ما زال الغموض يكتنف الوضع في أوكرانيا؛ حيث تبدو الصورة غير واضحة المعالم؛ ما بين دعوة للمفاوضات وعقدها ثم توقفها دون تحديد موعد جديد. وبالأمس صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن روسيا سلمت أوكرانيا عرضا محددا ومكتوبا لتسوية تفاوضية للحرب؛ لم يكشف المتحدث عن تفاصيلها لكنه أوضح أن موسكو غير راضية عن وتيرة المفاوضات حتى الآن. من ناحية أخرى يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وغيره من المسؤولين الأوكرانيين دعوة الدول الغربية لتزويد أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة، خاصة الثقيلة منها؛ وهي دعوة تلقى استجابة كبيرة حتى الآن. ونقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية أمس الأربعاء عن مصادر بالإدارة الأمريكية القول إن واشنطن تعد حزمة مساعدات أمنية جديدة بقيمة 800 مليون دولار. لكن الباحث الأمريكي مارك إبيسكوبوس ذكر في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن واشنطن ليس لديها وسيلة لتتبع شحنات الأسلحة التي تقدمها لأوكرانيا. وذكر مصدر على علم بتقارير المخابرات الأمريكية لشبكة سي. إن.إن «عندما تدخل الأسلحة ضباب الحرب لا يمكننا تقريبا معرفة أي شيء عنها. فهي تسقط في فجوة سوداء كبيرة، يتم فقدان الشعور بمصيرها بعد فترة قصيرة من الوقت. ويقول إبيسكوبوس إن غالبية الأسلحة الأمريكية التي يتم تزويد أوكرانيا بها، ومن بينها صواريخ جافلن المضادة للدبابات وصواريخ سترينجر المضادة للطائرات عبارة عن أنظمة يمكن لأشخاص حملها ويعتبر تتبعها أكثر صعوبة من تتبع معدات أكبر حجما مثل أنظمة صواريخ إس-300 سطح- جو. كما أن المسيرات سويتش بليد التي يتم تزويد أوكرانيا بها هي» مسيرات انتحارية» تستخدم مرة واحدة، مما يحد أيضا من قدرة الولاياتالمتحدة على تتبعها. وقال مسؤول عسكري كبير للصحفيين «لا استطيع أن أقول لكم أين توجد في أوكرانيا وما إذا كان الأوكرانيون يستخدمونها في هذا الوقت»، وأضاف قائلا» إنهم لا يبلغوننا عن كل ذخيرة يطلقونها ومتى ومن أطلقها. وربما لا نعرف بالضبط إلى أي درجة يستخدمون هذه المسيرات». ويضيف إبيسكوبوس أنه نظرا لعدم وجود جنود أمريكيين على الأرض، يعتمد المسؤولون الأمريكيون تماما على المعلومات التي تقدمها لهم الحكومة الأوكرانية. وقال مصدر «على علاقة وثيقة بالمخابرات الغربية: لشبكة سي إن إن» إنها حرب- وكل شيء يفعلونه أو يقولونه على الملأ يهدف لمساعدتهم على كسب الحرب. إن كل تصريح علني يعتبر عملية معلومات، وكل مقابلة، وكل ظهور إعلامي لزيلينسكي عملية معلومات. وهذا لا يعني أنهم على خطأ للقيام بذلك بأي طريقة». وقال جون كيربي المتحدث باسم البنتاجون إن الشاحنات التي تحمل إمدادات الأسلحة الأمريكية يستقبلها عسكريون أوكرانيون خارج حدود بلادهم، وعادة في بولندا، ثم يرجع الأمر للأوكرانيين ليقرروا وجهتها وكيفية تخصيصها داخل بلادهم». وبذلك يشير كيربي إلى أن واشنطن فعليا ليس لديها وسيلة لتتبع هذه الشحنات بشكل موثوق بمجرد تسليمها قرب الحدود الأوكرانية. ويرى إبيسكوبوس أن أحد المخاطر الرئيسة لعمليات نقل الأسلحة إلى كييف ولا يمكن تتبعها هو خطر وصول الأسلحة الأمريكية في نهاية الأمر إلى أيدي الجماعات شبه العسكرية- سواء في أوكرانيا أو في الخارج- والتي لا ترغب واشنطن في تسليحها. ومع ذلك، فإنه وفقا لمسؤولين في الإدارة الأمريكية، يرى البيت الأبيض أن عدم تسليح أوكرانيا بسرعة وبصورة ملائمة يمثل خطرا كبيرا. وقال المسؤولون لشبكة «سي إن إن» إن موسكو لم تستطع حتى الآن فرض ضغوط كبيرة على امدادات الأسلحة الأمريكيةلأوكرانيا، حيث يقال أن المؤسسة العسكرية الروسية لا تبذل جهدا فعالا لاستهداف هذه الشحنات. وقال كيربي، في إشارة للمساعدات العسكرية لأوكرانيا «سوف نستمر فيما نفعله بقدر الإمكان، وبأسرع ما في وسعنا». وأضاف» لم نشهد أي جهود روسية لاعتراض ذلك التدفق... ونحن نتابعه كل يوم، ونراقبه، ونغيره ونعدله حسب الحاجة».