سوء الفهمْ واختلاف الرأي والخِلافات والمشكلات والظّن بين الناس توسّع فجوة البعد في العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي لا يمكن ردمها إلا بحسن النية وتقديم الاعتذار. هناك الكثير من الناس من يؤجل حل المشكلات العالقة ويظن في نفسه أنها تُحلْ مع مرور الأيام، وهذا لن يحدث. النعامة تدفن رأسها في التراب ليس هرباً من واقعها، وكما يظن الكثير ونطلق على بعضنا أنت كالنعامة، النعامة تدفن رأسها لكي تسمع خطوات عدوها القادم لافتراسها، ولعل السؤال يكمن في أن الصوت ينتقل في الهواء فلماذا تدفن النعامة رأسها في التراب، ولكن القاعدة الفيزيائية التي يعرفها النعام ولا يعرفها كثير من الحيوانات هي أن الصوت ينتقل في الأجسام الصلبة وهذا يبعد الشبهة عن الزرافة في دفن رأسها. لماذا الكثير منا يترك مشكلاته ككرة الثلج تتدحرج وتكبر، ويعطّل عقله وقلبه في حل ما يحدث من منغصات في حياته، وهناك بعض الأشخاص، يواجهون المشكلات بالهروب إلى الأمام.. يهرب من المشكلة لكنه ينغص على نفسه وعلى الآخرين الذين يحيطون به، فهو لا يعيش في معزل عن الناس. لماذا الهروب من الواقع؟ لا يمكن أن تهرب من الواقع الذي صنعته لنفسك أو صُنِع لكْ او لكِ، لكن -أحياناً- الهروب من الواقع مفيد حين يكون الواقع صعباً مريراً ليس للإنسان فيه يد. أبداً لا تخشى المواجهة، واجهها ولا تخش شيئاً، فكل الناس لديهم مشكلات وأزمات ومصائب، وإنما الدنيا كبد ونصب، والعاقل من استشار، المهم تسلّح بكل سبل المواجهة وخض غمار المواجهة، حينها لنْ تخسر الكثير، حين تكون واثقاً من نفسك وقدراتك وأهدافك. (الحقيقة ساطعة كالشمس، ولعل ذلك هو السبب في أن الكثيرين يتجنبون النظر إليها مباشرة). للأسف هناك الكثير من الأزواج والزوجات يكتمون في صدورهم صِغار المشكلات، فكيف بكبيرها، والهروب من المواجهة -أنت وأنتِ- لستم في ساحة حرب، أنتم تحت سقف المودة والمحبة والألفة. وفي الختام الزرافة تدفن رأسها لتحمي نفسها من العدو، فلماذا لا تدفن فجوة البعد بالمواجهة السلمية التي تراعي بها جميع العلاقات التي تربطك بالآخرين، وتترك خط رجعة في جميع تصرفاتكْ. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إذا سمعت الكلمة تؤذيك فطأطئ لها حتى تتخطاك». قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «لا يحلُ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ فيعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». أيام قليلة ويحل علينا شهر رمضان دعونا ننتهز هذا الشهر لكي يكون بداية في التسامح والعفو عن كل من أساء إلينا، اللهم اجعل هذا الشهر دعوة للتسامح بيننا ونبذ الخلافات وصفاء القلوب والنوايا، ونبذ الحقد والحسد والغل والكراهية وكافة العلل والأمراض القلبية والنفسية ليجسد في نفوس الناس مشاعر الحب والود والرحمة والألفة التي فطر الله قلوب الناس عليها.