها الائتماني السيادي. هذا كله يجعلنا أكثر تفاؤلاً بالمستقبل بإذن الله، وأكثر ثقة بأداء دولتنا، وأكثر إيماناً بقوة بلادنا الاقتصادية واستقرارها، ونجاحها في مواجهة الأزمات العالمية التي فشلت دول كثيرة وكبيرة في التصدي لها.