رغم مضي سنوات على انطلاقة مشروع "تطوير التعليم" التابع لوزارة التربية والتعليم، إلا أن بعض منسوبيها يرون أن تطوير البيئة التعليمية "محلك سر"، منتقدين الوضع الحالي للتعليم من مبان مدرسية مستأجرة إلى مشاريع تطوير بالمناهج دون المعلمين إلى تطبيق مشروعات في بيئة غير مناسبة. تطوير قبل التهيئة وبين ل"الوطن" المعلم عبدالله محمد حدلة أن هناك جهودا ملموسة في طريق تطوير التعليم منها تطوير مناهج اللغة العربية ودمجها في مقرر واحد باسم "لغتي الخالدة"، لافتا إلى أنه - من وجه نظره - يبقى القصور في تطوير المعلم وتدريبه على تلك المناهج سمة واضحة، كون الوزارة بدأت ب"تطوير المناهج" قبل تهيئة وإعداد معلم تلك المادة ليتعامل مع ذلك التطوير بالشكل الصحيح فتتحقق الأهداف المرجوة. وأضاف حدلة أهمية إعادة النظر في تطبيق مشروع "التقويم المستمر" المعمول به بالمرحلة الابتدائية منذ سنوات، موضحا أنه لا يتناسب مع الوضع الحالي لأغلب المدارس التي تعاني تكدس للطلاب في الفصول أو في مبان مستأجرة، مما يشكل عقبة في نجاح المشروع، إضافة لعدم تعاون بعض أولياء أمور الطلاب بتدريسهم ومتابعتهم بالمنزل. وكشف حدلة أن التقويم المستمر الذي طبق منذ سنوات أخرج طلابا لديهم ضعف واضح في "القراءة" و"الكتابة" و"الإملاء"، كون الطالب ينتقل من صف أول ابتدائي حتى نهاية الصف السادس دون إخضاعه لاختبارات شفوية وتحريرية فصلية تدفع به ل"الكتابة والإملاء والقراءة الجيدة"، كما كان معمولا به في السابق اختبارات تحريرية وشفوية نهاية كل شهر فصل دراسي. واقع مؤلم ل"الأولية" ولم يغفل حدلة أن الأنشطة الطلابية "الجاذبة" للطلاب مغيبة في بعض المدارس فليس جميع المدارس تحتضن معلمين مفرغين لتنفيذ تلك المدارس، وفي حال توفر ذلك فهناك مدارس لا تمتلك المعلومات المساعدة على تنفيذ الأنشطة مثل "المسرح والصالات الرياضية والوسائل والمستلزمات الخاصة بالأنشطة". ويكشف زميله مازن يحيى المازني الواقع المؤلم ل"الصفوف الأولية" رغم أنها صفوف التأسيس والبناء للطالب، فلم تشهد تلك الصفوف ومعلميها أي اهتمام أو نظرة تطويرية منذ إعلان "تطوير التعليم"، فواقع الصفوف الأولية يشهد غيابا لمعلمين لديهم الكفاءة بتدريسها، وعزوفا لآخرين، كونها تحتاج جهدا ووقت أكبر دون مقابل، وفي وقت غابت عنهم الحوافز التي تميزهم عن غيرهم من معلمي الصفوف العليا، إضافه لغياب البيئة المشجعة لتدريسهم، فهناك ازدحام بأعداد طلاب الفصل الواحد وغياب لبعض التقنيات المساعدة لتدريسهم وبعض الوسائل لشرح الدروس وخاصة بالمدارس "المستأجرة" على وجه الخصوص مطالبات بالجملة ودعا المازني "تطوير" للاهتمام بالصفوف ومعلميها، وتهيئة البيئة المناسبة والمعينة لتدريس تلك الصفوف، وتحديد الأعداد لكل فصل بتلك المرحلة بحيث لا تتجاوز 20 طالبا، كون الطالب الواحد يحتاج عناية ووقت في كل حصة دراسية، مع الحرص على اعتماد الحوافز لمعلمي تلك الصفوف لجذبهم للعمل بها مع إخضاعهم ل"دورات" تدريبية تطويرية لتنمية مهاراتهم. وطالب زميلهم المعلم عبدالله مسعود الهاجري مشروع "تطوير" للاهتمام بتطوير العلاقة بين المدرسة والمنزل من جهة وبين الطلاب ومعلميهم من جهة أخرى، قائلا "نلحظ فجوة واضحة بين المدرسة ومنسوبيها من جهة والمنزل بما فيه أسرة الطالب من جهة أخرى، موضحا أن بعض الأسر بحاجة إلى دورات تثقيفية وتوعوية لتفهم دور المعلم والمدرسة، وماهي الواجبات عليهم كأولياء أمور في المنزل. "مشروع" دون الطموح إلى ذلك أكد الرئيس التنفيذي لشركة تطوير للخدمات التعليمية والمشرف العام على مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام الدكتور على بن صديق الحكمي ل"الوطن" أن مشروع " تطوير" لم يصل بعد إلى ما يطمح إليه أو يسعى لتحقيقه، وما زال هناك الكثير من الأعمال التي ينبغي إنجازها لتطوير التعليم، وأن الأعوام المقبلة ستكون شاهدة على تجويد التعليم بالمملكة، وذلك بتعاون وتكاتف الجميع مؤسسات وأفراد، مشيرا إلى أن الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام حددت مجموعة متنوعة من البرامج والمشاريع والمبادرات – منها ما هو قيد التنفيذ - تستهدف المحاور الرئيسية للعملية التعليمية (الطالب والمعلم والمنهج والمدرسة)، والسعي لتحسين تحصيل الطالب التعليمي، وجعله مستمتعا بالدراسة ومنجزا علميا، ومنتجا للمعرفة ومتعلما مدى الحياة، وإيجابي التعامل مع الحياة والمجتمع