حرصت مملكة البحرين على تسخير كافة مواردها وطاقاتها نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) التابع للأمم المتحدة بشكل عام. وفي مقالنا هذا، سنركز بالأخص على المساعي المتبناة والشراكات الاستراتيجية المنعقدة في سبيل تحقيق الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، والهدف الثالث عشر: العمل المناخي، والهدف السابع عشر: عقد الشراكات لتنفيذ الأهداف. وقد استهل السيد مارك توماس الرئيس التنفيذي للمجموعة في الشركة القابضة للنفط والغاز الحديث بإعلان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله عن استهداف مملكة البحرين للوصول للحياد الصفري في العام 2060، بهدف مواجهة تحديات التغير المناخي وحماية البيئة. وقد باشرت مملكة البحرين عملية تخفيض الانبعاثات بالتوازي مع جهودها نحو تنمية الاقتصاد الوطني في إطار الرؤية الاقتصادية 2030 من خلال وضع النمو المستدام كمرتكز رئيسي. وبذلك، ستتبنى المملكة اقتصادًا دائريًا للكربون مدعومًا بخطط تحييد مختلفة تشمل على سبيل المثال لا الحصر: تقنية احتجاز الكربون والتشجير. ولا بد لنا أن نذكر في هذا السياق مساهمة الشركة القابضة للنفط والغاز الكريمة لدعم الحملة الوطنية للتشجير "دُمتِ خضراء"، والمتمثلة بتشجير حوالي 3,175 متر مربع في المحافظة الجنوبية، بأكثر من 5,050 شجرة وشجيرة وهو ما يصب لصالح تحقيق الأهداف البيئية ويُساهم في معالجة آثار التغيرات المناخية ضمن خطة أهداف التنمية المستدامة 2030. وعلى صعيد آخر، شارك وفد رفيع المستوى من مملكة البحرين في المؤتمر السادس والعشرين لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP26"، والذي أُقيم في مدينة غلاسكو بالمملكة المتحدة، والذي تم خلاله عرض الإنجازات التي حققتها مملكة البحرين واكتسبت من خلالها سمعة طيبة إقليميًا ودوليًا في مجال الحفاظ على البيئة والحد من آثار تغير المناخ عن طريق تنفيذ الخطط والمشاريع الخاصة بالتخفيف والتكيف مع التغير المناخي ومنها: مشاريع الطاقة المتجددة وإدارة المياه واعتماد أفضل المبادرات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأسهب السيد مارك توماس حول النقلة النوعية في قطاع النفط والغاز الطبيعي على الصعيد العالمي، حيث أدت التحولات الحاصلة إلى تغير توجهات السوق وسعي كبرى الشركات الدولية لتبني تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) كوسيلة للتشغيل المستدام على الصعيد التنظيمي. وهو ما سيساهم في عملية تحول الشركة القابضة للنفط والغاز إلى الطاقة المتجددة والمستدامة، حيث تم اتخاذ خطوات جدية للحصول على نتائج فعلية، مع استعراض كافة السُبل الممكنة للتعامل مع التحديات التي تواجه المملكة من هذا الجانب، علاوة على تطبيق نهج شامل لتحويل عمليات الشركة لإنتاج الطاقة بشكل مسؤول في ظل ممارسات تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG). وتطرق السيد مارك توماس بإيجاز، لأهم التقنيات التي ساهمت بتشكيل قطاع النفط والغاز، حيث يتم الحد من الإخفاقات عن طريق إجراء التحليلات المتقدمة والصيانة الاستباقية وذلك بالاعتماد على الحلول السحابية. كما تساعد تقنية إنترنت الأشياء في تعزيز كفاءة العمل والأداء عبر مراقبة خطوط الأنابيب والأصول التي توفر بيانات في الوقت الفعلي لتقليل الأضرار. ومن شأن الأتمتة كذلك أن تؤدي لمواءمة سلاسل التوريد وتوفر رؤية مُغايرة تُمكن من الاطلاع على العمليات من منظور آخر عبر استخدام الطائرات بدون طيار على سبيل المثال. لقد شهدت التكنولوجيا في هذا القطاع الحيوي قفزة عالية خاصة في ظل تسارع التطبيقات والحلول الرقمية. لذا، يُعد تعزيز أواصر التعاون المشترك بين الشركات والمؤسسات أمرًا بالغ الأهمية كونه يصب لصالح تحقيق أعلى درجات الكفاءة والتعافي في قطاع النفط والغاز. وذكر السيد