يتعرض الإنسان لظروف ومواقف قد لا تكون جيدة وكما يريد، يشعر خلالها بالضعف والحرمان، ويتساءل عدة أسئلة، منها: لماذا أنا؟ ربما في حينها لا يجد الجواب الشافي، وكأنه داخل إلى دائرة أغلقت من جميع الاتجاهات، فلا نور ينفذ إليها، ثم بعد فترة من الزمن يكتشف أن من رحمة الله أنه خاض تلك الظروف والمواقف التي ربما أبعدته عن أشياء لا تنفعه، وربما -لا قدر الله- كانت سبباً في تعاسته أكثر. الجميع يمر بتلك الظروف والمواقف، سواء كانت مادية أو أسرية أو زوجية أو مهنية، لكن الأكيد أن الجميع تعلم شيئاً ما منها، والكثير من العبر والدروس، منها: الصبر والمثابرة والعزيمة، والأهم هو الوصول إلى المعنى العميق ألا وهو استشعار أن لا معطي غير الله ولا رازق إلا هو، ربما بعضنا يجد ذلك من المسلمات، لكن استشعار المعنى الحقيقي من أنه لا معطي إلا الله هو استشعار القوة لا الضعف من غير انحناء أو خضوع لليأس أو قنوط؛ بل الثقة بالقدير، ما عند الله آتٍ لا محالة، أو سيأتي ما هو أفضل منه، أو سيأتي المناسب لنا، وأن كل شيء له الوقت المناسب والقدر المقدر له، فما على الإنسان إلا السعي والحركة، ابتداء من نوعية أفكارنا المتفائلة واستشعار النعم الأخرى في حياتنا كالصحة والعافية والستر وراحة البال، فيما عدا ذلك كل شيء سيأتي في الوقت المناسب، ومتى كنا فعلاً جاهزين له. كم سمعنا من قصص أفراد وصلوا إلى أهداف وضعوها، وتحققت، لكنهم تفاجؤوا أن الفرحة والسعادة بها كانت وقتية فقط، وأصبح كل شيء عادياً عندهم، ومازال هناك شيء آخر ينقصهم ولم يجدوه بعد. ربما هذا ما يبحث عنه الإنسان، وهو استشعار السلام الحقيقي الفعلي مع ذاته ومن داخله، وهذه الحالة غير مشروطة بشيء، فهي حالة التناغم الداخلي الممتلئ بالنور، وهو حق اليقين بالله بأن كل شيء يمر في حياتنا خير وإن كان ظاهره غير ذلك، وهذا يترجم المعنى من التسليم الكامل لله. فربما بعض الظروف لا تتغير سريعاً، فإن ربطنا حالة السلام فيها لربما نصاب بخيبة الأمل أو الجمود والتوقف. لذا عندما ندرك المعنى الجميل في أن منعه عطاء نصبح في حالة من الوعي العالي الناضج المبصر الذي لا يخاف أو يحزن ويدرك الأعمق من ذلك، حياة القلوب وحياة النفس وحياة الفكر، فليس كل حي حياً.