انتهت أعمال الدورة التي اشرف عليها منتدى الشرق الأوسط لتقدم وتفويض المرأة في الأعمال والتي استمرت من 12 - 15 ديسمبر الجاري في دبي واشتملت هذه التظاهرة على محاضرات مكثفة وورشات عمل، واحتفاء بشخصيات نسائية متميزة من جميع أنحاء العالم ممن استطعن تحقيق نجاحات مميزة في مجال ادارة المؤسسات. النقاشات التي استأثرت بوقت المؤتمر كانت مناقشة استراتيجيات عمل المرأة والتحديات التي تواجه النساء في عالم الأعمال في العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. لقد تنامى عدد النساء العاملات في الشرق الأوسط بنسب متزايدة خلال الأربعين عاماً الماضية. وقد قدّر البنك الدولي طاقة العمل النسائية المشاركة فعلياً بأنها زادت بنسبة 548٪ في الإمارات العربية المتحدة، وبنسبة 604٪ في المملكة العربية السعودية و668٪ في البحرين و691٪ في قطر. مثل هذا النمو المطرد دفع بعدد من الكفاءات النسائية من التصنيف الإداري المتدني الى مراكز متوسطة إدارياً في البلاد العربية، بينما هناك نسبة أعلى بشكل ملحوظ من النساء المديرات لمراكز عليا في الدول الغربية. وأشارت احصائيات مكتب العمل الدولي ان هناك ما بين 20٪ - 40٪ من النساء استطعن تبوأ مناصب إدارية عليا في 60 دولة. ومن الملفت للنظر ان البحث توصل الى علاقة وثيقة بين دخول النساء مجال الإدارات العليا ووصول تلك الشركات الى تصنيف الأداء الممتاز، مما دفع بالعديد من المؤسسات الحديثة في كل من القطاعين العام والخاص الى تبني تطوير المرأة وترقيتها كأمر ضروري لتطوير المؤسسات وإنجاح أعمالها. في هذا المؤتمر تمت مناقشة أوضاع المرأة العاملة، وإلى أي مدى تطور وضعها في الشرق الأوسط كما ناقش التحديات التي تواجه النساء المديرات وإلى أي مدى يمكن معالجتها. وانتقل المؤتمر لبحث القضايا التي تواجه المرأة المديرة في الغرب كذلك، وناقش الآمال التي يعقدها المجتمع التقليدي على المرأة القيادية. وخصوصاً النساء العاملات في شركات عائلية، وكيفية الجمع بين العمل والعلاقات العائلية بشكل متوازن. كما طرح المؤتمر قضايا لا تدرّس في الجامعات وإنما تنشأ على أرض الواقع اليومي في تحدي نجاح المرأة وتطورها. تحدثت عدد من السيدات عن تجاربهن ودور الأسرة وخصوصاً الزوج في انجاح مسيرتهن ودعم الرجل الذي كان هو الدافع الأساسي خلف النجاح وخصوصاً أن بعضهن أدرن مؤسسات لم يسبقهن إليها الكثير من النساء. حيث كان من بينهن سيدات مديرات لشركات نفطية، ومديرات للبنوك، ومديرات شركات نقل وتخليص جمركي. ومن ضمن الوفد السعودي شاركت كل من سارة العايد نائب رئيس شركة SACC/TRACCS وهدى الغصون مستشارة التعويضات من دائرة التخطيط وعلاقات الموظفين في شركة أرامكو. والكاتبة الدكتورة ثريا الرايد، وشيخة الثقفي المحللة في قسم المصادر البشرية في شركة ارامكو، كما شاركت من المملكة العربية السعودية السيدة فاتن يوسف مديرة برنامج البحوث في غرفة تجارة وصناعة جدة والتي قالت إن المرأة السعودية لازالت تشكل 5٪ فقط من قوة العمل مع أن نسبة عدد النساء المؤهلات علمياً مرتفعة. واضافت ان القوانين المتشددة في مجال الاستثمار تعيق دخول المرأة عالم الاقتصاد والمال والتمويل مما أدى الى ركود بلايين الدولارات التي تمتلكها النساء في الحسابات المصرفية دون تشغيلها. وأشارت الى ان عمل المرأة لا يزال نقطة حساسة مجتمعياً في المملكة العربية السعودية وان عمل المرأة في كثير من الميادين يتعرض للنقد الشديد والمضايقات من قبل المطوعين في الحكومات المحلية. لكن غرفة تجارة وصناعة جدة استحدثت برنامجاً قامت من خلاله على مدى 4 سنوات من تدريب 400 امرأة في مجال الإدارة، وأجرت تدريباً ل 600 امرأة في مجال استخدام الحاسوب واللغة