وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى كوريا الجنوبية أمس الجمعة في المحطة الأولى من أول جولة يقوم بها في آسيا منذ توليه منصبه. ومن المرجح أن تلقي زيارة بايدن بظلالها على قضية كوريا الشمالية، والتصدي لنفوذ الصين المتسارع وبناء العلاقات الاقتصادية. ومواجهة النفوذ الصيني في المنطقة هي إحدى القضايا المهمة في جولة بايدن، لكن كوريا الجنوبية ستلتزم على الأرجح بموقف حذر بهذا الشأن نظرا لأن بكين هي أكبر شريك تجاري لسيول. ومن المنتظر أن تكون كوريا الجنوبية أحد الأعضاء المؤسسين في إطار العمل الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي الذي يسعى له بايدن. كما ستكون قضية كوريا الشمالية على جدول محادثات الرئيسين الأمريكي والكوري الجنوبي. وتخلى كيم جون أون زعيم كوريا الشمالية عن تجميد اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ويبدو بصدد استئناف اختبار قنابل نووية، وربما يفعل ذلك أثناء وجود بايدن في المنطقة. وفي ذات السياق يلتقي قادة الولاياتالمتحدةوالهندواليابان وأستراليا الأسبوع المقبل في طوكيو سعيا للتوصل إلى أرضية توافق لمواجهة الصين، رغم الاختلافات في المواقف حيال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وترفض نيودلهي حتى الآن التنديد بهجوم موسكو على الدولة المجاورة وقاومت المحاولات لضمها إلى العقوبات الدولية ضد روسيا. والتحالف الرباعي (كواد) الذي يضم واشنطنوطوكيو وكانبيرا ونيودلهي متحد لتشكيل قوة مضادة لنفوذ الصين الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ويجتمع تحالف كواد الثلاثاء في وقت يحذّر العديدون بأن بكين تراقب عن كثب الرد الدولي على غزو أوكرانيا وتدرس خياراتها من أجل "إعادة توحيد" تايوان مع البر الصيني. وقال روبير دوجاريك من معهد الدراسات الآسيوية المعاصرة في جامعة "تمبل" لوكالة الأنباء الفرنسية إن قادة كواد سيبحثون سبل التعاون العسكري بمواجهة الصين. ويصل الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد إلى اليابان في أول زيارة منذ تولي مهامه الرئاسية، ومن المتوقع أن يغتنم لقاءاته مع رئيس الوزراء فوميو كيشيدا لعرض مخاوفه حيال بكين. لكن من المرتقب أن تكون تصريحات كواد أقل شدّة، على غرار النداءات الصادرة من أجل جعل "منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرّة ومفتوحة"، والتحذيرات من خطوات "أحاديّة" في المنطقة، بدون ذكر بكين بالاسم. وقد تطغى على القمة مسألة كوريا الشمالية في وقت تفيد واشنطن أنها تعدّ لعمليات إطلاق صواريخ جديدة وربما كذلك لتجربة نووية. كما تبدي اليابان مخاوف من الوجود الصيني حول جزر متنازع عليها بين البلدين، فيما تتكثف المحادثات حول سبل الرد على الرغبات الصينية لإعادة ضم تايوان. وأجرى وزير الخارجية الياباني الأربعاء محادثات لأول مرة منذ ستة أشهر مع نظيره الصيني داعيا بكين إلى لعب "دور مسؤول" على الساحة الدولية. من جانبها، حذرت بكين من أن المعلومات التي تفيد بأن واشنطنوطوكيو "ستوحدان قواهما" ضد الصين، تنعكس سلبياً على الأجواء. وحذر كبير مسؤولي الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني يانغ جيشي بشأن تايوان بأنه إذا استمرت الإدارة الأميركية "في الطريق الخاطئ، فستوصل الوضع حتما إلى نقطة خطيرة". اختلافات في الموقف مع الهند من جهة أخرى سيسعى بايدن وكيشيدا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للتوصل إلى توافق على صعيد التعاون الاقتصادي. وستكشف الولاياتالمتحدة عن خطتها ضد الصين تُعرف باسم "الإطار الاقتصادي لمنطقة الهندي والهادئ"، وهو تجمع تجاري جديد يعتبر وسيلة لإقامة سلاسل إمداد بدون الصين. وتأتي هذه المبادرة الجديدة بعد انسحاب واشنطن المفاجئ عام 2017 من "الشراكة عبر المحيط الهادئ" التي تضم دولا من آسيا والمحيط الهادئ والقارة الأميركية. غير أن أي موقف مشترك قد يصطدم بخلافات مع الهند، الدولة الوحيدة في تحالف كواد التي امتنعت حتى الآن عن التنديد بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وزادت وارداتها النفطية من روسيا. وقال ميشيتو تسورووكا المحاضر في جامعة كيو إن "كواد بدأ كإطار أمني، لكن لديه الآن برنامجا موجها أكثر نحو الاقتصاد" على ضوء الصعوبات مع الهند حول المسائل الدفاعية. ومن المستبعد أن تتمكن قمة 23 مايو من تغيير هذا الوضع برأي جيتندرا ناث ميشرا الدبلوماسي الهندي السابق والمدرس في جامعة جيندال العالمية. وأشار إلى أن واشنطن وحلفاءها "أثبتت أنها تدرك حاجة الهند إلى حماية روابطها الإستراتيجية والعسكرية مع روسيا لتطوير قدراتها بمواجهة الصين". وتابع أن "الضغط على الهند لا يخدم حاجة الغرب إلى إقامة تحالف للتصدي للصين".