لحياة الإنسان مراحل متغيرة ومحطات متنقلة. وما أن يستقر الإنسان في حياته حتى تجبره أقدار الله على التغيير والانتقال إلى مرحلة أخرى لها أسلوبها وطبيعتها واحتياجاتها. ففي كل مرحلة يتم التغيير ربما للأفضل أو الأسوأ. وقد يكون التغيير في حياة الإنسان جزئياً أو كلياً تحكمه عوامل عدة قد لا يكون للإرادة البشرية دور فيها. وقد يكون التغيير في الروتين اليومي للإنسان أو علاقاته المختلفة أو تغير في طبيعة العمل والهوايات، وقد تتغير عليه الأرض والبيئة التي تعود العيش فيها أو أنها تتبدل عليه الوجوه التي كان يألفها. والتغيير في اختلاف مراحل العمر قد يصيب الصحة والنشاط فبعد أن كان الإنسان قوياً صحيحاً معافى يصبح فريسة للأمراض الجسدية والنفسية. أو يكون مريضاً ميؤوساً من حالته فيمن الله عليه بالصحة والعافية وقد يكون لفقد الأبوين أو أحدهما أو فقد أحد الأبناء والأقارب أو فقد الأخ الكفء أثر كبير في تغيير مجرى حياة الإنسان. وقد يشمل التغيير تقلب حال الإنسان من الفقر إلى الغنى أو من الغنى إلى الفقر وكل ذلك بتدبير الله. وقد يكون للإنسان دور في التغيير الحاصل من أجل حياة أفضل أو ضرورة ملحة. وما عُرف للصبر مثيل عند تقلب الأحوال، وقد أرشدنا الله إلى التزام الصبر عند اختلاف الحال في قوله تعالى:- (وَلِتَبْلُونَكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). ومن تمعن في مجريات تبدل الأحوال عند الناس على مر التاريخ يلاحظ أن كثيراً من التغيرات عند البشر يكون ظاهرها شراً وباطنها رحمة من رب العالمين. ولنا في قصص الأنبياء والصالحين عبر، منها قصة يوسف عليه السلام، وكيف نجاه الله من غيابة الجب ورفع مكانته ومكنه في الأرض. ومن القصص في عصرنا الحالي، قصة ذلك الشاب الذي تلقى من أبيه كفاً، بعد أن طلبه مبلغ 200 ريال ليقدم عشاء لأصدقائه الموجودين في المنزل، على أثر ذلك الكف ترك البيت وغادر أهله وأقاربه، وبعد سنوات من الغياب عاد إلى أهله وقد أصبح من أصحاب الملايين، ويقول لو لا كف أبي لما تغير حالي، ولكن ذلك كان بتدبير الله ليدفعه إلى رزق قد كتبه له، فحقق في غيابه تلك الثروة وتبدل حاله من الفقر إلى الغنى. وهذا مصداق قوله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). ونستخلص مما ذكر، أن يسلم الإنسان أمره لله في كل صغيرة وكبيرة وألا يكره من أمر الله شيئاً. وأن يتكيف مع الظروف المختلفة وألا يجعل سعادته بيد مخلوق أو مكان أو أمر بعينه. وألا تؤثر فيه المواقف والتغيرات. والأهم من ذلك أن يتسم الإنسان بصفاء السريرة والصدق مع الله، وألا يقع في ظلم أو يتعدى حداً من حدود الله. وعلى الإنسان أن يدع الأمور تمضي كما قُدر لها، وأخيراً نستشهد بقول الشاعر: دع المقاديرَ تجري في أَعَنْتهَا ولا تُبَيِّتْنَ إلا خاليَ البالِ ما بين غَمضةِ عَين وانتباهتها يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