توصّل الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، إلى اتفاق بشأن عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة السودانية، وإطلاق سراح القياديين المدنيين المعتقلين منذ الانقلاب العسكري الشهر الماضي، بحسب ما ذكر وسطاء الأحد. وكان البرهان قاد انقلاباً في 25 أكتوبر، خلال مرحلة انتقال هشة في السودان. وقد اعتقل معظم المدنيين في السلطة وأنهى الاتحاد الذي شكله المدنيون والعسكريون وأعلن حالة الطوارئ. وقال أحد الوسطاء السودانيين فضل الله بورمه -أحد قادة حزب الأمة- لوكالة الأنباء الفرنسية: "تم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الفريق أول برهان وعبدالله حمدوك والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني على عودة حمدوك إلى منصبه، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين". وأصدرت مجموعة وسطاء سودانيين، من بينهم أكاديميون وصحافيون وسياسيون، انخرطوا في محادثات وساطة للتوصل إلى اتفاق منذ اندلاع الأزمة، بياناً حدد النقاط الرئيسة للاتفاق. وهي تشمل إعادة حمدوك إلى منصبه كرئيس للوزراء والإفراج عن جميع المعتقلين، وما قالت إنه استئناف التوافق الدستوري والقانوني والسياسي الذي يحكم الفترة الانتقالية. وكانت عودة حمدوك، الاقتصادي الذي تلقى تعليمه في بريطانيا وعمل في الأممالمتحدة ومنظمات إفريقية، إلى رئاسة الحكومة مطلباً رئيساً للمجتمع الدولي. وأضاف بيان الوسطاء أن الاتفاق تم التوصل إليه بعد اتفاق بين فصائل سياسية وجماعات متمردة سابقة وشخصيات عسكرية. وأشار البيان، إلى أن "الاتفاق سيعلن رسمياً في وقت لاحق بعد توقيع شروطه والبيان السياسي المصاحب". وأعلن الاتفاق قبل احتجاجات دعا إليها ناشطون مؤيديون للديموقراطية ضد الانقلاب العسكري، وهي الأحدث في سلسلة من التظاهرات التي قتل فيها 40 شخصاً على الأقل، وفقاً لمسعفين. وشهد الأربعاء 17 نوفمبر سقوط أكبر عدد من القتلى بلغ 16 شخصاً معظمهم في ضاحية شمال الخرطوم، التي يربطها جسر بالعاصمة السودانية، حسب نقابة الأطباء المؤيدة للديموقراطية. وفي تغريدة على تويتر، دعا تجمع المهنيين السودانيين الذي لعب دوراً محورياً خلال الانتفاضة التي أدت إلى إسقاط عمر البشير في أبريل 2019، إلى مجموعة من التجمعات طوال الأسبوع من بينها تظاهرة "مليونية" حاشدة الأحد. وتؤكد الشرطة أنها لا تفتح النار على المتظاهرين، وتبلغ حصيلتها وفاة واحدة فقط وثلاثين جريحاً في صفوف المحتجين بسبب الغاز المسيل للدموع، في مقابل إصابة 89 شرطياً. وتظاهر مئات في مدينة الخرطوم بحري شمال شرق العاصمة السبت، ووضعوا حواجز على طرق وأضرموا النار في إطارات مطاط، وفق مراسل الوكالة. وهتف المتظاهرون بشعارات ضد الحكم العسكري. وخلال التظاهرات في شمال الخرطوم السبت، أحرق مركز للأمن في خرطوم، ولم يتضح على الفور المسؤولون عن الحادثة، فيما تبادلت الشرطة والمتظاهرون تحميل المسؤولية. وكانت حركة المرور أمس، تجري بسلاسة في أنحاء الخرطوم وفتحت الشوارع إلى حد كبير، في مشهد مختلف عن أيام الاحتجاجات الجماهيرية التي تكون الشوارع الرئيسة مغلقة فيها، وفقاً لمراسل من الوكالة. وللسودان تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية وقد تمتع بفترات نادرة فقط من الحكم الديموقراطي منذ استقلاله عام 1956. وأصبح البرهان الذي خدم في ظل حكم البشير الذي استمر ثلاثة عقود، رئيس السودان بحكم الأمر الواقع بعدما أطاح الجيش الرئيس وسجنه في العام 2019. وترأس الفريق أول البرهان مجلس السيادة الذي ضم شخصيات عسكرية ومدنية، مع حمدوك رئيس الحكومة. لكن الانقسامات العميقة والتوترات المستمرة بين الجيش والمدنيين أثرت سلباً على المرحلة الانتقالية، وقد تكللت بانقلاب عسكري قاده البرهان الشهر الماضي. ويؤكد البرهان أنه لم يفعل سوى "تصحيح مسار الثورة". وشكّل البرهان مجلس سيادة انتقالياً جديداً استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير (ائتلاف القوى المعارضة للعسكر)، واحتفظ بمنصبه رئيساً للمجلس. كما احتفظ الفريق أوّل محمّد حمدان دقلو، قائد قوّات الدعم السريع المتّهمة بارتكاب تجاوزات إبّان الحرب في إقليم دارفور خلال عهد البشير وأثناء الانتفاضة ضدّ البشير، بموقعه نائباً لرئيس المجلس.