ارتبط النخيل بأوراقه الممتدة وبظلاله الوارفة لأجيال متلاحقة وعصور متتالية بعناية زارعيه واهتمام مالكيه، وهي مهنة يورثها الآباء للأبناء كونها تنتج ثماراً ذات قيمة عالية، وهي ثروة حقيقية، وهي مصدر رزق للكثيرين من المزارعين والتجار وأصحاب المحلات، ولقيمتها الغذائية العالية واحتوائها على العديد من العناصر الغذائية والأملاح المعدنية والفيتامينات يسميها علماء التغذية: الْمَنْجَم، ولم يُعرف شجر له من الثمار أنواع عديدة مثل ما للنخيل؛ فحقيق بشجر هذا نفعه أن يحتسب الأجر والثواب في غرسه المحتسبون وأن يتنافس فيه المتنافسون. وقد لفت نظري ذات يوم أحد المتسوقين وهو يبتاع كمية كبيرة من أنواع مختلفة وأشكال متعددة من المبيدات الحشرية عالية السمية لقدرتها - كما يقول - على إبادة كافة الآفات المتنوعة وجميع أنواع الحشرات المختلفة فوق الأرض وتحت الأرض وحتى في الهواء فتبادر للذهن في وقتها تساؤل عن الوسيلة الأفضل لضبط التمور الملوثة بالمبيدات قبل وصولها إلى المستهلك؛ فبادر متسوق آخر في مكان قصي بالإجابة بأنها تكون بفحص تلك التمور من قبل جهة مختصة في هذا المجال قبل دخولها للأسواق وسحب عينات عشوائية بصفة دورية من محلات التمور ونقاط بيعها والتأكد من خلوها من المبيدات قبل وصولها للمستهلك ليكون على بينة من أمره عند شرائه لها واتخاذ الإجراءات النظامية على العينات غير المطابقة مع فرض غرامات مالية كبيرة على من يبيع تموراً ملوثة بالمبيدات، بحيث لا يُسمح بوصول أي منتج من التمور على اختلاف أنواعها إلا بعد التأكد من خلوه من المبيدات الضارة وبيان سلامته وصلاحيته للاستهلاك الآدمي، وفرض شهادة تلصق على جميع عبوات التمور تثبت خلو التمور من جميع الملوثات بما فيها المبيدات لتتوافق مع الاشتراطات في هذا المجال؛ وينبغي أن تتم عملية المراقبة من خلال أنظمة ولوائح مدعومة بمختبرات معتمدة دولياً وكوادر فنية مدربة تدريباً عالياً لرفع موثوقية نتائج التحاليل لتطبيق مقاييس إنتاج ونظام دقيق لتشكيل ظروف مثالية لزراعة النخيل والاهتمام بها بهدف حصاد أجود التمور العضوية والطبيعية، وتكون محلات التمور ونقاط بيعها مسؤولة مسؤولية كاملة من الناحية النظامية عن سلامة التمور المعروضة للبيع وخلوها من المبيدات ويحق للمستهلك بموجب فاتورة الشراء أن يجري فحوصات للتمور لدى المختبرات المعتمدة وفي حال ثبوت تلوثها بالمبيدات فإن المحل يتحمل كافة التكاليف والخسائر المترتبة على ذلك مع إلزامه بإرجاع البضاعة المعيبة لتلوثها بالمبيدات؛ فجميع المبيدات خطرة والاختلاف فقط في درجة الضرر؛ وكما هو معروف فإن التلوث بالمبيدات الموجودة في التمور هو عبارة عن مجموعة من الكيماويات التي يتم خلطها مع بعضها البعض وبأنواع مختلفة وأشكال متعددة بهدف قتل أو منع أو القضاء على الآفات، وفي الحقيقة فإن مقاومة الآفات للمبيدات قد تزايدت؛ فما يزيد عن خمسمائة نوع من الحشرات قد طوروا جميعاً مقاومة خاصة لمبيدات الآفات، ويوجد نحو عشرة آلاف نوع من الحشرات تندرج تحت الآفات الخطرة وتحقق تلك الحشرات جميع رغباتها؛ فعندما ترغب في محصول ما فإنها تحصل عليه، وخلال عمر البشرية لم يستطع الإنسان أن يسيطر على الحشرات إلا لعدة سنوات قليلة، ولكن سرعان ما استعادت الحشرات قوتها وأضحت هي المسيطرة مرة أخرى.