كثيراً ما نجد العديد من الشخصيات المتخصصة وغير المتخصصة على منصات التواصل الاجتماعي تنادي بأهمية العلاج النفسي في حال وجود العديد من الأعراض والتي قد تعتبر مؤشرا لوجود مشكلة نفسية أبسطها قد يكون الاكتئاب، لتتباين ردود أفعال المتابعين ما بين معارض قد أردف بالقول إن تلك الأعراض ما هي إلا لأسباب روحية، ومؤيد لديه القناعة التامة والكاملة والحرية بمراجعة العيادات النفسية، وفئة ليست بالقليلة (أكاد أشعر بهم بكلماتهم) مؤمنين بحاجتهم لعلاج نفسي لكن الكثير من العثرات والاعتقادات تمنعهم من ذلك إما لضعف الحالة المادية حيث يعتبر العلاج النفسي مكلف نوعاً ما أو لمشاعر الخوف من أن يعلم أحد ما بعلاجه أو مراجعته لعيادة نفسية ممن يرفض تماماً فكرة العلاج النفسي وكأنه وصمة عار، برأيي الشخصي أرى أن بعض العيادات النفسية قد ساهمت بتأصيل هذا الفكر من خلال مناداة المرضى بأرقام بحجة خصوصية المرضى والحفاظ على سريتهم، لماذا جعلنا خصوصية المريض مقصوراً على الصحة النفسية دون بقية الاختصاصات؟! صحتي بشكل عام خصوصية وسرية لا أرغب بأي أحد أن يعرف أي شيء فما يخص صحتي إلا بإرادتي لكن هذا لا يعني أنه لا أُدعى باسمي، لو تعاملنا بهذا المنطق لنسينا أسماءنا التي أطلقوها علينا والدينا، بل أرى أن المناداة بالرقم له تأثير سلباً على المشكلة النفسية خصوصاً لمن لديه مخاوف من العيادات النفسية بشكل أو بآخر، كما أن أحد الأساليب المتبعة في علاج الكثير من المشكلات النفسية التي تتخللها المخاوف هو مواجهة تلك المخاوف، وهذا غير مطبق مع المريض ذاته بداية عند مراجعته للعيادة في حال مناداته بالرقم دون الاسم برأيي كمراجعة لأحد العيادات النفسية بأن إهمال العلاج النفسي قد يقودك للجنون وقد يتسبب لك بالعديد من الأعراض غير المفهومة وغير المبررة بالنسبة لك، فقد تتطور مشكلة بسيطة في حلها كالاكتئاب لشيء آخر لا تستطيع فهمه أكثر تعقيداً يفقدك قدرتك على ترجمة شعور سواء بالكلام أو الكتابة وبأي شكل من الأشكال ستفتقد المتعة والكثير من الأمور الحياتية تدريجياً إلا أن ترى نفسك وقد فقدت ذاتك لتصبح كشخص آخر تكاد لا تتعرف عليه، فبدون مساعدة من مختص لن تستطيع أن تعود كما كنت عليه سابقاً. فالصحة النفسية لها من الأهمية القدر الذي لا يقل عن صحتك الجسدية بل أكثر، حيث تساهم صحتك النفسية الجيدة في تغلبك على الكثير من الأعراض التي من الصعب تقبلها المصاحبة لكثير من الأمراض العضوية وهي داعم لك لانجاز مهامك وأعمالك بشكل جيد. أخيراً لو كان لي من الأمر شيء لكان إلزامياً على كل منشأة أن توفر لموظفيها عيادة من استشاري نفسي وأخصائي علاج سلوك معرفي كما العيادة العامة حيث من المؤكد سيكون لذلك الأثر الكبير على صحة الموظفين النفسية وبالتالي على إنتاجية الموظف وكفاءته، ولكان إلزامياً على جميع شركات التأمين أن تؤمن على موظفيها وعملائها لدى كافة العيادات النفسية بالمنطقة وكذلك كبرى الصيدليات لوصفات الأدوية النفسية كما غيرها من العيادات.