في عام 2011، أعلنت صحيفة نيويورك تايمز عن وصول صحافة الدرون drone. وتعني استخدام طائرات بدون طيار لجمع الأخبار. وتضفي الصور ومقاطع الفيديو من هذه الطائرات منظورًا جويًا فريدًا للتغطية الإخبارية اليومية، مما يسمح للصحفيين بجعل تقاريرهم أكثر عمقاً وثراءً وجذباً وابتكارًا. وقد بدأت غرف الأخبار في استخدام صحافة الدرون للمساعدة في النقل الآمن لوقائع الأحداث التي كان من الصعب حضورها، مثل الاحتجاجات والكوارث البيئية كالبراكين والحرائق والحروب ونحوها. حيث يمكن للطائرات أن تحلق داخل البراكين، تعبيراً عن شهية وسائل الإعلام لنقل الأخبار التي لم تطرق حدثاً أو حالة إلا وتواجدت في قلبها. هل يمكن لوسائل الإعلام الإخبارية استخدام الدرون لإعلام الجمهور بشكل أفضل؟ هل يمكن أن تقدم معلومات جديدة أو تتحرى الوقائع عن بعد؟ في عام 2020، قدرت الشركة المنتجة للدرون وجود 800 مروحية مستأجرة للقنوات التلفزيونية، توفر حوالي 70 إلى 90 ساعة من اللقطات الجوية. وعلق مراسل سي بي إس قائلاً: مع محطات الكابل التي تعمل على مدار 24 ساعة ووجود 190 قناة ومواقع الإنترنت، تتوقف قوة القناة على السرعة في تقديم الأخبار. نحن نتعامل مع جيل الإرضاء الفوري. الناس يريدون ذلك على الفور. بدون الدرون لن تكون قادرًا على المنافسة لأنك لن تكون قادرًا على تقديم الأخبار على الفور. تقدم الدرون مجموعة متنوعة من القصص المصورة المذهلة، إلى جانب التحقيقات التي لا يمكن تقديمها بالكاميرات التقليدية، حيث تخترق الأماكن التي يتعذر علينا الوصول إليها. مثلاً في كينيا، تمكنت الكاميرات من الحصول على هذه لقطات مذهلة من خلال الاقتراب من الحياة البرية للأسود والحيوانات المفترسة. وفي عام 2021، كان الاستخدام الأكثر شيوعًا للدرون هو التصوير الصحفي. تعمل الطائرات بدون طيار كعدسة يتم التحكم فيها عن بعد ويتم التخزين في ذاكرة كاميرا المصور الصحفي. وهو ما يتواءم مع جيل الألفية الذي يميل للمحتوى المرئي، وهذه الطائرات قدرة هائلة على جذب انتباههم وتقديم محتوى متطور لا يستطيع البشر تقديمه. فصور الدرون تختلف عن الصورة التي نلتقطها، المنظر من الأعلى يجعل تصوير حدث بسيط أشبه بالتصوير السينمائي. وهناك قصص أخرى قائمة على البيانات يمكن للدرون أن تساعد الصحفيين على سردها. حيث تم استخدام الدرون لرسم خرائط حرارية، وخرائط ثلاثية الأبعاد للتضاريس، واستشعار التلوث، وكلها فرص للصحفيين المعنيين بالبيانات. وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن العلماء والصحفيين يستخدمون الدرون المزودة بأشعة الليزر لاكتشاف المواقع القديمة عبر آلاف الأميال. قطعا سيتطلب استخدام صحافة الدرون في العالم العربي موافقة الجهات المعنية بتنظيم الطيران والصحافة ومعدات ومعرفة متخصصة، وتوفر الدعم المالي، فالطائرات أنواع والجيد منها مكلف، وربما باهظ الثمن بالنسبة لصحافة باتت تعاني مالياً، بعدما سحبت شبكات التواصل البساط من تحت قدميها. لذا قد يكون مثل هذا الاستثمار بعيدًا عن حسابات العديد من غرف الأخبار والصحفيين العرب حاليا. رغم أن العائد الإعلاني سيكون أعلى عندما تجذب التغطية الجيدة الجماهير ومن ثم المعلنين ويجب على الطيار إبقاء الدرون في مجال رؤيته وأن يتأكد من قدرتها على الهبوط بأمان. قد يكون عمر بطارية الطائرات التجارية للمبتدئين عشرين دقيقة أو أقل. ويكمن "الكابوس" عندما يفرغ شحن الطائرة في منتصف الرحلة. ستسقط من السماء وتصيب من يتواجد تحتها، وربما تقتلهم. وهو ما يتطلب تدريباً تقنياً وإجراءات احترازية. فهل نحن مستعدون لجهيز الجيل القادم من الصحفيين؟ إن استخدام الدرون يعتبر مجالًا متخصصًا نسبيًا، ولكنه يلقى انتشاراً متزايداً. *أستاذ الإعلام بجامعة الملك فيصل أ.د. حسن نيازي