على هذا النحو من الصفاء جاء عنوان النشاط الثقافي الذي أقامه «اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين» بتاريخ 19 ديسمبر 2021م في مقر الاتحاد في العاصمة الأردنية «عمّان»، «العلاقات السعودية الأردنية ومئوية الدولة الأردنية.. تاريخ من التعاون». نشاط ثقافي يمثل نقلة نوعية في إطار الحراك الثقافي الذي يقوده «اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين»، ذلك أنه يؤكد على المرحلة المتجددة بكل ما فيها من عمق ودقة وشمول، المرحلة المتجددة التي توثق المفاهيم الراسخة في فكر الهيئة الإدارية لهذا الاتحاد الماجد بقيادة الأديب الفذ محمود سالم رحال، وتوثق كذلك المفاهيم الراسخة في فكر القائمين على اللجان المختلفة التي شكلها الاتحاد مباشرة بعد تشكيل هيئته الإدارية في دورته الحالية 2021 2023م. المرحلة المتجددة التي لطالما وصفتُ الاتحاد بموجبها بأنه صرح أدبي صادقٌ في اعتمادِهِ للحرفِ النزيهِ المتسمِ بنقاءِ فصاحتِهِ وحسنِ بيانِهِ، فلا حزبيةَ فيهِ، ولا التفاتَ للونٍ، أو عرقٍ، أو جنسٍ، أو مذهبٍ، أو سنْ. وأنه صرح أدبي لافت بأبوابِه المفتوحةِ دومًا لأصحابِ الفكرِ والثقافةِ والأدبِ، دونما مجاملةٍ أو محسوبيات. وأنه صرحٌ أدبي باذخٌ برعايته لأصحابِ المواهب الحقيقية ممهدًا لهم الطريق ليأخذوا مكانهم في ميادين الإنجاز والإبداع. وأنه صرحٌ أدبي ماجدٌ يمد جسور التعاون خارج حدود الأردن جنبًا إلى جنبِ شركاء الحب والعطاء. فكانت أولى انطلاقاته إلى بلد العز والرخاء، بلد الأمن والأمان، بلد الفزعة والنخوة، إلى المملكة العربية السعودية بكل ما فيها من تطور ونماء، ممثلة في حامل نخلتها لدى الأردن سعادة السفير نايف بن بندر السديري. لقد بدا هذا جليًّا في الكلمة الضافية التي تفضل بها الأديب محمود رحال؛ رئيس الاتحاد، مرحبًا بضيفه الكبير، فراح يؤكد أن هذا التوجه في إطار التعاون مع ذوي الفكر والثقافة والأدب، إنما تدعمه مؤسسات الدولة ممثلة في وزارة الثقافة المنفتحة على العالم، ثم راح يعبّق المكان بتحيةٍ ألقةٍ تليق بضيفه الكريم واصفًا إياه بصاحب الكلمة المتزنة، والهمة الملتزمة، والأيادي البيضاء في مد جسور الإخاء بين مملكتين جارتين عظيمتين يربطهما الدم العربي والروح الإسلامية؛ إنه سفير المملكة العربية السعودية سعادة الأستاذ نايف بن بندر السديري، مستذكرًا وقفاته الأدبية بوصفه كاتبًا ذا رسالة أثْرت العديد من المؤتمرات الفكرية، وأيضًا بوصفه دبلوماسيًّا حاذقًا تولى العديد من المناصب السياسية القيادية داخل السعودية وخارجها. ثم انتقل في كلمته الافتتاحية الترحيبية معبرًا عن مكانة السعودية في الوجدان العربي والإسلامي، مشيرًا إلى أن الحديث عن السعودية إنما يأخذنا إلى دولة عربية إسلامية يملؤنا الفخر اعتزازًا بها؛ ليس فقط لما تمثله من حضن دافئ للأمتين العربية والإسلامية، وليس فقط بما تقدمه من دعم وتأييد لقضايانا المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إنما أيضًا بما تمثله من ثقل سياسي كبير على المستوى الدولي بأسره، واكتفى رئيس الاتحاد بالإشارة إلى قيادة السعودية لمجموعة العشرين التي استضافتها الرياض مؤخرًا، والتي شهدت التأثير الإيجابي القوي الذي أحدثه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ يحفظه الله، وسانده في ذلك عضده ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الشاب محمد بن سلمان، الذي قدم لبلاده