والعالم، وسليم الفكر متكامل الشخصية. عوائق "التطوير" وكانت إجابات الحكمي تتسم ب"الشفافية" و"الوضوح" حيث اعترف بأن هناك عوائق ومشكلات تواجة "تطوير" التعليم، مؤكدا أن الأهم هو تجاوزها وتحقيق الأهداف، معتبرا ما يتعلق باختلاف وجهات النظر حول التطوير والتغيير" أمرا طبيعيا" ويحدث في كافة المجتمعات بنسب متفاوتة، ويتطلب ذلك برامج في التواصل المجتمعي مع مختلف فئات المجتمع والحوار الذي يسمح بإبداء وجهات النظر التي تصب أخيرا في تحسين جودة العمل، حيث إن مشروع "تطوير" بصدد البدء في تنفيذ برنامج للتواصل المجتمعي، والذي يشمل جميع شرائح المجتمع ومؤسساته من خلال وسائل التواصل لتحفيز الجميع وتعريفهم بالجهود التطويرية المختلفة وأوجه إسهاماتهم فيها، لردم الفجوة ومد جسور التواصل والحوار بين وزارة التربية والتعليم والمستهدفين بالعملية التعليمية من جانب، وبين الوزارة والعاملين في الميدان من جانب آخر. الحاجة لتدريب المعلمين وواصل الحكمي اعترافه ل"الوطن" بأن هناك حاجة بالفعل إلى تدريب المعلمين بشكل مكثف على المناهج الجديدة، وهذا ما يتم الآن بالتعاون مع مشروع "تطوير" ووزارة التربية والتعليم، مشيرا أن عدد المباني المستأجرة يقارب 20% من مجموع عدد المدارس، وأن هناك خطة طموحة لدى "التربية" للتخلص منها خلال السنوات القليلة المقبلة. ولم تقف تلك الاعترافات عند ذلك، حيث أوضح الحكمي أن هناك بالفعل فجوة الطالب والمعلم من جهة والمدرسة والمجتمع من جهة، وأن مشروع "تطوير" ركز على إيجاد الحلول في كيفية ربط المدرسة بالمنزل من جانب وربط الطلاب بالمعلمين من جانب آخر، وفكرة برنامج مدارس الحي تأتي من هذا الجانب لتعزيز دور المدرسة في المجتمع المحلي وربطها بالأسرة وفتح قنوات الحوار والتواصل المباشرة بين كافة الأطراف في العملية التعليمية. وبين الحكمي أن خطة تطوير التعليم تسعى لزيادة التحاق الطلبة بمؤسسات رياض الأطفال ورفع استعداد الطلاب والطالبات للحياة وسوق العمل والتعليم الأكاديمي في الجامعات والعناية بالطلبة الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة والمعرضين للخطر والحد من التسرب من التعليم العام، موضحا أن "تطوير" بدأ في تنفيذ برامج تستهدف الطالب من مختلف الجوانب، وبناء علاقة بين الطالب والمدرسة خارج وقت الدراسة الرسمي، حيث يعمل مشروع "تطوير" حاليا على التوسع تدريجيا في البرنامج، حيث أكمل تدشين قرابة 200 ناد في مختلف مناطق المملكة خلال الفترة الماضية، على أن يتم الانتهاء من تهيئة 1000 ناد (500 بنين – 500 بنات) مع نهاية العام المقبل، وتنفيذ مشروع المراكز العلمية (وهي إقامة منشآت تربوية تعليمية منتجة وجاذبة ومتطورة تمارس فيها البرامج والفعاليات والمناشط العلمية، وأسس للمركز العلمي في حائل، ويجري العمل حاليا على وضع حجر الأساس للمركز العلمي في المدينةالمنورة، إضافة لتنفيذ برنامج بدار. وأشار إلى أن مشروع "تطوير" التفت إلى المعلم فأسس عددا من البرامج والمشاريع المهنية والتطويرية والتحفيزية وتنفيذ برامج التطوير المهني لمعلمي اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والرياضيات والعلوم، ولم يغفل المشروع الجانب التحفيزي لدى المعلمين والمعلمات، موضحا أن شركة تطوير التعليم القابضة "شركة للمباني المدرسية مملوكة بالكامل للدولة" تتولى مسؤولية تطوير المباني وتحقيق القيمة المضافة التي تأملها وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام، في التحول نحو المباني المدرسية الجاذبة التي تحقق أهداف المرحلة الحالية والمستقبلية في تطوير التعليم. وبين الحكمي التركيز في المرحلة الحالية على تنفيذ 26 مشروعا وبرنامجا رئيسيا تستهدف كافة محاور العملية التعليمية، والسعى من خلال الخطة إلى إحلال تدريجي لنموذج التعليم الجديد بدلا من النموذج الحالي في 33 ألف مدرسة للبنين والبنات وتوظيف الممارسات الحديثة التي تركز على النواتج والمخرجات التعليمية، لافتا إلى التوسع في برنامج تطوير المدارس ليشمل 900 مدرسة في 21 إدارة تعليمية، بعد أن تم تطبيقه بنجاح في مرحلته الأولى في 210 مدارس في 7 مناطق تعليمية، على أن يتم التوسع في المدارس تدريجيا لتشمل جميع مدارس المملكة خلال خمس سنوات، حيث تم تأهيل 3450 قيادة مدرسية على مهارات التقويم الذاتي والتخطيط وإعادة هيكلة المدرسة وغيرها من المهارات، و252 عضوا ومشرفا في وحدات تطوير المدارس بالمناطق.