لقد اعترتني الدهشة وعدم التصديق ما قرأت في جريدة الحياة، أن أحد الإفراد بدأ انزعاجه من وجود شباب وسيمين في جناح الإمارات في مهرجان الجنادرية وأن وسامتهم خطر وفتنة على النساء، هنا سؤال يطرح نفسه هل هو فتنه على النساء؟؟ أم فتنة على غير النساء؟ ما هي الآلية والطريقة التي يشاهدونها في الآخرين بصورة ينبثق منها الفتنة والإغواء؟، وما هذه العقلية التي مازالت تتنبأ بنيات الناس بصورة سيئة، سواء كان في الوسيمين أو من الحاضرين، وهل خلا المجتمع السعودي من الوسيمين؟، وهل المشكلة في الوسامة والقبح أو المشكلة في العقلية والأفكار السوداء وسوء الظن في الآخر، أو النظرة القاصرة التي مازالت تحمل الوصاية على المرأة وكأنها عار يمشي على الأرض. نسمع حكايات توضح سوء الخلق والآداب العامة ولم يكن فيها مبدأ الوسامة أو القبح، بل كان فيها قبح الأفعال والنوايا السيئة والتعدي على الآخرين، إن كانت قضايا أخلاقية، أو عقوقا، أو فسادا، أو عنفا، لكن لم نسمع أبدا الحكم على الآخرين من أجل وسامتهم، لذا خذ الحذر إن كنت وسيما؟ العالم يتخبط في النزعات والثورات والحروب والقتل والتشرد والجوع و العوز، وللأسف مازال التفكير لدينا يتصف بسطحية التي جعلتنا نرجع للخلف سنين. أتساءل لماذا بين الحين والحين تظهر تصرفات فردية تسيء للجميع وتجعلنا محطة أنظار للعالم بصورة سيئة، من يحاول التصيد وزرع البلبلة؟ ألم يأت الوقت أن نفكر بمنطقية قبل إصدار أفعالنا على الآخرين. ألم يعطينا الله عقلا نفكر فيه بحكمة وروية وتأن قبل إصدار الأوامر والتشكيك وسوء الظن، نحتاج لكثير من الوعي الداخلي بأفكارنا وتوجهاتنا السليمة وحسن الظن بالآخر، وأن الحياة ليست غابة ووحوشا، بل فيها الخير الكثير، ربما نحتاج أن نطهر قلوبنا أولا من الحقد والغل، نحن أمام جيل واع يحتاج التعامل معه بحذر، لن تصبح مشكلة الوسامة هي الخطر، بل الأقسى والأمر إذا تعاملنا مع هذا الجيل بجهل وسوء الظن والتهجم، ستظهر مشكلات تفوق الوسامة، بل ستنتج مشكلات فكرية شاطحة لن يستطيع أحد حلها، لتصبح فجوة عميقة بين الصح والخطأ، بين الحقيقة وادعاء الحقيقة، نحتاج لوعي فكري إنساني يحضن الجميع بحب وتسامح وحسن الظن لا الترهيب والتهديد.