أعتقد أن ما يسوّق له من إيجابيات ومزايا للفصول الدراسية الثلاثة في التعليم العام والتي تطبق للمرة الأولى في النظام التعليمي لدينا من بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات أو من المشرفين التربويين التابعين لوزارة التعليم غير دقيق وليس هو المتفق عليه من البقية، والربط بين طول الفترة الدراسية بالشكل التقليدي الحالي وزيادة اكتساب الطلاب للمهارات والمعارف وأنه يكسر الملل ويزيد الدافعية لديهم غير صحيح علميًا وفق دراسات علمية رصينة أكدت ذلك، بالإضافة إلى إثقال كاهل الأسر بزيادة الأعباء المالية عليها من حيث زيادة تكاليف النقل، والمستلزمات الدراسية لكل بداية فصل دراسي، وكذلك رسوم المدارس الأهلية.. وغيرها، هذه سلبية جوهرية وواقعية تشتكي منها بعض الأسر في ظل ظروفها الاقتصادية ويجب النظر إليها بعين الاعتبار، وهل كل ما يطبق في نظم تعليمية أخرى يناسب أن يستنسخ لدينا وفق تفردنا بمناخ وطقس مختلف في هذه المنطقة من العالم وفصل صيف طويل يتخلله درجات حرارية عالية مما يزيد تكاليف صيانة وتبديل أجهزة التبريد لتكون مناسبة للطلاب بهذا العدد الكبير في الحجرة الدراسية الواحدة، وهل هذه البيئة متوفرة ومناسبة أثناء تنقل الطلاب من المنزل إلى المدرسة أم أنهم معرضون لخطر دراجات الحرارة العالية والمضرة لهم صحيًا، وواقع اجتماعي يجب مراعاته وخاصة خلال شهر رمضان المبارك ومستلزماته الدينية والأسرية، كل ذلك يعطينا مؤشرات إلى إعادة التفكير والنظر في مدى مناسبة الفصل الدراسي الثالث للواقع المعايش ماديًا واجتماعًا وبيئًا. ويبقى هاجس الجميع جودة التعليم والفاقد التعليمي ومدى مناسبة مخرجات التعليم لمتطلبات القرن الواحد والعشرين، والتطور الكبير الذي يشده العالم والمملكة بشكل خاص وهي عضو مجموعة العشرين، وانطلاقًا من أن الإنسان هو الاستثمار الأمثل وإن بناءه لا يكون إلا بالتعليم المتقن، والتعليم هو أهم أركان النهضة في أي مجتمع، فلابد أن يحاط بسياج من البحث العلمي الرصين لحمايته وتدعيمه وتطويره باستمرار بما يتناسب مع متطلبات المجتمع وواقعه الاجتماعي والاقتصادي. أعتقد أن التقييم الذاتي المستمر وفق محددات معيارية يكون الطالب هو أساسها ومدى إتقانه للمهارات والمعارف على المستوى المؤسسة التعليمية وأثر الإدارات التربوية العليا عليها إيجابيًا ودورها في تقديم الدعم المادي والقرارات السليمة، بالإضافة إلى إثارة قضايا مهمة مثل النمو الوظيفي والتدريب بشكل جاد وموسع لمنتسبي التعليم وللمعلمين لرفع كفاءتهم ولكي يواكبوا هذه المناهج التعليمية المتطورة، مع خلق حوافز مشجعة ومحفزة ماديًا ووظيفيًا تؤدي إلى رضاهم الوظيفي ومشاركتهم الكاملة بكل طاقاتهم وقدراتهم للوصول إلى الأهداف المنشودة. وأعتقد أن هناك معضلة لابد من النظر فيها بشكل جاد لتخفيف منها وهي أن يكون الطالب معظم وقته حبيس الفصل طيلة هذه الخطة الدراسية وهي أصبحت طويلة جداً الآن مما يفقده الكثير من المهارات الشخصية والاجتماعية، في ظل غياب البرامج الرياضية والثقافية والفنية الجادة والمدروسة عن البيئة المدرسية وهذا تحدٍ كبير تواجهه المؤسسات التعليمية الآن. * متخصص في الإرشاد النفسي (جامعة الإمام)