يعد هذا العمل أحد أعمال الفنان فرانسيس بيكون الذي عرف بجرأته الفنية وانفعالاته المنعكسة على أعماله فارتبطت سمعته باعتباره فناناً مختلفاً يمثل حالة الإنسان بشكل غريب وغير مألوف، فقد قضى هذا الفنان وقتاً طويلاً من حياته باحثاً عن موضوع قد يلهمه ويثير اهتمامه، فما علاقة الفنان فان جوخ بذلك؟ عند النظر للعمل للوهلة الأولى قد لا نجد فيه عناصر وتفاصيل تذكر فلا يتضح لنا سوى رجل داكن مجرد من الملامح وكأنه في وسط الطبيعة، في هذه اللوحة نجد أن اللون هو الأساس فيها وليس الشكل.. وهذا يذكرنا بأسلوب الفنان العالمي فان جوخ الذي كان اللون هو أساس لغته الفنية! فكان يعبر من خلاله بحرية وجرأة غير مسبوقة عن مشاعره وأفكاره، ولكن الغريب في الأمر أن أعمال فان جوخ غلبت عليها الألوان الناصعة المبهجة رغم واقعه الكئيب، ولكن عندما قام الفنان بيكون بتقليد هذا العمل لم يقلده تماماً كما هو بل أضاف لمساته الخاصة ذات الطابع المبهم والسوداوي. وقد يكون دافع الفنان بيكون لرسم هذا العمل الذي يدخل ضمن مجموعة مكونة من 6 أعمال أخرى مستلهمة من أعمال فان جوخ هو تأثره بالمواضيع التي عبر فيها عن وحدته في رحلة الحياة والفن! فقد تشارك الفنانان بجزء من المشاعر السلبية، فلم يكن فن فرانسيس مقبولاً لدى الجميع، وربما لم يكن ناجحاً كما كان يرغب، يقال إن هذا العمل لم يراه بيكون بشكل مباشر ولكن رأى صوراً له فأراد أن يعيد رسمهم بأساسيات فان جوخ مع لمسات بيكون فيبدو التكوين مألوفاً والمنظر مشابهاً للمناظر التي كان يرسمها فان جوخ ولكن بطابع خاص ومختلف لتكون لبيكون بصمته الخاصة يخلد من خلالها المشهد المكرر لجزء من معاناة الفنان فان جوخ الذي لم يحظَ في حياته بتقدير لموهبته وعبقريته الفنية التي سبقت عصره. دراسة لصورة فان جوخ الثالثة 1957م.. زيت على كانفس.. فرانسيس بيكون.. محفوظة بمتحف هيرشورن وحديقة النحت.. مؤسسة سميثسونيان.. واشنطن العاصمة