الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لخدمة اللغة العربية إنما تنطلق في المقام الأول من اهتمام قيادتها الحكيمة بها، وهو ما أعلنه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - إذ قال: «بلادنا المملكة العربية السعودية دولة عربية أصيلة، جعلت اللغة العربية أساسًا لأنظمتها جميعًا، وهي تؤسس تعليمها على هذه اللغة الشريفة، وتدعم حضورها في مختلف المجالات، وقد تأسست الكليات والأقسام والمعاهد وكراسي البحث في داخل المملكة وخارجها لدعم اللغة العربية وتعليمها وتعلمها». ولعل تلك الكلمات الخالدة دليل على الاهتمام باللغة العربية حيث جعلتها لغتها الرسمية ولا غرابة فدولتنا الحبيبة هي منبع العربية ومهبط الوحي، ولذلك نجد الاعتزاز بها والعمل على نشرها. وقد أُصدرت عدد من المراسيم والأوامر والتعليمات تلزم التقيد باللغة العربية ولعلي أذكر منها على سبيل الأمثلة لا الحصر: أولاً: نظام الحكم: نص النظام الأساسي للحكم في المادة الأولى (المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولغتها هي اللغة العربية وعاصمتها الرياض) ثانياً: الأنظمة القضائية: 1- نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 64) تاريخ 14 /7/ 1395ه حيث نص في مادته السادسة والثلاثين على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمحاكم. 2- نظام المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (190) تاريخ 16 /11 / 1409ه والذي ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية المعتمدة في إجراءات نظر الدعوى. 3- نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (200) وتاريخ 28 /7/ 1422ه وينص على الاستعانة بمترجمين إلى اللغة العربية. 4- نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 34) تاريخ 24 /5/ 1433ه الذي ينص على أن العربية هي لغة التحكيم. ثالثاً: الأنظمة التعليمية: نظام مجلس التعليم العالي والجامعات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 8) تاريخ 4 /6/ 1414ه الذي ينص في مادته الحادية عشرة على أن اللغة العربية هي لغة التعليم في الجامعات. كما نصت المادة الرابعة والأربعين من اللائحة الموحدة للدراسات العليا في الجامعات السعودية على أن تكتب رسائل الماجستير والدكتوراه باللغة العربية ويجوز أن تكتب باللغة الأخرى في بعض التخصصات. رابعاً: الأنظمة الإعلامية: نص نظام الإذاعة السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (1004/16/3/7) تاريخ 17 /6/ 1374ه في مادته الخامسة على أن اللغة الرسمية للإذاعة هي اللغة العربية. خامساً: الأنظمة التجارية والمالية: 1- نظام الدفاتر التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 61) تاريخ 17 /12/ 1409ه نص على أن تكون الدفاتر باللغة العربية. 2- نظام السجل التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 1) تاريخ 21 /2/ 1416ه ينص على أن تكون البيانات مكتوبة باللغة العربية. 3- نظام المنافسات والمشتريات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 58) تاريخ 4 /9/ 1427ه الذي ينص على صياغة العقود باللغة العربية. وعطفاً على ما سبق، فإن المكانة الرفيعة للغة العربية، دفعت قيادتنا - حفظهم الله - بالتوجيه للاهتمام باللغة العربية داخل وخارج المملكة، وتعزيز مكانتها وتفعيل دورها إقليمياً وعالمياً، وإبراز دورها الحضاري والإنساني، وأهميتها وعمقها للثقافة العالمية حيث أقر مجلس الوزراء إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وذلك ضمن المبادرات الثقافية التي تنفذها المملكة؛ للمساهمة في إبراز مكانة اللغة وإثراء المحتوى العربي في مختلف المجالات، و"مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية" يُعد إحدى مبادرات الاستراتيجية الوطنية لوزارة الثقافة وحراكها المُنير، ويهدف إلى أن يصبح مرجعية عالميّة من خلال نشر "اللغة العربية" وحمايتها، ودعم أبحاثها وكتبها المتخصصة، إضافة إلى تصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب، وإعداد الاختبارات والمعايير لها، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمتها، وصناعة المدوّنات والمعاجم، وإنشاء مراكز لتعليمها، إضافةً إلى إقامة المعارض والمؤتمرات التي تُعنى بها، وترجمة الإنتاجات المعرفية والعالمية.