لا شك عندي أنّ أكثر الأطباء والمشافي يقومون بواجباتهم المهنية بضمير وإخلاص، ودون استغلال، ولكن يوجد (بعض) الأطباء والمشافي الخاصة يُتاجرون بصحة الناس، أؤكّد على كلمة (بعض). من حق كل طبيب أن يحصل على حياةٍ كريمة، وأجر يوازي ما بذل من دراسة طويلة مُتعبة، وما يقوم به من جهد وحرص في معالجة المرضى بما يرضي الله -عز وجل-، ومن حقوق المشافي الخاصة، كبيرةً وصغيرة، الحصول على أرباح نظير ما قدموا من رأس مال وإدارة، وبما يضمن لهم وللمجتمع الاستدامة، ويدفع الآخرين، ممن تتوفر فيهم الشروط النظامية والكفاءة، ورؤس الأموال إلى الاستثمار في هذا القطاع الحيوي المهم، ولكن من دون مُغالاة في الأسعار والطلبات كما يفعل بعضهم، من دون استغلال من القِلة يُشوه هذه المهنة الراقية الشريفة، فمن الملاحظ أن بعض المشافي الخاصة تطلب من الأطباء أن يأتوا بالمزيد من المال، ويُشغلوا أقسام المستشفى الأخرى من أشعة ومختبرات، ولبعضهم نسبة مما يدخل خزينة المستشفى عن طريقهم، طبعاً أكثر الأطباء لا يوافقون، لكن بعضهم يوافق فوراً، فيطلب من المرضى إجراء أشعة وتحاليل وربما فحوصات أخرى، مع أنه يدري أن حالاتهم لا تستدعي ذلك، هذا التصرف غير الأخلاقي يضر المرضى من ناحيتين، دفع المزيد من المال بلا جدوى، والقلق على وضعهم الصحي، حتى تظهر النتائج، كما أن أضرار الأشعة وبعض الفحوصات غير الضرورية لا تخفى، وشركات التأمين بدورها تتأذى، وتدفع مبالغ من دون حق، وتضطر لرفع قيمة التأمين، فيتعدى الضرر لعدة أطراف. ومن أساليب الاستغلال الأخرى عند بعض المشافي الخاصة وبعض الأطباء، حتى في عياداتهم الخاصة، ربما كان الاتفاق مع بعض شركات الأدوية والصيدليات، على صرف أدويتها رغم وجود بدائل مماثلة أرخص منها بكثير، بل قد يزيد طبيب من هذا النوع، عدد الأدوية التي يصفها للمريض، وهو يعرف أنه لا لزوم لها، لمجرد تنفيع الشركة المتفق معها على نسبة، وصيدلية المستشفى، أو التي تحت عيادته، وقد تكون له.. أمثال هؤلاء ليسوا كثيرين والحمدلله، لكنهم موجودون، وهم رغم قلتهم فإنهم باستغلالهم يشوهون، لدى من لا يميزون، سمعة الكثرة من الأطباء الشرفاء والمشافي الملتزمة، فإن تفاحة واحدة فاسدة قد تخرّب كثيرًا من التفاح السليم في الصندوق إذا لم يتم إزالتها. كما أن بعض أطباء الأسنان يغالون في أسعارهم، ويوهمون المراجعين بوجود خلل في أسنانهم غير موجود، لمجرد الحصول على المزيد من النقود وزيادة معاناة المريض من كل النواحي، وهؤلاء ليسوا أمهر من غيرهم، بل هم أردى في الغالب، لكنهم يسوقون أنفسهم، ويحققون مآربهم بكثرة الإعلانات وفخامة الديكور والموقع، وهذا ينطلي على كثير من الناس، فالمظاهر خدّاعة وأساليب الاستدراج والاستغلال كثيرة، وتحتاج في كشفها إلى وعي المراجعين، ودقة الجهات المعنية في المراقبة والتفتيش. الطب، كأي مهنة أخرى، فيه الصالحون والطالحون، ورغم قلة الآخرين إلا أنهم قد يشوهون هذه المهنة الراقية ويؤذون الجميع.