اتّهمت كييف الجمعة موسكو بزيادة عمليات تسليم الأسلحة والمعدات العسكرية للانفصاليين الموالين لروسيا، في ظلّ مخاوف من غزو روسيالأوكرانيا. وأكد جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكراني في بيان أن "قيادة القوات المسلحة الروسية تواصل تعزيز القدرات القتالية" للانفصاليين في شرق أوكرانيا عبر تزويدهم بدبابات ومنظومات مدفعية وذخائر. وأوضح جهاز الاستخبارات التابع لوزارة الدفاع أن منذ مطلع العام سلّمت السلطات الروسية "بشكل سرّيّ" عبر النقل البرّي "من الأراضي الروسية (...) أكثر من سبعة أطنان من الوقود، وعدة دبابات ومنظومات مدفعية وأسلحة أخرى وذخائر". واتهم موسكو بأنها تعمل بشكل حثيث على "تجنيد مرتزقة" وتدريبهم في مراكز تدريب في روسيا لإرسالهم للقتال في شرق أوكرانيا إلى جانب الانفصاليين. تأتي هذه التصريحات في خضمّ توترات غير مسبوقة مع موسكو التي تتهمها كييف ودول غربية بالتحضير لغزو جارتها. وحذرت الولاياتالمتحدة الخميس من أن روسيا التي حشدت آلاف الجنود على الحدود الأوكرانية تجازف بإعادة إحياء شبح الحرب الباردة، مهددة مرة جديدة موسكو برد في حال توغلها في أوكرانيا. وفي موقف يتسم بالحزم، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مقابلة مع قناة زي دي إف التلفزيونية إن احتمال دخول جنود روس سيشكل "عدوانًا واضحًا جدًا لأوكرانيا" بغض النظر "عما إذا كان (الأمر يتعلق) بجندي واحد أو بألف جندي". وقال بلينكن في تصريحات سابقة من برلين إن أي انتهاك من جانب روسيا لسيادة أراضي أوكرانيا "سيعيدنا إلى أوقات أكثر خطرا وانعداما للاستقرار، عندما كانت هذه القارة، وهذه المدينة، مقسومة إلى جزئين تفصل بينهما منطقة عازلة حيث يسيّر الجنود دوريات، فيما يمثُل التهديد بحرب شاملة فوق رؤوسنا جميعا". أجرى بلينكن هذه المقارنة من برلين، المدينة التي كانت مقسومة بجدار على مدى حوالى 30 عاما، حيث أجرى الخميس محادثات مع حلفائه الأوروبيين عشية لقاء مهم مع الروس في جنيف. ورغم نفيها أي مخطط لهجوم، تؤكد موسكو أن وقف التصعيد يتطلب ضمانات خطية حول أمنها. موقف حازم عبّر بلينكن والحلفاء الغربيون للولايات المتحدة في المقابل عن موقف حازم. وقال بلينكن إن "أي" تجاوز للحدود الأوكرانية من جانب روسيا سيؤدي الى رد فعل "سريع وشديد" من الولاياتالمتحدة. لإظهار وحدة الغربيين، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بدورها أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها لن يترددوا في التحرك رغم أنّ الردّ ستكون له "تداعيات اقتصاديّة" على أوروبا. من جهته حذر نظيرها الفرنسي جان ايف لودريان الذي كان موجودا أيضا في برلين، الروس من أي رغبة لإقامة "يالطا 2"، أي تقاسم جديد لدوائر نفوذ بين الغرب والشرق بعد 77 عاما على المؤتمر الذي رسم حدود أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. واعتمدت لندن اللهجة ذاتها حيث حذر رئيس الوزراء بوريس جونسون من أن أي توغل روسي في أوكرانيا سيكون "كارثة على العالم". في كييف، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعليقا على غزو روسي محتمل، إنّ لا وجود لما يسمّى "توغلات محدودة"، معتبرا أن ضمان "الأمن الشامل في أوروبا مستحيل من دون استعادة سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها". جاء ذلك تعقيبا على تصريح للرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء تسبّب بإرباك بعدما تطرق الى احتمال حصول "توغل محدود" روسي في أوكرانيا. ثم وضّح بايدن تصريحاته الخميس قائلا إن أي دخول للقوات الروسية إلى أوكرانيا سيُعدّ عملية "غزو". وقال بايدن "إذا تحرّكت أي مجموعة من الوحدات الروسية على الحدود الأوكرانية، فيُعدّ ذلك غزوا"، مضيفا أنه كان "واضحا تماما" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف "سيؤدّي ذلك إلى ردّ اقتصادي قاسٍ ومنسّق تطرّقتُ إليه بالتفصيل مع حلفائنا". ولا يزال بلينكن يأمل في التوصل الى مخرج دبلوماسي للتوتر. وكان بلينكن حثّ الأربعاء خلال زيارة دعم الى كييف، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اختيار "الطريق السلمي". رد تصعيدي لكن روسيا ردت عبر إعلانها الخميس عن إطلاق عمليات بحرية في كل الاتجاهات من المحيط الهادئ إلى الأطلسي مرورا بالمتوسط تشمل 140 سفينة حربية وعشرة آلاف عنصر. وسبق أن نظّمت موسكو الأربعاء تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات بيلاروس، الجمهورية السوفياتية السابقة المجاورة أيضا لأوكرانيا. هذه التدريبات من شأنها أن تنذر بوجود عسكري روسي دائم يشمل قوات تقليدية ونووية في بيلاروس، كما قال مسؤول أميركي.وحصلت جولة محادثات أميركية روسية الأسبوع الماضي في أوروبا لكنها فشلت في ردم الهوة الفاصلة في هذه المرحلة بين الغرب وروسيا. وشدد بلينكن الأربعاء على أنه لن يعرض "أي وثيقة" خلال لقاء الجمعة مع لافروف. وأوضح "علينا أن نرى إلى أين وصلنا وما إذا كانت لا تزال هناك فرص لاتّباع الدبلوماسية والحوار الذي كما قلت سابقا، هو المسار المفضّل إلى حدّ بعيد". "مستنقع رهيب" دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس الجمعة روسيا إلى "خفض التصعيد" وإجراء "محادثات بناءة" في شأن أوكرانيا، محذرة من أن غزو هذا البلد سيقود إلى "مستنقع رهيب". وخلال زيارة إلى سيدني مع وزير الدفاع البريطاني بن والاس، قالت تراس "سنُواصل مع حلفائنا دعم أوكرانيا ونحض روسيا على خفض التصعيد والمشاركة في مناقشات بناءة". وأضافت أن "الكرملين لم يستخلص العبر من التاريخ"، مؤكدة أن "الغزو لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسائر في الأرواح كما حدث في أفغانستان السوفياتية والصراع في الشيشان". مخاوف من تصعيد خطير في أوكرانيا (أ ف ب)