أكد صانعو السياسة دعمهم لرفع أسعار الفائدة إلى تلك النقطة التي يتم فيها تقييد النشاط الاقتصادي، مع إمكانية أن تصبح السياسات «أكثر تشدداً» إذا استدعت البيانات ذلك. وصرح محافظو البنوك المركزية أن رفع معدلات الاقتراض القياسية بمقدار 0.75 نقطة نقطة مئوية (للمرة الأولى منذ عام 1994) كان ضرورياً للتحكم في زيادة تكاليف المعيشة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1981، وقالوا إنهم سيستمرون في القيام بذلك حتى يقترب التضخم من المستوى المستهدف على المدى الطويل البالغ 2 %. وأقروا أيضاً بأن تشديد السياسة سيكون له تكلفة، وذكر ملخص الاجتماع أن «المشاركين أدركوا أن ثبات السياسات قد يبطئ وتيرة النمو الاقتصادي لبعض الوقت، لكنهم رأوا أن عودة التضخم إلى مستوى 2 % أمر بالغ الأهمية لتحقيق الحد الأقصى من فرص العمل على أساس مستدام. جاء ذلك وفقاً لمحضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر يونيو الماضي، أن كبار مسؤولي الفيدرالي يعتقدون أن التضخم الراسخ يمثل «خطراً شديداً» على الاقتصاد الأمريكي ويخشون من أن تكون هناك ضرورة ملحة لتطبيق سياسات نقدية أكثر صرامة إذا تجاوز نمو الأسعار توقعاتهم، وأكد المسؤولون في الاجتماع على ضرورة محاربة التضخم، حتى لو كان ذلك يعني تباطؤ الاقتصاد الذي يبدو بالفعل على حافة الركود. وكشفت الملاحظات الصادرة عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن القلق الذي ينتشر عبر المراتب العليا في البنك المركزي الأمريكي بشأن التضخم، الذي يتحرك بوتيرة سنوية تبلغ 8.6 %، وأظهر التقرير أيضاً الجهود التي كان المسؤولون على استعداد لبذلها لضمان عدم خروج الأسعار عن نطاق السيطرة، وسيقرر الاحتياطي الفيدرالي ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة بمقدار 0.50 نقطة مئوية أو 0.75 نقطة مئوية في اجتماعه هذا الشهر، على الرغم من أن العديد من المسؤولين أشاروا إلى دعمهم لرفع سعر الفائدة بمعدلات أعلى وهو الأمر الذي يبدو أن توقعات الأسواق تتوافق معه. كما تضمن اجتماع يونيو تعديل التوقعات والتي أشارت إلى أن المسؤولين توقعوا رفع أسعار الفائدة إلى أقل بقليل من 3.5 % بنهاية العام. ومن المتوقع رفع سعر الفائدة مرة أخرى إلى 3.75 % العام المقبل قبل خفضها في عام 2024. كما توقع المسؤولون ارتفاع معدلات البطالة وتراجع النمو خلال تلك الفترة. تحسن تقرير الوظائف بشكل مفاجئ وأفاد مكتب إحصاءات العمل أن الوظائف غير الزراعية زادت بمقدار 372 ألف وظيفة في يونيو، أي أعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين بتسجيل 265 ألف وظيفة وأقل قليلاً عن مستوى 384 ألف وظيفة التي تم توفيرها في مايو. وساهم نمو سوق الوظائف في يونيو بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً في تعزيز فرص الاقتصاد لتعويض كافة الوظائف التي فقدها خلال الجائحة. ولم يتغير معدل البطالة وظل مستقراً عند مستوى 3.6 % للشهر الرابع على التوالي. وارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 0.3 % إضافية في مايو بعد تسجيل نمو بنسبة 0.4 % في الفترة السابقة، مسجلاً بذلك نمواً تخطى نسبة 5.1 % على أساس سنوي. إلا أن معدل المشاركة في القوى العاملة، الذي يقيس نسبة الأمريكيين سواء العاملين أو الباحثين عن عمل، قد تراجع إلى 62.2 %، أي أعلى بأكثر من نقطة مئوية واحدة عن مستويات ما قبل الجائحة. ومع بدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الآن ما يتوقع أن يكون أكثر حملاته لتشديد السياسة النقدية منذ الثمانينات، يخشى الاقتصاديون من أن سوق الوظائف في الولاياتالمتحدة قد تكون معرضة لمخاطر شديدة