قالوا علامك تزور حي البديعة كل يوم قلت السبب صاحبي الله حسيبي عليه أهل الشميسي عسى قلبي تحنونه تراه من بعدكم يازين مرضاني دخلت سوق الذهب قصدي اشتري دبله هدية للحبيب الي على بالي جتني هدية فلة كاملة في البحر الأحمر في الملز يا سلام هناك أغانٍ عدّة تناولتها الأغنية المحلية، لولا المساحة التي تحكمنا لاستحضرنا أكثر من عشرات في فترة السبعينات والثمانينات، فترة انتعاش الأغنية وغزارة إنتاجها وجودتها، حيث كانت تزخر بالمفردة الراصدة لكل ما يحيط بالشخص وهذه أحد مؤشرات رهافة الكاتب وقدرته على الانتباه والالتقاط ثم التوظيف لما يخدم الموقف العاطفي أو الحالة الإنسانية، فكل شيء حولنا له روح، وقليل منا من يشعر بهذه الروح ويلمس حضورها، والمقصود بالروح هنا ليست الروح المتعارف عليها وإنما كناية عن الشعور الذي يصلنا من الجماد حتى نحسبه روح يشاركنا تفاصيل التجربة، " الأنثروبولوجيا" التي قدمتها الأغنية ك" الحي والشارع والسوق" والأنسان بتقاليده وعفويته التي حضرت بشكل مكثف في الأغان، ورصد الأماكن العامة التي شاع فيها اللقاء، كان حضوره العمل الفني ملفت، ولربما كان جعل مكانة لجغرافية المكان لدى العشاق. من تلك "الأنثروبولوجية" التي فصلت الأنسان في عقود من القرن الماضي، أبقت بعض الأحياء والشوارع والأسواق شاهدا لخلود واستمراريته ذكرها، فكثير من الأجيال التي لم تعاصر هذه الأغاني في وقتها، تحفظها وتتغنى بها إلى اليوم، وبالتأكيد أن البعض يأخذهم الفضول للبحث عن "الشارع أو الحي"، حتى لو لم يحركهم فضول مشاهدته يكفي أن تصل إليهم معلومات عاطفية واجتماعية وجغرافية عن مجتمعهم بوسيلة سهلة ومحببة لنفوسهم وهي الغناء. حضور ما نعتبره جماد في الكلمة الشعرية نجدها مؤشر على أحاسيس حية، فقد تجاوز المعالم الخارجية المألوفة في القصائد مثل النجوم والقمر وغيرها، مما يتم الاستشهاد بها دائماً في القصائد، وشعر بروح وفضل هذه الأماكن ودورها في اللقاء المصيري أو لحظها في احتضان وسكن المحبوب. مدننا وشوارعنا وما نمارس فيه ومن خلاله حياتنا اليومية ليست هوامش جانبية، بل هي أصل لمن شعر بدورها في حياته، فتخيل الثراء والاختيار لمن أراد الاستشهاد بالأماكن، كثيرة من الأحياء وتعددت الأماكن العامة من سينما ومقاهي ومطاعم، ولكن هذه الكثرة لم تجد لها طريق ومكان "شاغر" عند مشاعر المؤلف، فإضافة الأماكن فضلاً على أنها ستساهم بشكل فني غير مباشر في توثيق مرحلة كما فعلت في القرن الماضي، ستضفي للمكان المغنى وقع مختلف في نفوس الناس.. في جيلنا الحالي.. من الفنان والشاعر الذي سيبدأ؟ بشير شنان -رحمه الله- دون «أنثروبولوجيا» للإنسان في ستينات وسبعينات القرن الماضي ساهمت أغنية «حي البديعة» في انتشار اسم سعد جمعة في ثمانينات القرن الماضي