يمكن خوض كل أشكال المعارك محدودة النزال يوميًا، أو طويلة النفس بشكل أبدي، وأي شخص تلتقيه فسيخبرك بأهمية حربه، لكن الأكيد - تمامًا - أن "معركة الأسئلة" هي الأهم في الحياة. الأجوبة مرمية على قارعة الابتذال، يملكها الأقل معرفة غالبًا، ويجاهر بثقته الهشة، لكن الأسئلة ثمنها باهظ العواقب، يمكن أن تغير بالأسئلة ما لا تستطيع فعله بالقوة، وهذه قاعدة فكرية لا فيزيائية، منفية غالبًا.. منسية في معظم الأحايين. أُومن أن الأسئلة، أو التساؤلات، أو التأمل بشتى ملامحه؛ هو الطريق الأوحد لفهم الذات، واستيعاب اختلاف الآخرين، ومعرفة ماهية المحيط والمجتمعات، وهذا كله مرهون بالرغبة، وبعض المجازفة، للتطور والتغيير، والوصول لمناطق لا تغطيها الإجابات المعلبة. رحلة البحث تدربنا على التوازن، وتعلمنا كيفية الوقوف على الحواف، لأن مهارة التأرجح وعدم السقوط، تنضج بالخبرة والتجريب، أن تقف بثبات بين آخر احتمال وأوثق معلومة. أنا اليوم لا أشبه البارحة، وقد لا أكون هكذا غدًا، أنت كذلك، لك نسخ كثيرة، بعضها اختفت تمامًا، ومنها ما تبقى لها أطراف ثبات، الولادة الجديدة لذواتنا، جاءت بفعل التساؤل، وبعوامل أخرى محيطة، لكن التأمل كل مرة يثبّت لدينا قناعات، وينفي أخريات. في المقابل.. التغير بالفكر، أو الشخصية، يعمل على بناء فجوات بيننا وبين الآخرين، في حال لم نستوعب نسخهم المحدثة، نفضّل، جميعًا بلا استثناء، حشر الناس في قوالب عتيقة، الأغلب أنها تمثل شكل العلاقة القديمة أو المعرفة الأولى، هذا التصور يظلمنا قبل غيرنا، لأن الصورة "الغابرة" قد لا تعكس شخصياتهم وأفكارهم الآنية. أميل لفكرة أن الحوار هو الأساس لفهم الآخرين، مهما اختلفت طريقة التقاطع أو التواصل معهم. مساعدتهم على شرح أفكارهم بشكل كامل، يسهم بدرجة كبيرة في نضوجها، مهما اختلفنا معها وظننا بخطئها، الأهم أن نتقبل ونحترم ما يودون قوله، ويعبر عن ذواتهم.. ويصب في خزان المعرفة المجتمعية الكبير. ما يميز الاختلاف هو التنوع، تصبح للأشياء تعريفات عديدة، وللمفاهيم أكثر من زاوية للنقاش. نحتاج أن نعي هذا التعدد بالنظريات والرؤى، للوصول لأفضل الأفكار والممارسات والأنظمة، التي تحاول بناء أفضل نموذج مجتمعي نحتاجه. وللأفكار بقية. والسلام..