تأتي موافقة مجلس الوزراء الموقر على نظام الإثبات وما اشتمل عليه من أحكام تتعلق بالأدلة التي يجوز للخصوم تقديمها أمام القضاء لإثبات حقوقهم والتي يصدر القضاة أحكامهم استنادا عليها، ليؤكد اهتمام القيادة الرشيدة بمنظمومة من التشريعات لتطوير البيئة القضائية السابقة لإيجاد نموذج حديث للتشريعات القضائية والمنظومة التشريعية، بما يرسخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وفق أحكام الشريعة الإسلامية ونصوصها، مع الأخذ بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية ومراعاة التحول الرقمي الذي يشهده القطاع العدلي، وحجية الدلائل الإلكترونية واستخدامها في الإثبات، وبما يسهم في تعزيز العدالة لحماية المجتمع والأفراد والحقوق والممتلكات. ونظام الإثبات يُعد أحد أربعة أنظمة أعلن عنها ولي العهد -حفظه الله- ضمن جهود المملكة في دعم المجال القضائي وتطوير بنيته وهو باكورة هذه الأنظمة الأربعة. كم أن نظام الإثبات استمد أحكامه من الكتاب والسنة، واعتمد على أدلة التشريع الإسلامي المتفق عليها، كما تضمن إفراد باب مستقل للأدلة الرقمية، علمًا بأن النظام سيدخل حيز النفاذ بعد 180 يومًا من نشره في الجريدة الرسمية. ولذا فإن نظام الإثبات وما يتبعه بمشيئة الله من تشريعات ثلاثة أخرى متبقية ستخدم الوطن والمواطن والمقيم. إن اهتمام الدولة بتحديث الأنظمة وإعداد التشريعات المستجدة، له امتداده التاريخي، إذ يأتي هذا التطور التشريعي ضمن مسيرة حافلة بالتأسيس والبناء النظامي، انطلقت منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- لإعداد تشريعات تواكب المستجدات في مختلف المجالات إلى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله ورعاهما-، فقد شهدت المنظومة التشريعية في هذا العهد الزاهر نقلة نوعية محط إشادة وتقدير، الأمر الذي يؤكد اهتمام وعناية القيادة الرشيدة ودعمهم الدائم لعملية تطوير المنظومة التشريعية في المملكة؛ بما يسهم في رفع جودتها وتعزيز أداء الأجهزة العدلية بالنظر إلى أن هذه الأنظمة ركائز أساسية في تحقيق الشفافية والعدالة. ولذا فإن المنجزات التشريعية في الشأن القضائي الرائدة لها أهمية بالغة في تطوير منظومة العمل القضائي في المملكة، وتبرز أهمية مشروعات الأنظمة الأربعة: الأحوال الشخصية، والمعاملات المدنية، والعقوبات التعزيرية، والإثبات، من خلال مواكبتها لمتطلبات الحياة، والتطورات المعاصرة، والأخذ بالمبادئ القانونية المستجدة، ومراعاة التزامات المملكة في المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها، مع الاستفادة من أبرز التجارب الدولية والإقليمية في هذا الشأن، بما يطور منظومة التشريعات القضائية وينعكس إيجابا على مختلف المجالات العدلية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن.