كثيراً ما شاهدت بذور التسامح تغرس من جذورها في بيئات مليئة بالمحبة تدرك قيمة الإنسان، وكيف هو تأثير المحبة على أفرادها فعلاً فكانوا يمتلكون قوة التسامح و قوة الحضور. سعدت بتواجدي في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في الملتقى الرابع الذي خصص لتعزيز ثقافة التسامح وتأثيره على المجتمع فكان عنوانه دور الجهات الحكومية والمجتمعية في تعزيز ثقافة التسامح، جميل أن نشاهد مثل هذه المبادرات التي تحرك وتعزز القيم الجميلة والإنسانية التي بدورها تجعلنا نتوسع في تعاملاتنا وتصرفاتنا بنبل وحب وعطاء. معنى التسامح عميق جداً هو يخاطب الإنسان فينا من الداخل يتشكل من الأساس من الأسرة التي تعتبر النموذج الأول الذي يتعلم منه الفرد إن وُجدت الأسرة القادرة على الاحتواء والمحبة الحاضنة لأبنائها بحب واحترام استطاعت أن تزرع فيهم المعنى الحقيقي للتسامح. لا نستطيع أن نقول للأفراد تحلو بالتسامح وهم لم يدركوا معنى الحب والاحترام لذا دور الأسرة كبير جداً في تعزيز هذا المفهوم. التسامح يجعلنا نذوب الكره والبغضاء والعنصرية ويجعلنا نسيجاً واحداً في الإنسانية ويجعلنا نتقبل كل مختلف عنا وهذا دورنا أيضاً أن نبدأ بالتسامح مع ذواتنا من يستطيع أن يكون مرناً مع ذاته ومتقبلاً لها يستطيع أن يكون مرناً ومتقبلاً أيضاً للآخر. أغلب الذين لا يستطيعون تطبيق التسامح أو احترام وجهات النظر المختلفة أو تقبل الثقافات والعادات المختلفة عنهم يعانون من الداخل مع ذواتهم لأنهم لم يتعاملوا معها بالتسامح والصفح والمرونة لذا لا يستطيعون تطبيقة مع الآخرين. عندما ندرك أن الحياة هي عملية تكاملية وتفاعلية مع بعضنا، الكل يؤثر في الكل ندرك أهمية التسامح مع الآخر وندرك أن العيش الطيب والكريم يتطلب ذلك، ما نصنعه هنا نجد مردوده في حياتنا إن خيراً فخير وإن شراً فشر وهذا أحد قوانين الله في الكون، وديننا وشريعتنا الإسلامية وجميع الأديان نادت بالتسامح واللين والمحبة ونبذ الكره والتكبر والجفاء. لذا جيد أن نسأل من أين تأتي العنصرية ومن يغذي ذلك؟ هل هي المفاهيم المغلوطة للقوة والضعف؟ فربما البعض يصر على الخصام والعداوة معتقداً بقوته وجبروته ويعتبر التسامح أو العفو ضعفاً وهنا نحتاج تصحيح المفاهيم المغلوطة التي نعتقد بها. لنشاهد صورة واحدة من صور عديدة موجودة في السوشل ميديا وحالة التنمر والغضب المشحون لندرك أن هناك شيئاً أعمق من تحدثنا عن التسامح نظرياً، نجد أن هناك فراغاً داخلياً يعاني منه الكثير وكأنه حالة تشتت بين القيم العميقة وبين إثبات الذات وبين الضعف في حالة الوعي للإنسان وهنا نحتاج إعادة الخطاب أو التوعية أو الوسيلة في تعزيز مفاهيم عديدة من ضمنها التسامح وأكيد هذا دور المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية لكن بصورة عميقة تحرك الشعلة الإنسانية في داخلنا. المجتمع والحمد الله فيه الكثير من الخير، فقط نحتاج توسيع هذا الخير والحب بيننا وندرك حقيقة أننا كلنا في مركب واحد.