الانجليزية، وقامت بإجراء برامج توعية لحوالي 7000 امرأة، وأضافت ان أكثر ما وصلنا من اعتراضات من قبل النساء هو رفض السلطات منح النساء بعض حقوقهن الإدارية وارغامهن على توظيف ذكور لينوبوا عنهن في إجراء بعض الأعمال. هذا دفع بنا إلى استحداث مركز السيدة خديجة بنت خويلد هذا العام 2004 لسيدات الأعمال. على رأس مخططات هذا المركز العناية بتطوير الأعمال التي ترتكز على العمل من خلال المنزل، وتشجيع العمل من خلال وسائل الاتصال الحديثة عبر المنزل. تحدثت في الندوة بدرية التميمي مديرة مجموعة دبي للجودة عن التحديات التي تواجهها المرأة في الإمارات العربية المتحدة أثناء العمل كمديرة وقالت يجب أن نعي تماماً أن عملنا يكمل عمل الذكور وأننا لا نتنافس معهم. بينما مونيكا برادلي من أستراليا والتي تعمل كمديرة لتطوير الاستراتيجيات قالت علينا أن نفصل بين مفاهيم الشرق ومفاهيم الغرب فيما يتعلق بالعمل وعلاقته بالحياة الاجتماعية. وقالت علينا أن نبحث حولنا عن صورة القدوة لنقتدي بها من النساء القادرات على تسيير شؤونهن وقد تكون القدوة عماتنا، أو أمهاتنا ممن يستطعن تدبر أمور إدارتهن للحياة، وعلينا أن نمتلك النية في التغيير. كما شاركت مونيكا برادلي المستشارة المستقلة في شؤون الإدارة في شركة شل العالمية وتحدثت عن قوانين العمل في بريطانيا وأشارت الى ان القوانين البريطانية ساوت في الأجور بين الذكور والإناث في عام 1975، وتحدثت عن النظرة التقليدية في بريطانيا حول ادارة المرأة للشركات حيث قالت رغم التقدم الكبير للمرأة المديرة للمؤسسات في بريطانيا إلا أن البعض لازال يرى أنه حتى ولو تساوت المرأة والرجل في المقدرة والثقافة والتعليم على الرجل أن يكون المدير وعلى المرأة أن تكون السكرتيرة. وقالت على المرأة أن تغير هذه النظرة عن طريق إدهاشها الجميع من خلال إصرارها على النجاح والتطوير وتقديمها الأفضل. وقالت لا يمكن أن ننكر أن هناك بعض الذكور الذين يشعرون بالغيرة من تفوق المرأة في العمل. تحدثت ليندا زاما من جنوب أفريقيا عن تجربتها وكيف استطاعت أن تصبح مديرة لعدد من الشركات التي تصدر النفط الى عدد من الدول، وما واجهته من صعوبات كونها ناشطة سياسية، وتحدثت عن دورها كيف كانت ترد على الأسئلة المحيرة التي يطرحها من هم خارج جنوب أفريقيا حول كيف يمكن أن تكون جنوب أفريقيا غنية بالماس والبترول والعديد من مصادر الثروة ومع ذلك يظهر أهلها من خلال الإعلام فقراء معدمين. كما تحدثت عن كيفية القيادة الفاعلة، وقالت علينا أن نتعلم كيف نواجه مشاعرنا بالفشل، وذكرت نماذج نسائية افريقية استطاعت أن تغير نظرة المجتمع الدولي لإفريقيا. قالت لدينا فائزة بجائزة نوبل من كينيا، وفي وطني ست وزيرات، لكن أهم ما يحقق النجاح هو الالتزام بالأخلاق الحميدة والمبادئ لبلوغ النجاح. معظم المشاركات من المملكة العربية السعودية أجمعن بتعبيرهن عن قلقهن ازاء نظرة المجتمع التي لا تخلو من تحيز لجانب الذكور كإداريين، وأن المراكز القيادية الإدارية قد تمنح للمرأة لكن هذا لا يعني أنها تمنح الحرية الكاملة لممارسة هذا الدور بكامل سلطاته كما يفعل الذكور. وأكدن أنه رغم عدم تصريح القانون بشكل واضح على التمييز ضد المرأة في العمل الإداري إلا أن المجتمع يقيد تبوأ المرأة المراكز الإدارية العليا، وأن المراكز العليا التي تتبوؤها المرأة السعودية مازالت في إطار مهن معينة مثل التعليم، والطب، والخدمات الاجتماعية فقط. وأجمعن على أن التغير والإصلاح لشؤون المرأة السعودية في طريقه إلى التطبيق وذلكن هذا يحصل بشكل تدريجي. كما تحدثن عن حقهن في التصويت والاقتراع في الانتخابات على أساس أنهن نصف المجتمع وعدم تمثيلهن يعني غياب رأي نصف المجتمع عن ساحة القرار.