الكتاب ذاكرة لا تشيخ، فيه عانقت أعيننا الكلمة ومنه نهلنا المعرفة، لذلك جاء كتاب "ذاكرة الكتب" للكاتب محمد الرويلي، من إصدارات نادي الجوف الأدبي الثقافي، ليوثق حقبة من الزمن عاشها بعض الكُتاب والأدباء بمختلف ميولهم مع الكتاب الذي كان مصدراً مهماً لإلهامهم ومحفزاً لتنشيط ذاكرتهم. احتوى الكتاب على (28) لقاء مع عدد من الأدباء والكتاب الذين تحدثوا فيها عن بداية علاقتهم بالكتاب، كيف بدأت؟ ومن هو ملهمهم الأول فيها؟ كما تحدثوا عن أول الكتب التي تعرفوا عليها، وما الطرائف والصعوبات التي صاحبت بداياتهم مع الكتاب، فكان لكل واحد منهم موقفاً مع كتاب ألهمه حب القراءة وكان دافعاً له لينضم إلى قبيلة القراء، بالإضافة إلى علاقاتهم مع شراء الكتب واستعارتها في ظروف كانوا فيها لا يملكون ديناراً ولا درهماً سوى مصروفهم المدرسي الذي جُيّر ليكون لشراء وجبة تغذي العقل، ومن مواقف استعارة الواردة في الكتاب أن أحدهم طلب منه المسؤول عن المكتبة إعادة الكتاب لمكانة بحجة أن الكتاب أكبر من عمره، طالباً منه البحث عن كتاب آخر لاستعارته. وآخر أيضاً قيل له: ألق بالكتب فلن تفيدك وتعال خذ فاكهة للأولاد. وتحدث الكتاب عن دور الأسرة في دعم مكتبات الأبناء، كما تحدث عن أطرف مسميات المكتبات الخاصة ومن ذلك مكتبة أحد الأدباء التي أطلق عليها زوارها (مكتبة الممنوعات). ومن أغرب المواقف أن إحدى الأديبات خلعت زوجها في المحكمة من أجل أن تستطيع نشر كتابها، بالإضافة إلى أن أحدهم اشترى كتبه ممن يبيعون الكتب المستعملة بعد أن فقد مؤلفاته جميعها، ولم يعد معه نسخ منها، أما أطرفها فكانت عندما باع أحدهم مكتبته من أجل أن يكمل دراسة الماجستير فاشتراها أحد المهتمين غير أنه بعد أن حصل على الماجستير قدّم المشتري المكتبة نفسها هدية له بمناسبة حصوله على الماجستير مع مبلغ من المال نظير تفوقه الدراسي. فتنوعت اللقاءات وامتزجت الأفكار وتعددت الكتب والمراجع والمواقف والطرائف التي مرت على فرسان الكتاب الذين اتفقوا على أن إعارة الكتب من المحظورات التي لا مجاملة فيها، فكل مُعار لن يعود أبداً متمثلين بالقول المأثور: (مجنون معير الكتاب، ومجنون مُعيده)، وقول فولتير عندما قيل له: مكتبتك كبيرة يا فولتير، فقال: (جمعتها من الأغبياء). أما عن أبرز الكتب التي وردت في الذاكرة وكانت ضمن اهتمامات الكُتاب والأدباء (شمس المعارف، وطوق الحمامة للأندلسي، وكتب الشيخ حمد الجاسر، وأي بني للدكتور عبدالعزيز الخويطر). ختاماً أقول: إن ذاكرة الكتب ستبقى مرجعاً مهماً للباحثين، وبصمة خالدة ل(28) أديباً وكاتباً أثروا الكتاب بذاكرة لا تشيخ. محمد بن حلوان الشراري