ذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن معارك اندلعت السبت شمال غربي كييف مع تمركز الجزء الأكبر من القوات الروسية على بعد نحو 25 كيلومترا من قلب العاصمة الأوكرانية، في حين جرت محاصرة عدة مدن أخرى وقصفها بعنف. وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك إنها تأمل في فتح عدد من الممرات الإنسانية لآلاف السكان في المدن التي تعرضت للقصف ابتداء من مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة إلى زابوريجيا. وقالت فيريشوك في كلمة مصورة بعد فشل جهود الإجلاء المتكررة خلال الأيام الماضية: "آمل أن يمضي الإجلاء بشكل جيد وأن تفتح كل الطرق وفق الخطط وأن تفي روسيا بالتزاماتها بضمان نظام وقف إطلاق النار". وقال مجلس مدينة ماريوبول في بيان على الإنترنت يوم الجمعة إن ما لا يقل عن 1582 مدنيا لقوا حتفهم نتيجة القصف الروسي والحصار المستمر منذ 12 يوما على المدينةالجنوبيةالشرقية. ولم يتسن التحقق من عدد القتلى أو المصابين. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن صفارات الإنذار انطلقت في معظم المدن الأوكرانية صباح السبت لحث الناس على الاحتماء بعد أن قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن الحرب وصلت إلى "نقطة تحول استراتيجية". بينت وزارة الدفاع البريطانية الجمعة إن القوات الروسية تعيد تنظيم صفوفها فيما يبدو، ربما لشن هجوم جديد قد يستهدف العاصمة كييف في غضون أيام قليلة. وأكدت إن القتال شمال غربي العاصمة مستمر وإن مدن خاركيف وتشرنهيف وسومي وماريوبول ما زالت تحت الحصار والقصف الروسي المكثف. روسيا تحذر فنلنداوالسويد من الانضمام ل"الناتو" ومع استمرار الهجوم الروسي للأسبوع الثالث، قال زيلينسكي، الذي حشد شعبه بسلسلة من الخطابات من العاصمة كييف، إن أوكرانيا "وصلت بالفعل إلى نقطة تحول استراتيجية". وأضاف "من المستحيل تحديد عدد الأيام التي لا تزال أمامنا لتحرير الأراضي الأوكرانية، لكن يمكننا القول إننا سنفعل ذلك، نحن نتحرك بالفعل نحو هدفنا، انتصارنا". وواصلت القوات الروسية قصفها للمدن في جميع أنحاء البلاد يوم الجمعة في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن القوات تطلق نيران المدفعية أثناء تقدمها نحو كييف. أدى القتال لوجود أكثر من مليوني لاجئ، فضلا عن آلاف الأوكرانيين الذين تقطعت بهم السبل في المدن المحاصرة. وبينما احتمى المئات بمحطات المترو في خاركيف، قالت ناستيا، وهي فتاة صغيرة كانت مستلقية على أرضية عربة قطار، إنها موجودة في مكانها منذ ما يزيد على أسبوع وإنها بالكاد تقدر على الحركة لكونها مصابة بفيروس. وأضافت "أنا خائفة على بيتي وعلى منازل أصدقائي وخائفة للغاية على البلد بأسره وخائفة على نفسي بالطبع". ويصف بوتين الغزو بأنه "عملية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وإزاحة القادة الذين تسميهم بالنازيين الجدد. وتصف أوكرانيا والحلفاء الغربيون ذلك بأنه ذريعة لا أساس لها لشن حرب، كان يمكن تجنبها، أثارت مخاوف من صراع أوسع في أوروبا. مستشفى الأمراض النفسية ذكر حاكم منطقة خاركيف المتاخمة للحدود الروسية أن القصف شمل مستشفى للأمراض النفسية، وقال رئيس بلدية مدينة خاركيف إن القوات الروسية دمرت نحو 50 مدرسة. وقال مجلس مدينة ماريوبول في جنوبأوكرانيا إن 1582 مدنيا على الأقل لقوا حتفهم في القصف الروسي والحصار المستمر للمدينة منذ 12 يوما والذي يحبس مئات الآلاف بغير طعام أو ماء أو تدفئة أو كهرباء. وتنفي موسكو استهداف المدنيين. وبينت وزارة الدفاع الروسية إن ماريوبول التي تطل على البحر الأسود خاضعة للحصار، بينما قالت فيريشوك إن القصف الروسي منع الناس من مغادرة المدينة من ممر للمساعدات الإنسانية الجمعة. وقال مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية فاديم دنيسينكو "الوضع حرج". وفي نفس الوقت اتخذت الدول الغربية المزيد من الإجراءات الاقتصادية في محاولة لإرغام بوتين على إنهاء الهجوم. بدوره قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي حظر واردات النفط الروسية في الأسبوع الماضي، إن مجموعة السبع التي تضم الدول الصناعية المتقدمة ستلغي وضع الدولة الأولى بالرعاية في مجال التجارة. وحظر أيضا الواردات الأميركية من الألماس والمأكولات البحرية الروسية. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي سيعلق المعاملة المميزة التجارية والاقتصادية لموسكو ويشن حملة على الأصول المشفرة الروسية ويحظر استيراد منتجات الحديد والصلب الروسية وأيضا صادرات السلع الفاخرة في الاتجاه الآخر. انتشار قرب كييف توقفت القوات الروسية الرئيسية شمالي كييف بعد أن فشلت في تحقيق ما يقول محللون غربيون إنها كانت خطة أولية لهجوم قتالي. لكن صورا التقطتها ونشرتها شركة الاستطلاع الأميركية الخاصة ماكسار أظهرت استمرار القوات الروسية في الانتشار بالقرب من كييف وأنها تطلق نيران المدافع على الأحياء السكنية بحسب تحليل للشركة. وقالت ماكسار إن النار اشتعلت في كثير من البيوت والمباني في بلدة موشتشون شمال غربي كييف وإن أضرارا واسعة النطاق شوهدت بها. وجاء في تحديث للمخابرات البريطانية أن القوات البرية الروسية تحقق تقدما محدودا فقط بسبب المشكلات اللوجستية والمقاومة الأوكرانية. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية تعيد تجميع صفوفها بعد أن منيت بخسائر فادحة. وأضافت أن القوات الأوكرانية ردت بعض هذه القوات إلى "مواقع غير ملائمة" بالقرب من حدود روسيا البيضاء. روسيا البيضاء في اجتماع مع رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "تحولات إيجابية مؤكدة" حدثت في المحادثات مع كييف، لكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل. وأثارت أوكرانيا احتمال دخول روسيا البيضاء الحليفة لموسكو الحرب، واتهمت روسيا بشن ضربات جوية زائفة على روسيا البيضاء من أوكرانيا ليكون ذلك ذريعة لتلك الخطوة. ولم يرد الكرملين على طلب للتعليق. وقال ماثيو بوليج وهو خبير في مركز الأبحاث تشاتام هاوس في لندن إن من الممكن ألا تكون لدى روسيا القوات الكافية لتحقيق أهدافها. وبين بوليج لرويترز "لا يمكن لدولة غزو دولة عندما تكونا متعادلتين" في القوات. وأضاف "لم يفعلها أحد، وهو ما يعني أنه إما أن هناك شيئا خاطئا أو أنهم كانت افتراضاتهم خاطئة للغاية". من جهته، وصف السفير الروسي لدى الولاياتالمتحدة، أناتولي أنطونوف، التصريحات الأميركية الأخيرة بشأن احتمال استخدام روسيا أسلحة كيميائية في أوكرانيا بأنها محاولة أخرى ل "شيطنة" روسيا. وقال أنطونوف: "مثل هذه المزاعم لا تساوي شيئا، فالمسؤول الأميركي، كعادته، لم يكلف نفسه عناء تقديم أي دليل. هذه محاولة أخرى لتشويه صورة بلدنا". وأضاف أنطونوف: "بلادنا، على عكس الولاياتالمتحدة، تخلصت من جميع المخزونات المتاحة من عوامل الحرب الكيميائية في عام 2017. وقد قامت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتوثيق هذه الحقيقة. ولا جدوى من المجادلة في هذه الحقيقة". كما هدد مسؤول بوزارة الخارجية الروسية فنلنداوالسويد، برد لم يحدده على وجه الدقة، حال انضمام أي من الدولتين لحلف شمال الأطلسي (الناتو). ونقلت وكالة أنباء إنترفاكس الروسية عن المسؤول الروسي، سيرجي بيلاييف، تحذيره من عواقف عسكرية وسياسية حال انضمام فنلندا أو السويد، غير المنحازتين، للحلف العسكري. وأوضح بيلاييف، الذي يشغل منصب مدير الإدارة الأوروبية الثانية بالخارجية الروسية، إن عدم وجود فنلنداوالسويد داخل الحلف يشكل "عاملا مهما لضمان الأمن والاستقرار في شمال أوروبا،" بحسب ما أوردته وكالة بلومبرغ للأنباء السبت. وأوضح أن من السابق لأوانه مناقشة أي إجراءات للرد في الوقت الحالي. وكان رئيس وزراء السويد هدأ في وقت سابق هذا الأسبوع التوقعات بشأن أي محاولة من جانب بلاده في المستقبل القريب للانضمام للحلف، وقال إن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التوتر في أوروبا. من ناحية أخرى، أعلنت شركة السكك الحديدية الأوكرانية، أنها وفرت الإجلاء الآمن لأكثر من مليوني شخص من الفارين من القتال خلال الحرب التي اندلعت قبل أكثر من 15 يوما. جاء ذلك في بيان للخدمة الصحفية التابعة للشركة على موقع تلغرام، وفقا لما ذكرته وكالة يوكرينفورم الأوكرانية للأنباء السبت. وقال البيان إنه من بين المليوني شخص، استقل 226 ألف شخص قطارا إلى خارج البلاد. وأشار البيان إلى أنه تم إجلاء الأشخاص من كييف وخاركيف، وهما المدينتان الأكثر عرضة للتهديد من جانب القوات الغازية، في إشارة إلى القوات الروسية. وأضاف البيان أن طريق السكك الحديدية الدولي الأكثر استخداما هو الطريق المؤدي إلى بولندا. كانت بولندا قد أعلنت الخميس أن عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى أراضيها بلغ 1.4 مليون منذ بدء الحرب في أوكرانيا. تبحث أوكرانيا عن تأمين ممرات آمنة لإخراج مواطنيها للدول المجاورة (أ ف ب)