تتبع الملحقيات الثقافية خارج المملكة وزارة التعليم إداريًا، وتُعدّ جزءًا من البعثات الدبلوماسية خارج الدولة، ويتمثل دوْر الملحقيات الرئيس في متابعة أمور المبتعثين بالخارج إضافة للتمثيل الثقافي بين المملكة والجهات الأجنبيّة. وللملحقيات دَوْرٌ ثقافي بالغ الأهميَّة، إذ تضطلِع بتصحيح الصورة الذهنية عن مجتمعاتنا في أمريكا والغرب، وتقوم بدَوْرِ حلقة الوصل بيننا وبينهم، فتُعظِّم روابط المشترك الإنساني والثقافي بين المملكة والخارج، ولا يقتصر دَوْرُها على الجوانب الإدارية المتعلِّقة بصرف مُخصصات المبتعثين، وتسجيلهم في الجامعات، ومتابعتهم دراسيًا، أو دعم أندية الطلاب السعوديين بالخارج فقط. وحيث إن الثقافة والتعليم يتكاتفان في تنفيذ سياسات الابتعاث، والتنسيق بين جهاته في المملكة والجامعات والمعاهد في الخارج، وإتاحة المعلومات عن المؤسسات التعليمية المعتمدة بالخارج، فإنّ المهام الثقافية تُعزِّز القوّة الناعمة في الثقافة والفنّ والحضور العالمي في الفعاليات الدوليّة والمعارض. وتسعى وزارة التعليم مِنْ قديمٍ لتوسيع المهام التربوية والتوجيهية والثقافية للملحقيات، والمتتبع لنشاطات الملحقيات الثقافية بالخارج خلال السنوات الثلاث السابقة يشهد حراكًا كبيرًا وحضورًا فاعلاً مُتميزًا للملحقيات بصورة تُعزِّز الحضور الثقافي للمملكة وتتماشى مع دورها السياسي الرائد؛ فنرى جهودًا مكثّفة لمعالي وزير التعليم ونائبه، ومنها على سبيل المثال ورشة عمل بعنوان ( البعد الثقافي ودور الملحقيات في تعزيز الموروث الثقافي للمملكة) والتي شارك فيها 31 ملحقًا ثقافيًا، ونظمتها الملحقية الثقافية في ألمانيا في نوفمبر 2021م، وافتتحها معالي نائب الوزير للجامعات والبحث والابتكار. ولم تكنِ الفعاليات مقتصرة على الورش المباشرة، بل كانت هناك ورش أقيمت افتراضيًا عبر منصّة زووم، مثل الورشة المقدّمة من الإدارة العامة لقياس الأداء ( في أغسطس 2021م). وتؤكِّد تلك الفعاليات والنشاطات على أهمية دور الملحقيات في إبراز مكانة المملكة، وخاصّة في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حيث تشكل الملحقيات الثقافية السعودية بالخارج أهم بوابات المملكة على العالم الخارجي. ولعلّ نجاح الملحقيّات في تلك المهام راجِع أيضًا إلى قيام وزارة التعليم باستقطاب الكفاءات المميزة لإدارة شؤون العمل الثقافي في الملحقيات، ما أسهم في دعم العلاقات مع النخب الثقافية والاجتماعية، وأبرز الوجه الحضاري والاجتماعي للمملكة، إضافة إلى تصحيح الصورة الذهنية عن المملكة وشعبها، إلى صورة تلقي الضوء على الثقافة العربية السعودية وتأثيرها في المجتمع الدولي، بما تملكه من حضور، وما تستثمره من مشتركات إنسانيّة للتواصل بين الشعوب بصورة تكامليّة. ومِنْ بَيْن ما يُعظِّم دَوْر الملحقيات الثقافية ويجعله أكثر حيوية ما يقدّمه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - وولي عهده الأمين من خطط إستراتيجية وفق رؤية المملكة 2030م، تستهدف تمكين المرأة في المناصب الدبلوماسية، وتسمية أكثر من سعودية في منصب الملحق الثقافي، فأثبتن كفاءة وجدارة في تعزيز الأدوار الثقافيّة لملحقياتنا بالخارج. ولا نُغفلُ دَوْر الطلبة المبتعثين في تعزيز التبادل الثقافي مع البلدان المضيفة، فهم يُقدِّمون نموذجًا مُشرِّفًا لرقي أوطانهم ومجتمعاتهم، متسلّحين بالعِلْم والمعرفة التي يكتسبونها في الخارج، ثم يعودون إلى أوطانِهم، ويبذلون في سبيل رفعتها كُلّ نفيسٍ، مقدِّرين ما قدَّمته لهم حكومتنا الرشيدة من تضحياتٍ ودَعْمٍ.