في ظل إمكانية ارتفاع معدلات البطالة بداية من العام المقبل وحتى عام 2024، مما قد يؤدي لتعرض شعبية الرئيس جو بايدن للمزيد من التراجع. وصرح مسؤول كبير في البيت الأبيض يوم الخميس أن تباطؤ خلق فرص عمل ليس «مدعاة للقلق»، إلا أنه بالأحرى يعكس الانتقال إلى «وتيرة أكثر استدامة لنمو الوظائف». تسارعت وتيرة التضخم في سويسرا إلى أعلى المستويات المسجلة منذ نحو ثلاثة عقود بعد الارتفاع بنسبة 3.4 % في يونيو مقابل 2.9 % تقريباً في مايو. وتجاوز ذلك معدل 2 % المستهدف من قبل البنك الوطني السويسري، وأشار رئيس البنك المركزي توماس جوردان إلى تفكير المسؤولين في رفع سعر الفائدة مرة أخرى لمواجهة ضغوط الأسعار. ويأتي هذا التطور بعد أسبوعين فقط من صدمة البنك المركزي السويسري للأسواق برفع سعر الفائدة إلى 0.25 %، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2007. التوقعات الاقتصادية العالمية قد «تدهورت بشكل ملحوظ» وتشير توقعات البنك المركزي لشهر يونيو إلى وصول معدل التضخم إلى 2.8 % هذا العام، و1.9 % في عام 2023 و1.6 % في عام 2024. وأثارت الاختناقات المستمرة في سلسلة التوريد الناجمة عن جائحة كوفيد- 19 العديد من الضغوط التضخمية، والتي تسارعت بشكل أكبر بسبب حرب روسيا وأوكرانيا. معضلة بريطانيا وصرح محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، أن التوقعات الاقتصادية العالمية قد «تدهورت بشكل ملحوظ» وحذر من إمكانية حدوث صدمات أخرى في المستقبل. وألقى بيلي باللوم على الغزو الروسي لأوكرانيا، نظراً لما تسبب به من إضافة المزيد من الضغوط على أسعار السلع الأساسية وارتفاع معدل التضخم. وتضمن التحذير أيضاً تحديث الاستقرار المالي نصف السنوي لبنك إنجلترا، والذي يأتي في الوقت الذي تواجه فيه المملكة المتحدة أعلى معدل تضخم منذ 40 عاماً، مما يزيد من مخاوف مواجهة الأسر البريطانية للمزيد من المصاعب لسداد ديونها. وسجلت معدلات التضخم البريطانية أعلى مستوياتها وصولاً إلى 9 % في يونيو 2022، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ عام 1982. ويتوقع البنك أن الأسوأ لم يأت بعد. وقد يصل هذا المعدل إلى 11 % بنهاية العام الحالي. كما قد يؤدي هذا الوضع إلى مواصلة رفع أسعار الفائدة في محاولة للحد من التضخم. وفي يونيو 2022، رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة من 1 % إلى 1.25 % فيما يعد أعلى معدل منذ 13 عاماً. بنك إنجلترا كان يحاول رسم مسار محدود بين هاتين القوتين وحذر كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا هوو بيل من أن الاقتصاد البريطاني سيتباطأ إلى درجة الزحف على مدى الاثني عشر شهراً المقبلة، كما أكد تفضيله لاتباع النهج «الثابت» في رفع أسعار الفائدة. وفي ظل اتجاه التضخم نحو معدل ثنائي الرقم وتلاشي النمو الاقتصادي، صرح بيل بأن بنك إنجلترا كان يحاول رسم مسار محدود بين هاتين القوتين وإعادة نمو أسعار المستهلك إلى المستوى المستهدف البالغ 2 %. وإضافة إلى ذلك، استقال رئيس الوزراء بوريس جونسون بعد استقالة وزيري الصحة والمالية، مما أدى إلى تزايد الصراعات السياسية وزيادة المعنويات المضطربة في بريطانيا. وأضاف بيل أنه مستعد لتسريع وتيرة تشديد السياسات النقدية إذا دعمت البيانات مثل تلك التحركات، ورفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة خمس مرات منذ ديسمبر، حيث قام برفعها من 0.1 % إلى 1.25 %. ويتوقع تسريع وتيرة تشديد السياسات النقدية على الرغم من فقد النمو لزخمه نظراً لوصول معدل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ 40 عاماً مما ساهم في تراجع القوة الشرائية للأسر البريطانية.