مارك توماس الرئيس التنفيذي للمجموعة في الشركة القابضة للنفط والغاز أن الشركة القابضة للنفط والغاز هي شركة تجارية مملوكة بنسبة 100 % من قبل حكومة البحرين - تُعلن عن خسائرها وأرباحها السنوية، وتلعب دورًا أساسيًا في تنفيذ سياسة مملكة البحرين في قطاع النفط والغاز، إلى جانب الإشراف على جميع استثمارات مملكة البحرين في أصول النفط والغاز والبتروكيماويات. وهي تُعد جزءًا لا يتجزأ من النظام الداعم للاقتصاد الوطني كونها تسعى لإنشاء وتطوير وإدارة مجموعة من الشركات المعنية بقطاع النفط والغاز منها: شركة غاز البحرين الوطنية "بناغاز"، شركة البحرين لتزويد الوقود "بافكو"، شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات "جيبك"، شركة تطوير للبترول "تطوير"، وشركة نفط البحرين "بابكو" وغيرها. وتتطلع الشركة القابضة للنفط والغاز للمساهمة في التنوع الاقتصادي الوطني والنمو عن طريق التميز في الأداء المستدام ضمن محفظة من الاستثمارات المحلية والدولية. وبالعودة لشركة بابكو، فقد قامت باعتماد أحد أضخم المشاريع الاستثمارية حجماً على الصعيد المحلي بقيمة 6 مليارات دولار أمريكي وهو برنامج تحديث المصفاة، حيث يهدف هذا المشروع الوطني الاستراتيجي إلى بناء التكوين الأمثل للمصفاة والذي سيضع مصفاة البحرين في مصاف أكثر المصافي تنافسية في المنطقة والعالم. وسيساهم المشروع في زيادة السعة الإنتاجية للمصفاة بنسبة 42 % من 280,000 إلى 375,000 برميل يوميًا أو أكثر، علاوة على تعزيز قدرة منتجاتها لتلبية احتياجات الطلب في الأسواق العالمية بشكل أفضل مع التوجه نحو المنتجات ذات قيمة أعلى، مع ضمان قدرة الأصول ذات المستوى العالمي في المصفاة على تحقيق كفاءة أفضل في استهلاك الطاقة، ويتوقع أن يكتمل المشروع في أواخر عام 2023. وفي خضم الحديث، عمد السيد مارك توماس لاستعراض رؤية وأهداف الشركة القابضة للنفط والغاز والمتمثلة في اعتماد مصادر بديلة للطاقة عبر إعداد خطة جاهزة ومتكاملة تتضمن بعض المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مع الحرص على الاستفادة من التجارب المشتركة والخبرات العالمية للدول التي تواجه تحديات مماثلة في هذا المجال مما يُساهم بتطوير قطاع الطاقة في المملكة. وتشمل أجندة الشركة القابضة للنفط والغاز الالتزام بالوصول للحياد الصفري في العام 2060 وذلك ضمن إطار تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) وخفض الانبعاثات بنسبة 30 % بحلول عام 2035؛ وهو ما يتماشى مع التعهد العالمي للميثان وهي مبادرة لتقليل انبعاثات الميثان بنسبة 20 % بحلول عام 2030 للحفاظ على هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية. بالإضافة إلى مراقبة عمليات الحرق باستخدام الأقمار الصناعية؛ كما تم بدء دراسة جدوى حول احتجاز وتخزين الكربون والنظر في مصادر متجددة مثل: الهيدروجين ليتم استخدامه لتخزين الطاقة الشمسية. وتزامنًا مع فعاليات المؤتمر الدولي لتقنية البترول للعام 2022، الذي أُقيم برعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وشهد مشاركة وزراء وخبراء ومهتمين من 70 دولة، وأكثر من 300 شركة عالمية، وشمل 107 جلسات تقنية، تقدم فيها أكثر من 800 ورقة علمية. أكد السيد مارك توماس الرئيس التنفيذي للمجموعة في الشركة القابضة للنفط والغاز على أهمية توفير منصة لتبادل المعارف والخبرات مع الدول الأخرى واستعراض الأبحاث حول مصادر الطاقة المتجددة، ومناقشة التحديات والسياسات الجديدة المطلوبة لتسهيل الانتقال للبدائل المستدامة. وشدد أيضًا على ضرورة إبرام المزيد من التحالفات والشراكات الاستراتيجية بين شركات النفط الوطنية وأهم الشركات العالمية للمضي قُدمًا لتأمين الطاقة وتحقيق الدخل من الموارد الطبيعية السيادية وخلق طاقة مستدامة أكثر وذات انبعاثات كربونية أقل. مارك توماس