رؤيته الماجدة (2030) التي مهدت الطريق لتحقيق التقدم للشعب السعودي الشقيق. وختم رئيس الاتحاد كلمته بهمسات ندية تعكس ما يحمله قلبه من محبة ومودة للسفير السعودي قائلًا «ها نحن في هذا المساء العابق نلتقي بضيفنا الكريم على بساط الفكر والثقافة والأدب بروح المحبة والألفة والإخاء»، وأنهى مجددًا الترحيب بسعادة السفير مؤكدًا أن الاتحاد يفرد ذراعيه على اتساعهما لذوي العلم والمعرفة من أبناء الأمتين العربية والإسلامية وفي المقدمة أبناء الشعب السعودي النبيل. وبالمشاعر الجياشة نفسها رحب سعادة الدكتور بكر خازر المجالي؛ نائب رئيس الاتحاد، بضيف الاتحاد الكبير سعادة السفير نايف بن بندر السديري، واضعًا بين يديه معالم العلاقات السعودية الأردنية اللافتة في مختلف الاتجاهات؛ سياسيًّا، واقتصاديًّا، واجتماعيًّا، مؤكدًا أن الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في إطار الرفع من شأن دول المنطقة والأردن إحداها إنما تذكر فتشكر. ومن ثم أفسح المجال لضيف الاتحاد الكبير الذي شنف أسماع الحاضرين بحديثه الشيق المجلل بالمشاعر الدافئة. لقد لفت السفير السعودي أعين الحاضرين وهو يرد التحية بمثلها للاتحاد ممثلًا وزارة الثقافة الأردنية، وفي رئيس الاتحاد وصحبه في الهيئتين الإدارية والعامة، مثمنًا لهم هذه الفرصة الجميلة التي يلتقي من خلالها بذوي الثقافة والأدب في الأردن الغالي. ثم راح بسرده الأنيق المعبق بمشاعره الندية يغوص في عمق العلاقات السعودية الأردنية، موثقًا التحية للأردن في مئويته الأولى وذكرى مئوية تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وتطورها ومسيرة البناء الوطني في البلاد خلال العقود الماضية لم تكن سهلة، لأنها جاءت في ظروف محلية وإقليمية دقيقة، ولكن بالعزيمة والتحدي والإصرار استطاع الأردن بقيادته الرشيدة أن يتجاوز تلك التحديات وينتصر عليها ويحقق للأردن ما هو فيه من استقرار وازدهار. وفي إطار عمق العلاقة التي تربط المملكتين أكد السفير السعودي أن المملكة العربية السعودية تشاطر المملكة الأردنية الهاشمية الاحتفال بذكرى المئوية، والتأسيس، وأردف مؤكدًا أن العلاقات بين المملكتين والأسرتين المالكتين والشعبين الشقيقين علاقات متجذرة وأصيلة من عهد مؤسسّي البلدين جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وشقيقه جلالة الملك عبدالله الأول، واصفًا إياها بأنها علاقات مميزة جمعت بين مملكتين توءمتين متجاورتين تحملان ذات الهوية والجذور والتاريخ والقيم، تمامًا كما تحملان لواء الوسطية والاعتدال في نهجيهما وسياستيهما الحكيمة ومصالحها العليا الواحدة؛ إذ إن كل منهما يرى في الآخر عمقه الاستراتيجي، فهي بالتالي علاقة قائمة على قاعدة صلبة قوامها وحدة الموقف، ووحدة المصير، والهوية المشتركة والأمن الوطني المشترك؛ إذ إن أمن المملكة الأردنية الهاشمية من أمن المملكة العربية السعودية والعكس صحيح. ثم بنشوة الفخار أكد السفير نايف السديري أن الحراك الثقافي السعودي يحتل موقعًا ثقافيًّا متقدمًا من بين دول العالم، وذلك للنقلة النوعية التي يعيشها المشهد الثقافي في ظل ما تشهده المملكة العربية السعودية من معالم التحول التنموي والحضاري منذ إطلاق الرؤية (2030) التي أولتها القيادة الحكيمة ما تستلزمه من رعاية واحتضان وجديّة والتزام، فباتت ممر العبور الآمن لحقبة أكثر نضجًا وتطورًا. * عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين