في عالم السياسة والعلاقات الدولية لن يحترمك الأقوياء حتى تكون قويًا مثلهم، ولن يطلب لقاءك الفاعلون على مسرح الأحداث العالمي إلا أن تكون ندًا لهم، وهذا هو ما تم في يوم 14 فبراير 1945 حين أنهى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت مشاركته في مؤتمر يالطا مع زعيمي الاتحاد السوفيتي وبريطانيا، والذي كان مخصصاً لإعادة ترتيب أوضاع القارة الأوروبية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وقدِم من هناك للقاء المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - على متن الطرّاد كوينسي. هذا اللقاء الذي تمرّ ذكراه ال 77 هذه الأيام مقتربةً من إكمال ثمانية عقود على تدشينه انطلاق الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، وغنيٌّ عن القول التذكير بما تحقق نتيجة هذه الشراكة على مختلف المستويات والصُّعُد، وفي شتّى المجالات، وبما عظّم من المصالح والعلاقات الثنائية، وساهم في تعزيز الأمن والسلم والدوليين، وتمكّن من استيعاب الاختلاف في وجهات النظر بين البلدين في مواقف مختلفة. استذكار هذا اللقاء التاريخي يؤكد على المكانة الرائدة للمملكة، والثِقَل الإقليمي والدور الفاعل لها في مختلف مراحلها، وهو بالظروف الدولية التي كانت في وقته يُبرهن على قدرة قادة المملكة على قراءة معطيات الأحداث الإقليمية والعالمية من كافة جوانبها، والتعامل معها بما يحافظ على مكتسبات الوطن، ويحمي أمنه، ويدعم استقراره، وهي خصلة تميّز بها كافة قادة المملكة - رحمهم الله - وصولاً إلى العهد الزاهر والميمون لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله -، ولا ريب أنها مصدر اطمئنان وثقة تامة لدى كل مواطن في قدرة القيادة على التعامل مع الظروف الإقليمية والدولية الراهنة بما يضمن استمرار ريادة المملكة، وحفظ أمنها واستقرارها.