يبدو أن المشهد السياسي الباكستاني في طريقه لأخذ منحى آخر؛ بعد التصعيد الذي حدث عقب إصدار المحكمة العليا قرارا نافذا بعدم جواز تصويت الأعضاء الذين انشقوا في حزب عمران خان وانضموا للتحالف الموسع الحكومي قبيل قرار حجب وصوتوا ضد حكومة عمران مما أدى لسقوط حكومته. قرار المحكمة العليا قوبل بالامتعاض في أوساط الحكومة؛ كونه سيؤدي لسقوط الحكومة الائتلافية التي يقودها حمزة شهباز في إقليم البنجاب باعتبار أن أكثر من 20 عضوا من حزب عمران صوتوا لحكومة حمزة شهباز الإقليمية، ومن ثم العودة لاقتراع حجب الثقة ضدها، وفي حالة عدم تمكنها من الحصول على أكثرية البرلمان في تصويت جديد؛ وحصول حكومة حزب عمران الائتلافية على أغلبية يعني عودتنا للحكم في البنجاب، مما سيغير المعادلة السياسية، كون من يسيطر سياسيا على إقليم البنجاب هو المسيطر على مقاليد الحكم في الباكستان لأهمية إقليم البنجاب سياسيا واقتصاديا.. بالمقابل صعد عمران خان حملته الشعبية ضد حكومة شهباز الائتلافية وأعلن عن النفير الشعبي باتجاه العاصمة إسلام آباد مؤكدا أن حكومة شهباز تبقى لها أيام معددة على حد قوله، وقال عمران في تظاهرة احتجاجية: إنه يتوقع مشاركة مليون من مؤيديه في تظاهرة إسلام آباد المرتقبة التي لم يعلن عمران عن موعدها حتى الآن. وتواجه حكومة شهباز الائتلافية التي قررت الاستمرارية في الحكم حتى نهاية نوفمبر عام 2023 وهي المدة الدستورية الممنوحة لها؛ تحديات اقتصادية وسياسية تراكمية؛ قد تحول دون استمرارها في ظل وجود ائتلاف حكومي هش واحتمالات سقوط حكومة البنجاب الاقليمية فضلا ضغوط المعارضة بعقد الانتخابات المبكرة التي يرجح العديد من المحللين والمعلقين السياسيين، أنها الحل الوحيد للأزمة المتعاظمة حاليا مؤكدين أن المشهد السياسي الباكستاني ضبابي وغير واضح مع دخول الحكومة في محادثات صعبة جدا مع صندوق النقد الدولي الذي استمر في فرض شروطه مقابل تسليم قروض مليارية للحكومة التي تحتاج على الأقل إلى 10 مليارات دولار لإنقاذ الوضع الاقتصادي. في تحرك سريع لامتصاص غضبة الشارع الباكستاني الذي يعيش أزمة اقتصادية ومعيشية تراكمية منذ عدة سنوات، قررت الحكومة الباكستانية الجديدة عدم رفع أسعار البنزين والتي شهدت زيادات هائلة في عهد حكومة عمران المقالة بزعم الضغوطات من البنك الدولي، وجاء القرار الذي اتخذته الحكومة بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدها رئيس الوزراء شهباز شريف مع فريقه الاقتصادي. وعلى صعيد آخر تحركت الدبلوماسية الباكستانية باتجاه حليفها السابق الولاياتالمتحدة الأميركية مستنجدة بها لاقناع صندوق النقد الدولي بتخفيف الشروط ضدها حيث التقى وزير الخارجية الباكستاني بيلاول بوتو رزدادي مع نظيره الامريكي بلينكن لاعادة ترميم العلاقات بين إسلام آباد وواشنطن والتي شهدت خلال حكم عمران خان تدهورا شديدا خصوصا أن خان اتهم الإدارة الامريكية بتدبير مؤامرة لاسقاط حكومته.. وتعتبر زيارة بيلاول زرداري؛ الذي يعتبر الابن الأصغر للراحلة بي نظيربوتو؛ إلى واشنطن هي الأولى له منذ تعيينه في هذا المنصب الشهر الماضي، و بحث بيلاول مع نظيره تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب مناقشة سبل توسيع الشراكة الثنائية في مجالات المناخ والاستثمار والتجارة والصحة والتعاون بشأن السلام الإقليمي ومكافحة الإرهاب والاستقرار الأفغاني، وتعزيز الأمن الغذائي العالمي. وجاء في بيان للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، أن بلينكن أكد الرغبة المشتركة في أن تكون العلاقة الثنائية بين البلدين قوية ومزدهرة. وأضاف البيان أن الوزيرين ناقشا سبل توسيع الشراكة بين البلدين في مجالات مكافحة المناخ والاستثمار والتجارة والصحة، والروابط بين الشعبين. كما شددا على أهمية التعاون بين الولاياتالمتحدة وباكستان فيما يتعلق بالسلام الإقليمي ومكافحة الإرهاب والاستقرار في أفغانستان ودعم أوكرانيا وشهدت العلاقات الأمريكية - الباكستانية أسوأ أزمة في عهد حكومة عمران، وتحاول حكومة شهباز إعادة ترتيبها، كون حكومة شهباز تعتبر واشنطن شريكا استراتيجيا لا يمكن التخلي عنه.