الحنين إلى الماضي يحمل في صفحاته الكثير من الذكريات الجميلة، التي تداعب أفكارنا من حين إلى آخر وتعطره بعبق الماضي؛ لذلك نتمنى في أحايين كثيرة العودة إليها لنُعيد تلك اللحظات على الرغم من وجود بعض الأوقات المريرة والآلام التي لازمتنا. رمضان بروحانيته وشاعريته يُعد بيئة خصبة لعودة الأيام الخوالي من الذكريات، التي يتداولها القلب واللسان، وهو شهر حافل بتصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة والأفكار القديمة، وشاهدنا ذلك عبر البرامج والمسلسلات التي نقلت لنا صورة حية من العقود الماضية المُحملة بالكثير من الوقائع الحقيقية التي ربما يتصورها الجيل الحالي أنها أساطير وقصص من نسج الخيال أو نوع من المبالغة؛ لبشاعة صورتها وقسوة وطأة ظلالها على المجتمع في حقبة من الزمن، عارضة أحداث الصراعات بين التيارات مختلفة التي تصارعت لُتسيطر على زمام المجتمع تحت ذرائع مختلفة واستغلال الرسالة الدينية التي اتخذوها غطاء لمخططات أبعد ما تكون عن سمو الدين عنها، وظهرت هناك ثقافة التشدد ونبذ الفكر البعيدين عن سماوية الدين الذي أنزله رب العالمين ليصبح المجتمع منغلقاً ومتذبذباً بأفراد محاولين جر المجتمع نحو الهاوية.. ومع بقاء هذه التيارات المتنافرة والمتصارعة أصبحنا مقيدين بفكر التطرف والغلو مما قاد البعض إلى طريق اللاعودة بفكر ضال هوى بهم في براثن الإرهاب بنهاية المطاف، وقد امتدت لهم يد موسومة بالضلال لتسلبهم طمأنينتهم وتسرق منهم حياتهم لتنفيذ مخططاتهم ولتجدنهم ليقاتلوا لرفع رايتهم، بصريح العبارة قادوهم مثل القطيع من دون وعي صوب التهلكة. كل هذا ليس حقاً كما يدعون باسم الدين الصحيح، وإنما لفعل مخططات وأجندات خاصة في المجتمع. تلك الصراعات التي طوقت مجتمعنا بأكمله تنازعت بين الحداثة والدين، وزرعت في العقول نظريات مُستحدثة غير واعية عن فكر ضال باسم الدين برسائل تغتال روح المحبة والتسامح والوسطية والاعتدال وعدم قبول الاختلاف رغم أنه أساس المعادلة الكونية التي أوجدها الله في البشرية منذ أن خلق البسيطة ومن عليها. وها نحن اليوم بعد أن زاحت الغمة وأشرقت شمس الحياة الحقيقية وكشفت بنور ربها عن ضلالهم وأظهرت سوء نياتهم وخراب أفكارهم التي حاولوا من خلالها تسميم عقول جيل كامل أملًا بأن يتوارثها جيل بعد آخر، حتى اصطدمت بجيل واعٍ أبى أن يقع تحت سطوتهم بأفكارهم الهدامة؛ فأصبحت قصصًا تروى وعبرًا تُحكى عنهم لأبنائنا الذين يُعدون لبنة جيل الوعي والفكر والاختراع والذكاء الاصطناعي بدين مكانه القلب، ويؤكده اليقين، وبفكر ناضج يقود المجتمع للوسطية الصحيحة ويطهر كل ما علق بالأذهان من عوالق الماضين واضعًا خطواته الأولى في سباق مجتمعي فريد من نوعه تقودها الدولة بقيادة حكيمة نحو العالمية. بعد أن نفض المجتمع غبار صراع التيارات المختلفة والمتخلفة، أصبح الوعي والفكر والاختراع واحترام الأديان يُغلِّف مجتمعنا، وأدرك العالم أننا نقع في مصاف الدول التي تهتم بالحضارة وترتقي بالإنسانية، وساد العلم والنور واليقين لنحمد الله الذي أذهب عنا الحزن وهدانا لنُصبِحَ أمةً وسطاً.