أجمع قانونيون على أن صدور موافقة مجلس الوزراء على نظام الإثبات يعزز الثقة والاطمئنان القضائي، ويؤكد حرص ولاة الأمر -حفظهم الله- على تطوير منظومة التشريعات العدلية، وفقاً لأحدث الأساليب العالمية دعماً للمرفق القضائي وتحقيقاً لجودة الأحكام الضامنة للحقوق، مؤكدين أن من أبرز مميزات النظام تقرير الكثير من مبادئ الإثبات القضائي بطريقة واضحة وجلية بما لا يدع مجالاً للتوسع في الاجتهاد. حفظ الحقوق وقال أستاذ القانون العام د. فهد بن محمود السيسي: من المتقرر أن من المبادئ العدلية في جميع التشريعات حفظ حقوق المتخاصمين من حيث إتاحة سبيل وسائل تقديم ما يثبت به حقهم، ونظراً للتطور التشريعي الذي تعيشه المملكة في هذه الفترة فإن نظام الإثبات يعتبر باكورة الأنظمة الأربعة التي بشر بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في رمضان، وهذا النظام يحفظ لجميع المتخاصمين حق تقديم ما لديهم من أدلة وبينات ويكفل سلامة التقاضي ويكسب الخصوم ميزة توقع الأحكام بناء على البينات المقدمة وهذا النظام هو لبنة في البناء التشريعي في المملكة، كونها ستحقق نقلة نوعية كبرى في تطوير المنظومة التشريعية والقضائية والعدلية في البلاد، بما يسهم في رفع جودتها وتفعيل قابليتها لدفع عجلة الأحكام، من خلال تعزيز أداء الأجهزة العدلية، ذلك أن هذه الأنظمة ركائز أساسية في تحقيق الشفافية والعدالة. توثيق الحقوق وقال رئيس قسم القانون الخاص بجامعة طيبة د. حسن بن غازي الرحيلي: إن تطور الأعمال والأحداث والمنازعات وتسارعها وتشعبها في الأوقات الراهنة أدّى حتماً إلى كثرة الدعاوى والمخاصمات أمام القضاء كما هو واقع ومشاهد، ومن المتقرر في هذا المجال أن الدعوى ضعيفة وحقيقة بالرد ما لم تتوج بوسيلة من وسائل الإثبات المنصوص عليها في الشريعة أو النظام، ومن هذا المنطلق كان حريًا بكل من له معاملة أو حق أن يحرص على توثيقه أثناء التعامل حفظاً له من الضياع، ولقد قررت أطول آية في القرآن الكريم وهي آية الدين هذا المعنى وحثت على توثيق الحقوق وحفظها وكتابتها والشهادة عليها، كما قرره كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم بوضوح حينما قال: (لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر). التجارب والممارسات وأضاف: استلهم المنظم السعودي هذه المبادئ العظيمة والراسخة في شريعتنا الغراء وبنى عليها نظام الإثبات الجديد مع سعي المنظم وحرصه على إضافة أفضل التجارب والممارسات، ومن أعظم مميزات النظام تقرير الكثير من مبادئ الإثبات القضائي بطريقة واضحة وجلية بما لا يدع مجالاً للتوسع في الاجتهاد، ومن هذه المبادئ النص على عدم جواز أن يقضي القاضي بعلمه، وإمكانية أن يستجوب الخصم خصمه وأن يوجه إليه الأسئلة مباشرة، وإمكانية أن يوجه الخصم للشاهد الأسئلة مباشرة، وأحقية الخصم في أن يطلب من المحكمة إلزام خصمه بتقديم المحررات التي بحوزته، وفي الوقت نفسه لم يغفل النظام كذلك عن منح القاضي الدور الكافي في الإثبات من خلال النص على سلطة القاضي التقديرية في الترجيح بين الأدلة المتعارضة حسبما يظهر له من ظروف الدعوى، وسلطته في استجواب الخصوم وتوجيه الأسئلة للشهود بما يكشف الحقيقة وسلطته في تقدير عدالة الشهود. الدليل الرقمي وتابع د. الرحيلي: أضفى النظام الحجية على صورة المحرر الرسمي بقيود مخففة، وأعطى المراسلات حجية المحرر العادي (العرفي)، واهتماماً بالجانب التقني خصص النظام بابًا للدليل الرقمي وأعطاه حجية المحرر الكتابي بما في ذلك المحرر الرقمي والسجل الرقمي والتوقيع الإلكتروني ووسائل الاتصال الحديثة، وكذلك من المبادئ الحديثة التي نص عليها النظام جواز الإثبات بالعرف بضوابط واضحة، وعدم اعتبار الدفاتر التجارية حجة على غير التجار من حيث الأصل، وغير ذلك من المبادئ التي ستساهم بمشيئة الله وفضله إلى تطور العمل القضائي وتحسين بيئة الأعمال وتيسير سبل الإثبات وتوضيحها. المنظومة التشريعية وأكد أستاذ الأنظمة د. محمد علي عسيري: إن صدور نظام الإثبات يعد نقلة نوعية في إطار عملية التطوير الشاملة التي يقوم بها سمو ولي العهد في المملكة، كما أنه لبنة من لبنات تطوير المنظومة التشريعية والتي ستظهر ثمرته جليًا عند استكمال صدور باقي الأنظمة ( نظام الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية)، إن نظام الإثبات الصادر سيساهم في ضمان تحقيق الشفافية والعدالة إذ إنه يستهدف تحقيق حماية الحقوق للأفراد والممتلكات على حدٍ سواء بما يتواكب مع المستجدات المعاصرة. براءة الذمة وأضاف: من أبرز ملامح هذا النظام التأكيد على أن الأصل براءة الذمة، وأنه يجب على المدعي إثبات دعواه وإلا عد خاسرًا لها، وقد يلزم بتعويض المدعى عليه إذا لم يثبت دعواه، كما أكد نظام الإثبات الصادر على وجوب إثبات الحقوق من خلال الوثائق الورقية والإلكترونية إضافة إلى وسائل الإثبات الأخرى بما يخدم الأفراد في حفظ حقوقهم وجهة القضاء بسرعة الفصل في الخصومات، ومن ملامحه أيضًا بيان آلية الشهادة لا سيما شهادة غير القادر على النطق (الأخرس) والاستجواب واستخلاف المحاكم في أداء الشهادة لمن يقيم خارج نطاق المحكمة، هذا التنظيم من خلال معالجة هذه القضايا يسهم في تطوير جانب التقاضي وفي حفظ أدلة الإثبات حتى وإن وجد الدليل في نطاق محكمة أخرى. د. محمد عسيري د. حسن الرحيلي د. فهد محمود السيسي