الفك المفترس هو فيلم إثارة ورعب أمريكي، في الفيلم يحاول قائد الشرطة وعالم بحري وصياد إيقاف قرش أبيض كبير من الفتك بجزيرة صغيرة. تخيلوا معي أن بعض المرضى المصابين بأمراض نفسية وعقلية - ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر مرضى الاكتئاب - يرفضون مراجعة المشافي النفسية إما خجلاً أو خوفاً على سمعتهم أو رفضاً للدواء النفسي معتقدين خطأ أن تناوله سيسبب لهم الإدمان والاعتمادية عليه، هو في الحقيقة قد يدمن عليه المريض إذا لم يلتزم بالتعليمات الطبية كإيقاف الدواء من تلقاء نفسه أو الإفراط في الجرعة المحددة أو عدم الانتظام في أوقات تناول الدواء، أو عدم الالتزام بمواعيد مراجعة طبيب النفسية، وكذلك يتجنبون الدواء كونه يسبب لهم بعض الأعراض الجانبية الطبيعية التي قد يسببها أي دواء من أدوية الأمراض العضوية، وتجدهم يتحملون الآلم الشديدة والمؤلمة والمستمرة والمعيقة والأفكار الناتجة عن المرض النفسي الذي يعانون منه، ويحاولون الانتحار، كل ذلك حتى لا يراجعون الطبيب النفسي الذي أصبح يشكل لهم هاجساً مرعباً وكأنه فك مفترس يريد الفتك بالمريض وليس طبيباً معالجاً يدرس الحالة المرضية ويشخصها ويصرف لها الدواء المناسب إذا دعت الحاجة له. الأغرب من ذلك عندما تكون أسرة المريض هم من يرفضون عرض مريضهم النفسي على الطبيب النفسي ويهملون ذلك وأيضاً للأسباب المذكورة آنفاً، رغم أن المريض قد فكر أو حاول مرة أو عدة مرار في الانتحار وذلك بمعرفة وعلى مرآى من أهله ولكنهم يغضون الطرف عن حالته والبعض يسعى للعلاجات الأخرى كالجلسات النفسية أو ما يسمى بالعلاج السلوكي والعلاج الاجتماعي والترويحي والرقية الشرعية لا شك أن جميع ماسبق مهم إذا اجتمع مع الدواء ، ويؤخرون اصطحاب المريض إلى عيادة الطبيب النفسي إلى أن تقع الكارثة وينفذ المريض تلك الأفكار عملياً، وقتها يهرعون به إلى طواريء المستشفيات لانقاذ حياته من الموت، هناك حالات يمكن انقاذها فعلاً وكما يقال " هذه المرة عدّت على خير ، ولكن قد لا تعدي على خير في المرات القادمة " وفي المقابل هناك حالات لا يمكن انقاذها لأنها تكون قد فارقت الحياة، وكل ذلك لأن أسرة المريض يخشون على سمعة مريضهم أو مريضتهم فهم يعتقدون أن مراجعة الطبيب النفسي سيحدث وصمة اجتماعية للمريض النفسي وقد يُحرم من الزواج بسبب تلك الوصمة، "فيا جماعة الخير" إن الحفاظ على الصحة أهم من الزواج ومن أي شيء آخر. هنا لي تعقيب وتنويه وهو ضرورة التشديد على المستشفيات والعيادات النفسية بأن تكون معلومات المرضى النفسيين كالأسماء وأرقام الهوية محجوبة تماماً عن جميع موظفي المستشفى ويستعاض عنها بأرقام وذلك أولاً لدواعي السرية والخصوصية وحتى لا تنكشف هوية المريض وفعلاً مستقبلاً قد تضر اجتماعياً تلك الوصمة والسمعة المرضى المتعافين ويتأذون منها فالزوجة قد تُطلّق إذا علم زوجها أن لها تاريخاً في المرض النفسي رغم أنها حالياً قد تجاوزت المرض وأصبح في الأرشيف، ولعلي هنا اوجه كلمة سواءً للمرضى والمجتمع بأن المرض النفسي ليس عيباً ولا عاراً ولا سوابق إجرامية حتى أن السوابق قد تسقط عن الشخص بعد سنوات عدة، بل هو مرض كغيره من الأمراض الأخرى، التي يمكن علاجها ويتشافى منها المريض، ويعود لممارسة أدواره الاجتماعية في المجتمع. قبل أن أختم ، هل تعلمون أن أهم من جميع الذي تطرقت إليه سابقاً، أن طلب العلاج مطلب شرعي فقد أمرنا الشارع أن نحافظ على الضرورات الخمس والتي منها النفس. أخصائي اجتماعي أول عبدالرحمن حسن جان